كان العرب قديماً يتناقلون الشعر مشافهةً دون التدوين لامتلاكهم ذاكرة في الحفظ قوية دون النسيان وهي خاصية امتازوا بها، وكانوا كذلك يغرقون في الوصف للمحبوب خصوصاً في تداولهم للشعر ولذلك شعراؤهم أتوا مبدعين في قصائدهم ومسامراتهم ومناسباتهم الاجتماعية المختلفة. خاصية الوصف الشعري أتت منذ القدم، حيث إن الشعراء قديماً أغرقوا نصوصهم الشعرية وصفاً هو أشبه بالخيال منه للحقيقة، فصور الشعراء تلك الفاتنة ووصفوها بأوصاف غارقة توحي للمتلقي بأنها فائقة الجمال ولا يضاهي جمالها أحد، وهنا أقول بأن الوصف بشكلٍ عام يأتي بعد قناعة الشاعر بما يقول آنذاك بل هيامه الذي سيطر على أفكاره وطغى على مشاعره ليجعله بالتالي يغرق. ولم يكن الوصف الشعري حديث الظهور بل كان منذ القدم لأن الشعراء القدامى كانت حياتهم مشتملة على الحب والهيام والحزن والتعب الذي يصورونه في قصائدهم، مع استلهامهم الطبيعة التي يعيشون فيها بجمالياتها ورقتها، خصوصاً وأن ذلك الحبيب يسكنها، فيرونه جميلاً ويصورونه بأعذب صور الجمال الفاتن. ولعله الأهمية هنا هو أن أهم غرض شعري لديهم هو الشعر العاطفي الذي يحمل في ثناياه الوصف والتصوير مما جعل ذلك المجتمع يأنس بشعرائه في مسامراتهم ومجالسهم ومناسباتهم خصوصاً إذا كان الشعر عن العاطفة والوجد والتوجد. معاناة الحب والهيام قديماً أتت من حس صادق ومشاعر صادقة لدى الشاعر الذي افتتن بمحبوبته فقال فيها أعذب القصائد وصورها بأجمل الصور لأنها هي الوحيدة له في بيئته وكونه لا يرى غيرها في جمالها وعذوبتها ومشاعرها، ومن هنا أتى الوصف الشعري قديماً صادقاً ورائعاً قرأناه في العديد من قصائد الشعراء القدامى المبدعين الذي أثروا ساحة أدبنا الشعبي بقصائدهم العاطفية. أخيراً: تاه المسا ضاعت معالم سنا الضي جاعت عيون ومات في موقها النور كنك رسمت أقواس وجهي على يدي وكنه طغى فيك الجفا عند وغرور