أقدر عالياً جهود الزملاء في القناة الثانية للبقاء والمنافسة في فضاء تلفزيوني تغير كثيرا عن تاريخ انطلاقتها قبل ثلاثين عاما. فمازالت القناة تحاول ببرامجها ومسلسلاتها استقطاب المقيمين في بلادنا من الناطقين باللغة الإنجليزية أو التي تعتبر الإنجليزية لغتهم الثانية في الوقت الذي اصبح هؤلاء مع اختلاف شرائحهم وجنسياتهم يشاهدون القنوات التي تبث من بلدانهم الأصلية وبلغتهم الأم. لعل هذا ما يدفع البعض إلى المطالبة بإلغاء هذه القناة وهو الرأي الذي اختلف معه تماما لعدة أسباب تفرضها مكانة المملكة وما تتطلبه من حضور إعلامي يتناسب مع هذه المكانة. فالبلد الذي يحتضن أغلى المقدسات الإسلامية وتهوي إليه افئدة مئات الملايين لابد له من قناة قادرة على نشر وسطية الإسلام واعتداله في ظل انتشار الغلو والتطرف. اقتصاديا، تمد آبارنا النفطية عجلة التنمية في العالم بالطاقة، ويتحكم انخفاض وارتفاع انتاجنا في حياة الشعوب وتقدم الأمم، لذلك نحتاج إلى محطة تستطيع مواكبة نهضتنا الاقتصادية وأن تكون المصدر المباشر لنقل كل ما يتعلق بذلك. ومع تداعيات الربيع العربي والدور الذي تلعبه بلادنا في دعم عملية الاستقرار في بلدان الربيع بجهودها الدبلوماسية على الصعيدين الدولي والاقليمي تبرز أهمية وجودة قناة سعودية لشرح تلك المواقف والآراء التي تتبناها المملكة. جميل ان نشاهد في CNN تصريحا باللغة الانجليزية للأمير سعود الفيصل ولكن الأجمل أن يكون هذا التصريح نقلا عن قناة سعودية دون اختزال أو تحريف. وفي ظل الحملات الإعلامية التي تشن على بلادنا تصبح الحاجة إلى مخاطبة الرأي العام الأجنبي أكثر إلحاحاً، على أن يكون هذا الخطاب بلسانه وبأفكارنا نحن. لا يمكن ان نصل إلى ذلك بنشرات اخبارية مترجمة من القناة الأولى، وبمسلسلات انتهى عمرها الافتراضي او بمذيعين لا يتقنون اللغة وفن التعبير. القناة الثانية بحاجة فعلاً إلى إعادة هيكلة تضمن لها البقاء والمساندة الفاعلة في دعم الرسالة الإعلامية للمملكة ولعل تغيير المسمّى المحلي إلى آخر دولي هو الانطلاقة الأمثل للتغيير.