لا تزال بعض الزيجات في منطقة جازان تخضع للعادات والتقاليد في مسألة اختيار العريس والعروس، إذ إن الفتاة لا خيار لها في فارس أحلامها، كونها مجبرة على الموافقة على ابن عمها، بغض النظر عن عمله ومؤهلاته، وأخلاقه. وتعيش فتيات في جازان ظروفاً صعباً بعد الزواج، لأنها أرغمت على شريك حياتها، ما سبب لهن أمراضاً نفسية، ومنهن من تراودها فكرة الانتحار، للتخلص من الرجل الذي يقاسمها حياتها من دون موافقة منها، إضافة إلى أن آثار تلك الزيجات تثير مشكلات أسرية لأهل العروسين. وقالت المعلمة (م.ن) التي تبلغ من العمر 23 عاماً: «لست متأكدة من استمرار زواجي من ابن عمي، الذي أجبرني والدي وجدي على الموافقة عليه، كون العريس يغيظني دائماً ويتوعدني بإذلالي، وتزوجني انتقاماً على رغم أنه يريد غيري»، مشيراً إلى أنه تقدم لها ثمانية عرسان أثناء دراستها في المرحلة الثانوية، لكن والدها رفضهم بحجة أنها مخطوبة لابن عمها. وأضافت أنه بإمكانها الضغط على والدها عن طريق المحكمة، بيد أنها لا تريد الخروج عن أمره، خصوصاً أنه يعاني من أمراض عدة، لافتةً إلى أنها استسلمت للعادات والتقاليد. وذكرت الطالبة (ل.ع) أنها منذ طفولتها أخبرها والدها بخطبتها لابن عمها، الذي لا تنجذب صوبه، كونها تحس بإحساس الأخوة معه فقط، مشيرةً إلى أنها فكرت مرات عدة بإيذاء نفسها، خصوصاً في الوقت الذي يتحدثون فيه عن الزواج من ابن عمها. وأكدت الطالبة (س. م) من سكان قرى جازان أن عادات القرية تمنع زواج البنت من خارج القبيلة مهما كان الأمر، ويتم الضغط عليها لترضى بالزواج من ابن عمها، لافتةً إلى أنها واجهت ضغوطاً شديدة للموافقة على الزواج من قريبها، لكنها رفضت أكثر من مرة، ما أغضب والدها عليها. من جانبها، استغربت الإعلامية رؤى مصطفى من القسوة التي يعامل بها بعض الآباء بناتهم وأبناءهم، من أجل التمسّك بالعادات والتقاليد المخالفة لشرع الله، مشددةً على تفهم الأبناء وتقبل آرائهم، وعدم الضغط عليهم لاختيار مسار حياتهم بدلاً من إجبارهم على الزواج بمن يحولون حياتهم إلى جحيم. بدوره، أوضح الاختصاصي النفسي في مستشفى الملك فهد في جازان الدكتور عبدالرحيم الميرابي أن موضوع تزويج البنت لابن عمها والعكس من العادات القديمة التي اندثر منها جزء كبير، إلا أنها توجد لدى بعض كبار السن، كون عاداتهم تحتم عليهم فعل ذلك لأسباب عدة. br / وأضاف: «بعض العائلات تتمسك بتلك العادات بهدف عدم تشتيت نسبها بحسب وجهة نظرهم، ما يجعل الفتاة تعيش في إرهاق نفسي، وتبدأ في التفكير لإيجاد حل يخرجها من تلك الدائرة المغلقة»، مشيراً إلى أن فتيات عدة استطعن تحديد شريك حياتهن، وتتحررت الفتاة بقوة شخصيتها من القيود التي فرضت عليها. وذكر أن زواج الرجل من ابنة عمه خاضع لثلاث قواعد في حال قبولها به، وهذا يعتبر جيداً، أما الآخر فتنافرهما، وفي حال أجبرا على الزواج، تعتبر حياتهما الزوجية فاشلة، ولها تأثير نفسي عليهما، والثالثة يكون التفكير من طرف واحد من الزوج أو ابنة عمه. ولفت إلى أنه من المفترض تعويد الأبناء على حرية الرأي والاختيار، حتى يعيشوا حياة جميلة بعيدة عن المشكلات مع أهاليهم أثناء الزواج، وإجبارهم على ابنة العم.