الفقيد "الخويطر" أحد رجالات الدولة الذين خدموا دينهم ومليكهم وبلادهم بكل تفانٍ وإخلاص. ولد الراحل في مدينة عنيزة عام 1925، ودرس فيها الابتدائية والمتوسطة، ثم انتقل إلى المعهد العلمي السعودي بمكة المكرمة لإكمال دراسته الثانوية، ثم ذهب إلى القاهرة ولندن لمواصلة دراساته العليا في التاريخ والفلسفة. ويعد الخويطر أول سعودي يحصل على الدكتوراه من بريطانيا في عام 1960. عيّن بعدها أميناً عاماً لجامعة الملك سعود، ثم وكيلاً للجامعة عام 1381ه، وانتقل منها رئيساً لديوان المراقبة العامة لمدة عامين، ثم وزيراً للصحة، وزير الشؤون الاجتماعية وزير المالية ووزير للعمل وزير الزراعة. فوزيراً للمعارف وزير التعليم العالي وفي عام 1416ه عيّن وزيراً للدولة وعضواً في مجلس الوزراء. كما كان عضواً في كثير من اللجان والهيئات الوطنية العليا. ويعتبر الراحل عميد الوزراء السعوديين، وعاصر خمسة من ملوك السعودية، بدءاً بالملك سعود ثم الملك فيصل ثم الملك خالد والملك فهد -رحمهم الله- والملك عبدالله -حفظه الله-. وقال الملك فيصل بن عبدالعزيز: «الخويطر ثروة وطنية فلا تفرطوا فيها». ومن نتاجه الأدبي خمسة مجلدات بعنوان: «أي بني»، وهي موسوعة تراثية كاملة، ومن مؤلفاته كتاب «وسم على أديم الزمن»، وهو عبارة عن سيرة ذاتية، وكذلك كتاب «النساء رياحين»، تحدث فيه عن تأثير المرأة ودورها. أما مؤلفه «دمعة حرى» فكان إقراراً منه بتقبل حقيقة الموت، إذ ذكر فيه أنه لا ينجو منه أحد سواء أكان إنساناً أم حيواناً أم طيراً أم سمكاً، بل إن الجماد يبلى، وبلاه موت، ولا يبقى إلا وجه ربك ذي الجلال والإكرام، كما ذكر فيه أن بعض الناس يكتم ويتصبر، ويسلم بإرادة الله، وبعضهم يشل تفكيره، وتتمرد عليه حواسه، فينهار ويتدفق الحزن من شآبيب الدموع. وعندما نتحدث عن الدكتور الخويطر فهو شخصية غير عادية، شخصيّةٌ محبةٌ للعلم والعلماء أثرت الحركة التعليمية في المملكة، وبلغت أعلى المراكز في الدولة فأصبحت رمزاً من رموز هذا الوطن. فالخويطر كان شجاعاً، كريماً، متواضعاً، حريصاً على سمعة الوطن وما يقال عن أهله، أميناً يحافظ على أموال الدولة، أنموذجاً رائعاً في إدارته وتعامله وسلوكه وتواضعه، مُجتهداً ومثابراً ومخلصاً لدينه أولاً ثمّ وطنه وأمته. كما أنه رجلٌ شهد له الناس بالنزاهة والأمانة والفضل وطهارة اليد ونقاء القلب واللسان، وما كانوا ليجمعوا على باطل لأنه من الرجال الذين أعانهم الله على الصدق والأمانة. ويعتبر الخويطر رجل التعليم الأول بالمملكة أيام "المعارف" حيث كان أنموذجاً في الحزم والجديّه والأمانة؛ ولا غرابة فرجل العلم المخلص المنضبط حين يتحمل المسؤولية ينشد الجدية لطلابه "قادة المستقبل وبناة الغد. وقبل تعيينه وزيراً للمعارف وعندما كان وكيلاً لجامعة الملك سعود كان حازماً في عمله، ويسعى أن تكون الجامعة أنموذجاً في الضبط والأمانة والإعداد الجاد، وقد رأى الثمار اليانعة وجميعنا نفخر بجامعة الملك سعود وما خرجته من رجال ساهموا وما زالوا يساهمون اليوم في بناء الوطن. وكان الخويطر - وهو المشهور بالحزم في الأمور المالية - كريماً سخياً في الإنفاق على الجانب الفكري والعلمي، فقد شجع على إعطاء المزيد من المكافآت لأعضاء الأسر من أساتذة الجامعات والموجهين والمعلمين الذين لديهم القدرة على الكتابة والتأليف. وبذلت الوزارة ورجالها وعلى رأسهم معالي الدكتور الخويطر الجهود الموفقة وأكدوا على أهمية المعلمين، وأصروا على ضرورة افرادهم بكادر خاص يضم فيه الراتب الأساس مع البدلات التي تمنح لهم ليستفيدوا عند التقاعد بأكبر قدر ممكن، وفي عام 1407 ه صدر الامر السامي الكريم بأن يكون الحد الأدنى للمؤهل العلمي للمعلمين هو الجامعة، وتحولت بناء على ذلك الكليات المتوسطة لإعداد المعلمين إلى كليات جامعية، صار اسمها "كليات المعلمين ، وكان يهتم بالمشروعات ويؤكد عليها باستمرار، فالبيئة التعليمية الجاذبة أساس في نجاح التعليم. فخالص عزائي وصادق مواساتي لابن الفقيد محمد وأخواته وزوجة الفقيد وأسرته وذويه وأرحامه وأقاربه وأصدقائه ومحبيه وزملائه وطلابه وجيرانه وجميع أسرة ال الخويطر، سائلاً المولى عزَّ وجلَّ أن يتغمد الفقيد الغالي بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، ويلهم أهله وذويه وأصدقاءه ومحبيه الصبر والسلوان. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ).