ينتظر الجميع هذا الأسبوع تداول مصرف الإنماء لقياس مدى قدرة السوق على استيعاب دخول مصرف كبير يتم تداول (70%) من أسهمه بالسوق! فالسهم سيكشف مدى قدرة المستثمرين على تدبير السيولة اللازمة لذلك والمحافظة على استثماراتهم الأخرى، فتجاوز هذه المرحلة بنجاح سيزيد من ثقة المستثمرين ويحفز لدخول سيولة جديدة للشركات! كما أن نجاح تداول هذا السهم سيشجع هيئة السوق أكثر على طرح المزيد من الشركات الجديدة، إلا أن الصعوبة التي تواجه صناع السوق حاليا هي في الكيفية المناسبة لامتصاص اندفاع المكتتبين في الشركات الكبرى للبيع في الأيام الأولى، فعلى الرغم من أن ذلك يسهل الحصول على تلك الأسهم بأسعار متدنية، إلا أن هناك صعوبات أخرى تكمن في مدى قدرة صناع السوق وكبار المضاربين على تدبير السيولة اللازمة لشراء تلك الأسهم، وهو مايجبر صناع السوق على استباق الأحداث بإدخال جميع شركات السوق في المعادلة قبل تداول أسهم الشركات الكبرى للاستفادة المزدوجة من ذلك ومن خلال التحكم بتوجيه السيولة بالسوق! ولذلك ظهرت توقعات بأن صناع السوق سيعمدون الى إنزال السوق قبيل تداول الإنماء وان السوق سيرتد بعد استقرار التداول! ولكن يجب أن نتذكر بأننا اعتدنا مخالفة صناع السوق للتوقعات! ومن هنا فان أي نزول قد يحدث يجب نستفيد منه كمتداولين بالسوق لمشاركة صانع السوق بالشراء ثم البيع معه وعدم الانتظار استباقا للوقت! فسياسة صناع السوق اختلفت عن السابق فبسبب ارتفاع عدد ملاك الأسهم وتناقص المتابعين يوميا للسوق تقلصت حركة البيع الجماعي، وأصبح صناع السوق يحتاطون كثيرا بالوقت اللازم للشراء بإعطاء المتداولين الوقت الكافي للبيع! فقد رأينا نزولا كبيرا للسوق قبل أشهر عند الإعلان عن الاكتتاب بشركة زين ومصرف الإنماء! وذلك لإتاحة الفرصة زمنيا لمن يرغب بالبيع والخروج من السوق انتظارا للشراء أثناء نزول السوق المتوقع قبيل بدء الاكتتاب او التداول للشركة الكبرى ولكن مع قرب ذلك الحدث وتوقع الجميع للنزول الكبير أصبحنا نرى تجاهلا من الصناع لذلك الاكتتاب الضخم! وهو التساؤل الذي يطرح من المحللين والمتداولين بالسوق وكأنهم تعرضوا لخدعة! بينما الحقيقة هي انه مع بدء الاكتتاب أصبحت معظم الأسهم بمحافظهم، فالغالبية باعوا أثناء فترة نزول السوق وانتظروا الشراء مع النزول الأكبر الذي لم يتحقق كما توقعوا! إن سياسة طرح الاكتتابات والتوقيت لها أصبحت تستخدم كأداة لهيئة السوق المالية لتوجيه سيولة السوق ولذلك أصبح يتطلب الأمر منا هذه الأيام عدم التركيز فقط على تأثير تداول مصرف الإنماء على السوق، فصانع السوق يعمل حاليا على ماسيكون عليه وضع السوق مع الاكتتابات القادمة لتلافي الأثر السلبي لها على مصالحه! وخصوصا مع تداول شركة معادن (استباقا للحدث)! كما ان التخوف الذي يتم تصويره للمتداولين هذه الأيام بالسوق بتأثير تداول الإنماء يجب أن ندقق فيه أكثر لنعرف حدود ذلك التأثير، فمتابعة نقاط المؤشر قد تكون خادعة إذا تم الضغط على السوق بأسهمهم (البنوك) التي رفعت مؤخرا؟ فيجب التركيز على أسعار الشركات الاستثمارية التي لم ترتفع مؤخرا ومدى اتجاه السيولة لها! فسر تفوق صناع السوق هو التجديد في إدارة السيولة وتوجيهها بخلاف سياسة الهيئة (التي تتسرب للصناع قبل الإعلان) بتوقيت الاكتتابات لتوجيه السيولة منعا للارتفاعات القوية! انه من الواضح بأن صناع السوق أصبحوا يواجهون عقبة جديدة أصبحت تحول دون الإدارة الطويلة الأجل للسوق! فتوالي الإعلانات بطرح العديد من الشركات للاكتتاب العام أعطى تأكيدا واضحا بان هيئة السوق المالية دخلت كلاعب رئيس بالسوق للقيام بمهمة توجيه السيولة به وأصبح توقيت إعلان الاكتتابات يعبر بوضوح بان هناك رغبة في إبقاء مؤشر السوق داخل نطاق محدد! وإنها لن تسمح بعودة الارتفاعات السريعة لأسعار الأسهم! فبعد الارتفاعات الكبيرة في نهاية عام 2007م الى قرب ال(12) ألف نقطة كان واضحا بان تدفق سيولة داخلية او خارجية للسوق سيعيد ماحدث للسوق في نهاية عام 2005م فتدخلت الهيئة بإعلان طرح اكتتابات كبيرة معا (بترورابغ وزين والانماء) وإنها ستتم بعد أشهر! وهي إشارة واضحة بعدم الرغبة في مواصلة السوق للارتفاع! وبعد انتهاء الاكتتاب بمصرف الإنماء تجددت الآمال بانتعاش السوق بعد التخلص من شبح مخيف كان مسيطرا على الأذهان لسنتين وانتظروا فقط أن يبدأ التداول على أسهم المصرف لتأكيد بداية مرحلة الصعود، إلا أن هيئة السوق عادت مرة أخرى لتعلن عن طرح عدد من الشركات للاكتتاب ومنها شركة كبرى (معادن) لتبقى بالسوق شبحا قادما يقف أمام جذب السيولة للسوق! بل ان المعلومات المنشورة ذكرت بان العشرات من الشركات ستطرح قبل نهاية العام! وقد نجحت الهيئة في تهدئة السوق ولكن بالغ الصناع في إيضاح اثر ذلك بإنزال عنيف لمؤشر السوق (كتعبير عن الرفض لتلك السياسة) فتوجيه سيولة المتداولين بالسوق كانت مهمة صانع السوق لسنوات طويلة والآن أتى من ينافس على تلك المهمة! ولكن أمام النجاح في تحجيم (القروبات) في بعض تلك الاكتتابات الصغيرة وسحب السيولة منها! هل سينجح صناع السوق في إيقاف او عرقلة الاكتتابات الجديدة؟ هذا سيتحقق عندما تتأثر أسعار الأسهم الاستثمارية الكبرى بانسحاب السيولة منها لأسهم اكتتابات يحقق المضاربين بها أرباحا أعلى او بتحويلها لاختطاف أسهم شركات متوسطة رابحة من مضاربيها الأساسيين ليتم رفع أسعارها لبيعها بأسعار تقارب أسعار الشركات التي طرحت بعلاوات إصدار! اعتقد بأننا نرى حاليا مؤشرات لذلك وسيصبح ذلك محفزا لتوجيه السيولة!!