يُصرّ أعضاء مجلس إدارة جمعية الثقافة والفنون على المطالبة الدائمة بزيادة ميزانية الجمعية المقررة من الدولة والتي تصل إلى 15 مليوناً سنوياً، ولا يوفرون مناسبة أو فعالية إلا ويذكرون بهذا الطلب، حتى وصل الأمر إلى عقد مؤتمر صحفي كان المحور الأساسي فيه "الميزانية" التي يرون أنها لا تكفي متطلبات فروع الجمعية الستة عشر المنتشرة في مختلف مناطق المملكة. ورغم أنه من حق الجمعية والقائمين عليها المطالبة بما يرون أنه يخدمهم ويسهل لهم تطبيق سياساتهم وتحقيق أهدافهم، إلا أن التهديد بفكرة "التقشف" وما يترتب عليها من تقليل للفعاليات وفصل للموظفين، ليس مقبولاً، خاصة أن الجمعية لديها القدرة على تنمية مواردها وتحقيق إيرادات تفوق حجم الميزانية الرسمية، فقط لو امتلك القائمون على الجمعية القدرة الخلاقة على ابتكار الشراكات مع القطاع الخاص. أول قوة تملكها الجمعية أنها جهة رسمية اعتبارية وتمثل الحكومة في قطاع الثقافة والفنون، وهذا يمنحها صدقية أمام القطاع الخاص الذي يريد المشاركة والاستثمار في هذا القطاع بشكل نظامي يحفظ حقوقه، وهناك كثير من الشركات التي تحلم بالتعاون مع الجمعية وفق آلية معتمدة وواضحة تضمن وصول اسم هذه الشركات إلى شريحة الشباب بشكل خاص. ولو نظمت الجمعية مهرجاناً فنياً من أي نوع وطلبت رعاية الشركات الخاصة، فستجد أمامها سيلا من العروض التي تغطي تكاليف الفعالية، بل تزيد عليها بكثير، وهنا استشهد بالحفل الذي نظمه التلفزيون السعودي بمناسبة مرور خمسين عاماً على تأسيسه، الذي أقيم في مركز الملك فهد الثقافي برعاية شبه كاملة من القطاع الخاص. ثاني قوة في يد الجمعية هي "التذاكر"، أقصد "تذاكر" المسرحيات و"تذاكر" الحفلات الموسيقية، ولو كانت الجمعية جادة في بحثها عن زيادة ميزانيتها لما ترددت في إقامة مهرجانات مسرحية أو عروض منفردة لمسرحيات يكون الدخول فيها بتذاكر مدفوعة من الجمهور، وهذا سيفتح لها باب ربح كبير لن تكون معه في حاجة إلى ميزانية الدولة. ونفس الشيء ينطبق على الحفلات الموسيقية التي للأسف أن الجمعية لا تبدو متحمسة لها رغم أن الفنانين السعوديين يحققون أرباحاً عالية في حفلاتهم الخارجية ويحلمون بالتواجد داخل الوطن، وهذه مهمة الجمعية بالدرجة الأولى، كما أنها فرصة لها، لو كانت جادة بخدمة الأغنية السعودية وإيصالها لأكبر شريحة من الجمهور. لابد أن تكون الجمعية شجاعة في خدمتها للفن واستثماره، واستغلال كافة الإمكانات المتاحة لها، ولابد أن تستفيد من تجربة "الستاند آب كوميدي" الوليدة التي لم تبلغ بعد عامها السادس ومع ذلك باتت فعالياتها تحقق أرباحاً عالية لمنظميها، فمن الذي منح شركات "الستاند آب كوميدي" حق استثمار عروضها عبر بيع التذاكر مباشرة للجمهور ومنع جمعية الثقافة والفنون من فعل ذلك؟، لاشك أن الخلل في الجمعية نفسها. جمعية الثقافة والفنون ليست بحاجة لزيادة ميزانيتها، كما لا يحق لها التلويح بفكرة "التقشف"، وذلك لأن في يدها الكثير لتفعله في مجال الاستثمار وتنمية الموارد، ولا تحتاج إلا لفريق تسويقي خلاق يبتكر القوالب التي تسمح بوجود فعّال للقطاع الخاص.