تناقل عدد من الشركات والمواقع الإلكترونية المتخصصة برحلات الطيران حول العالم خبر تدشين أول رحلة مباشرة للخطوط السعودية من المملكة إلى مطار لوس أنجلوس في أمريكا مؤكدة أنها دخلت تاريخ الطيران، وأثارت ضجة إعلامية كبيرة؛ إذ أشارت في تقاريرها إلى أنها تعتبر الرحلة الأولى تاريخياً والأطول بين الرحلات المباشرة في العالم؛ إذ استغرقت 16 ساعة و55 دقيقة، كما أن الخطوط السعودية كسرت الرقم القياسي لإحدى شركات الطيران الخليجية للمطار نفسه، التي كانت تعتبر الأطول بزمن 16 ساعة و20 دقيقة. الرحلة المشار إليها كان على متنها مدير عام الخطوط السعودية المكلَّف الأستاذ عبدالعزيز الحازمي, و تناوب على قيادتها أربعة طيارين، هم الكابتن يحيى صباغ، الكابتن ممدوح علاف، الكابتن إسماعيل كشي والكابتن عصام البرادعي، إضافة إلى 17 مضيفاً وموظفة، وحلقت فوق أكثر من 20 دولة وولاية، هي: السعودية، مصر، قبرص، اليونان، بلغاريا، صربيا، النمسا، ألمانيا، هولندا، اسكتلندا، المحيط الأطلسي، أيسلندا، جرين لاند وكندا. وفي أمريكا قطعت الطائرة ست ولايات، هي: داكوتا الشمالية، داكوتا الجنوبية، ايو منغ، يوتاه ونيفادا، وصولاً إلى ولاية كاليفورنيا. وكانت الطائرة تحمل من الوقود ما يزيد على 140 طناً ؟! 70 عاماً من الخبرة مع كل هذا الوقت المستغرق وهذه المسافة البعيدة جداً فإن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هنا: ماذا عن مستوى السلامة على متن هذا النوع من الطائرات من طراز بوينج (B777 -300 ER)، الذي أهَّلها لتحقيق هذا النجاح في تشغيل هذه الرحلة غير المسبوقة للخطوط السعودية؟ وهذا يقودنا أيضاً إلى ضرورة معرفة إلى أين وصلت مستويات الصيانة لطائرات الخطوط السعودية اليوم. أسئلة حملناها إلى مساعد المدير العام للخطوط السعودية التنفيذي للعلاقات العامة الأستاذ عبدالله بن مشبب الأجهر. الرحلة الشهيرة الأجهر قال في حديث خاص ل(الجزيرة) من على متن الرحلة الشهيرة: «بداية، نشكر (الجزيرة) على تناول هذا الموضوع المهم عن السلامة على متن طائرات الخطوط السعودية، وأود التوضيح أن ما يقارب 70 عاماً من التجارب والخبرات التي اكتسبتها الخطوط السعودية ساهمت بها في تحقيق قفزات كبرى في تحسين مستوى السلامة داخلياً وإقليمياً بل عالمياً، من خلال عضويتها في العديد من الهيئات والمنظمات العربية والدولية. ولا يتوقف دور الخطوط السعودية عند هذا الحد، بل إن مشاركتها في معظم المحافل والمؤتمرات والندوات الدولية والتطوير المستمر لقطاعي الصيانة والسلامة جعلتها تحتل مكان الصدارة في مجال السلامة التشغيلية والصيانة على جميع الناقلات العالمية، وحصلت على العديد من الرخص والشهادات العالمية في هذا المجال». أفضل وسائل للنقل وتابع بقوله: «أود أن أقول لجميع المسافرين على متن طائرات الخطوط السعودية: نأمل أن تحوز خدماتنا رضاكم، واستمتعوا بجل وقتكم عندما تكونون مسافرين على متن أسطول طائراتنا الحديثة، فأنتم في أفضل وسائل النقل أمناً - بعون الله - وأكثر وسائل النقل ترفيهاً، وما عليكم إلا أن ترفعوا ستارة النافذة وتستمتعوا بالنظر إلى ملكوت الله - عز وجل - أو الاستمتاع بما تقدمه مختلف (السعودية) من وسائل راحة وبرامج ترفيهية ووجبات ذات طابع خاص بها». أصعب اللحظات مسؤولو الخطوط السعودية سهّلوا تجول «الجزيرة» من خلال متابعة وجهود مستشار العلاقات العامة للعلاقات الإعلامية والإنتاج الأستاذ وليد العلومي على متن الطائرة الحدث، بداية من غرفة القيادة حتى مؤخرة الطائرة. وقال الكابتن محمود علاف: إن أصعب ثماني دقائق في زمن الرحلة التي استغرقت 17 ساعة تشمل مرحلتَي الإقلاع والهبوط، وهي مقسمة كالآتي (الدقائق الثلاث الأولى عند الإقلاع وضرورة التأكد من توافر بيئة السلامة الآمنة خلال إقلاعها من مدرج محطة المغادرة وارتفاعها التدريجي). مرحلة الهبوط أما الدقائق الخمس الأخرى الصعبة فهي الأخيرة من عمر الرحلة، وهي مرحلة الهبوط، التي تعتبر أكثر مراحل الرحلة أهمية للطيار. وبالأخص عندما تكون تلك المحطة أحد المطارات الدولية المزدحمة بالحركة الجوية الكثيفة. هذا إذا ما تزامن معها وجود بعض المعوقات المناخية التي تتطلب من قائد الطائرة أن يكون في قمة إدراكه الحسي للتعامل موقفياً معها وتجاوباً لحظياً مع توجيهات المراقب الجوي وتنسيقاً فعالاً مع مساعده لتسخير تلك التقنيات للهبوط بطائرته بسلام في محطة الوصول. عبور الأجواء وبشأن عملية متابعة الطائرة جواً، وخصوصاً أنها عبرت أكثر من 20 دولة وولاية، أفاد الكابتن يحيى صباغ بأن للمراقب الجوي دوراً رئيسياً في التنسيق مع المراقب الجوي الذي يليه في البلد الآخر، الذي ستعبر الطائرة أجواءه، وهكذا تتم عملية تتابع تنسيق المراقبين الجويين مع قائد الطائرة إلى أن تصل الطائرة بحفظ الله إلى بلد المقصد. المراقبة الجوية وأفاد الكابتن عصام البرادعي بأنه في بداية أي رحلة لا بد أن يكون هناك تنسيق فعال بين قائد الطائرة والمراقب الجوي، وهو أحد أهم عناصر سلامة الرحلة للوصول إلى وجهتها بسلام. فدور قائد الطائرة يتمثل في التقيد بإرشادات المراقب الجوي، الذي يتجسد دوره في إزالة العديد من المخاطر التي قد يكون لها تأثير سلبي على سلامة الطائرة منذ تحركها من بوابة المغادرة إلى توقفها عند بوابة الوصول، ومنها على سبيل المثال تنظيم حركة الطائرات على الممرات الأرضية والجوية. وتابع: يقوم قائد الطائرة بتزويد المراقب الجوي ضمن الحيز الذي يمر فيه بمعلومات عن مناطق المطبات الجوية والدوامات الهوائية والحزم الرياحية غير المرئية، وكذلك شدة تأثيرات العواصف الرعدية لكي يجنب الطائرات الأخرى التي تكون في ذات الحيز الوقوع فيها. فكلما كان هناك تواصل فعال بين قائد الطائرة والمراقب الجوي وُجد المناخ الأفضل للحفاظ على سلامة الرحلة، وكذلك سلامة الرحلات الأخرى. رحلة آمنة وفي إجابة عن سؤال عن طول الرحلة، وهل الطيران صباحاً آمن أم الطيران ليلاً؟ فأجاب قائد الطائرة: ليس هناك خطورة من السفر بالطائرة، سواء كان وقت الرحلة نهاراً أو ليلاً، مقارنة مع وسائل النقل الأخرى. فالطائرة أكثر وسائل النقل أمناً على الإطلاق. وبخصوص السفر في النهار أو في الليل، فإن الطيار لا يعتمد على التضاريس أو العلامات الأرضية أو على النجوم كما كان السفر في الماضي، بل إنه يعتمد على أجهزة الطائرة المزودة بأحدث التقنيات، التي تستمد معلوماتها الملاحية من الأقمار الصناعية أو محطات استقبال وإرسال أرضية؛ لذلك فلا يوجد تأثير على سلامة الطيران، سواء كانت الرحلة في النهار أو في الليل. الطيار الآلي وأجمع فريق قيادة الطائرة على أن الطيار الآلي ليس إلا إحدى التقنيات المهمة لتسهيل مهام قائد الطائرة؛ فهو يتلقى تعليماته آلياً من العديد من مصادر معلومات الطائرة الداخلية، وأهمها جهاز إدارة نظم الملاحة الجوية، الذي يعتمد على المعلومات المُدخلة من قِبل طاقم مقصورة القيادة، ويحدد موقع الطائرة آنياً عن طريق الأقمار الصناعية ومحطات الملاحة الأرضية، كما أن الطيار الآلي يتلقى أوامره التنفيذية من قِبل قائد الطائرة، ويتم متابعة أدائه الملاحي من محطة المغادرة إلى محطة الوصول من قِبل كلٍ من قائد الطائرة ومساعده. وعن حالات فصل الطيار الآلي أفاد الكابتن علاف بأن هناك حالات نادرة جداً، تتمثل في تعرُّض الطائرة لمطبات هوائية قوية وقاسية جداً. اليابسة والماء كما طُرح سؤالٌ بخصوص أيهما أسلم للطائرة والمسافر، الطيران فوق الماء أم فوق اليابسة؟ فأجاب الكابتن علاف: بالنسبة للطائرة، لا يوجد فرق بين تحليقها فوق الماء أو فوق اليابسة؛ فخصائص الغلاف الجوي (مجال عبور الطائرة) لا تتغير باختلاف الماء عنه في اليابسة، لكن هناك متطلبات سلامة إضافية للطيران فوق البحار والمحيطات، إما بزيادة عدد المحركات كما هو الحال في الطائرات ذات المحركات الأربع، التي تضمن مواصلة الطائرة إلى وجهتها في حالة توقف أحد محركاتها بسبب خلل فني، أو من خلال الطائرات الحديثة ذات المحركين المزودة بأحدث التقنيات التي تضمن عند توقف أحد محركَيْها مواصلة الرحلة لأقرب مطار بمحرك واحد، وقلما يحدث هذا، إضافة إلى أنه من الضروري أن يكون سجل صيانة الطائرة على مستوى متقدم، ولم تسجل مشاكل. وأيضاً من متطلبات السلامة الإضافية للطيران فوق البحار والمحيطات تزويد الطائرة بوسائل إنقاذ بحرية إضافية، تشمل قوارب نجاة ومستلزماتها بهدف استخدامها في حالة هبوط الطائرة الاضطراري على سطح الماء - لا قدر الله. المطبات الهوائية الكابتن البرادعي تولى شرح عملية المطبات الهوائية التي تتعرض لها الطائرة أثناء الطيران بقوله: هناك العديد من العوامل التي تسبب المطبات والدوامات الهوائية، نذكر منها مرور الطائرة بالقرب من العواصف الرعدية، أو مرورها خلال تيارات هوائية شديدة السرعة، أو خلال بعض الجبهات الهوائية، أو تعرضها لتيارات هوائية جبلية نتيجة اصطدام الرياح السطحية الشديدة السرعة بالمرتفعات الجبلية. ومع ذلك، فالمطبات الهوائية لا تُشكل أي خطر إطلاقاً على الطائرة، وكل ما ينتج منها ليس إلا هو نوع من الإزعاج لركاب الطائرة نتيجة ارتجاج جسم الطائرة، التي صُممت لتحمُّل أعنف المطبات الهوائية التي قلما تحدث، وكل ما على الراكب فعله هو ربط حزام مقعده والبقاء مطمئناً، فليس هناك أدنى خطر على سلامته منها بإذن الله. الفحوصات الطبية وعن الفحوصات الطبية والوجبات التي تقدم لكابتن الطائرة ومساعده، وهل يوجد اختلاف؟ أجاب الكابتن إسماعيل كشي بأنه لا يوجد اختلاف. لكن حسب الأنظمة المتبعة، فإنهما لا يتناولان وجبة من نوعية واحدة. فمثلاً (لو اختار الكابتن وجبة لحم، مساعده يسمح له باختيار أي وجبة أخرى لا تحتوي على لحم)؛ وذلك تفادياً لحدوث حالة تسمم لا سمح الله. ونفى أنه يوفَّر لهما وجبات خاصة تختلف عن باقي الركاب. وبخصوص الفحوصات الطبية قال: نعم، يخضع الطيار المؤهل للعديد من الفحوصات الدورية المختلفة. استهلاك الوقود الكابتن كشي تناول موضوع ارتفاع الطائرة، وقال: كلما زاد ارتفاع الطائرة قلت نسبة المخاطر التي قد تعترض الطائرة، كمخاطر الاصطدام بالطيور أو مجابهة العواصف الرعدية، وكذلك قلة أعداد الطائرات العابرة على تلك الارتفاعات العالية. كما أن عبور الطائرة على ارتفاعات شاهقة يقلل من استهلاك الطائرة للوقود؛ ما يوفر كمية أكبر من الوقود تسمح للطائرة بمواصلة الطيران على الرحلات الطويلة دون الاضطرار للهبوط في محطات أخرى للتزود بالوقود. معيار السلامة وفي استفسار عن تأخير وإلغاء بعض الرحلات، وهل هذا مؤشر لتدني مستوى الصيانة لأي شركة طيران؟ أفاد الأجهر: لا بد ألا ينزعج المسافر الكريم عندما يكون في صالة المطار أو على متن الطائرة ويتم إعلان تأخير الرحلة بسبب سوء الأحوال الجوية أو بسبب خلل فني في الطائرة، وكذلك لا ينزعج عندما تعود الطائرة من المدرج؛ فكل ذلك يحدث لجميع الناقلات الجوية، وفي كل البلدان دون استثناء. فكلما ارتفع معيار متطلبات السلامة التشغيلية للناقل الجوي زادت مثل هذه الحالات؛ إذ لا تهاون أو مساومة على معايير السلامة؛ فهناك أنظمة وقوانين دولية صارمة، تُخضع هذه الناقلات للتقيد الدقيق بمتطلباتها حفاظاً على سلامة الراكب، رغم ما تسببه من تكاليف باهظة تتكبدها تلك الناقلات الجوية بصدر رحب، وفي مقدمتها الخطوط السعودية. متطلبات صارمة ختاماً، أكد الأجهر أن الطائرات بصفة عامة يجب أن تتخطى معايير السلامة المطلوبة؛ إذ تخضع جميعها لفحوصات ومتطلبات صارمة قبل السماح لها بالطيران. واستدرك بقوله: لكن، قد يكون هناك تفاوت في مستوى فعالية أداء الطائرات. فالطائرات ذات المحركات النفاثة أكثر فعالية منها من ذات المحركات المروحية، وكلما زاد عدد المحركات تزداد معها فعالية الطائرة. مضيفاً بأن بعض الشركات المصنعة للطائرات تتفوق تقنياً عن الشركات الأخرى، وذلك بتزويد طائراتها بأحدث وسائل التقنية الحديثة التي تقلل من حدوث أخطاء العنصر البشري، وفي مقدمتها أسطول الخطوط السعودية، وكذلك إضفاء المزيد من وسائل الترفيه والراحة.