الاختلاف في أي مسألة أيديولوجيه هي من عناصر الثقافة لدى الشخص، ولا يمكن بتاتاً أن نوفق أو نجمع أفكاراً متشتتة من أشخاص وننمي تلك الاختلافات ليتم التوافق بينهما، ففي الآخر كل في شأن، كل شخص لديه قناعه ومبدأ ومن حق أي شخص أن يكون له وجهة نظر ففي الآخر التواجد الديموقراطي مطلب ولا يمكننا بتاتاً أن نصادر أفكار الآخرين. تقدم الحياة وما تصاحبه من التطورات والتقدم من جميع النواحي وما نشاهده في الوقت الحاضر من تقارب المجتمعات العربية بالغربية من التبادل التجاري والمشاركات في الحوارات السياسية لهو دليل قاطع بأننا نعيش مع كل فرد من أفراد العالم فالمنتجات الغربية والصناعات الغربية نجدها في منازلنا ونجدها في حياتنا اليومية سواء في استخدامها الشخصي أو نستعين (بمادة) أو أخرى لإنجاز ما يفيد. وقطاع الاتصالات والإلكترونيات والتقدم التكنولوجي هو بالأحرى ما يربطنا بالغرب كثيراً. بل أصحاب المنشآت التجارية (خاصة ما يكون اختصاص نشاطهم) في المجال الاتصالات يقومون باستقطاب كثير من الخبراء والمهندسين (الغربيين) في أوروبا مثلاً وغيرها للاستفادة مما لديهم من الشرح الكافي ووضع الخطط وفق استراتيجية قامت بها المنشأة لمواكبة التقدم الحاصل. ولا ينحصر الاستعانة بالخبراء من الغرب بمجال الاتصالات فحسب بل هناك المنشآت التجارية والمصانع تدعوهم (الحاجة) إلى الاستعانة بالغير من الدول الغربية فهم الأدرى ومهتمون ولهم باع طويل في التخصصات الفنية والهندسية وخبراتهم مديدة. قد يتساءل القارئ ما الذي يريد أن يصل إليه كاتب هذا المقال؟ إن السبب الرئيسي لتسطير هذا المقال ما شاهدته كثيراً في المجالس من توجيه والبعد عن الحقيقة والعيش بالجهل (المحيط) للشخص من توجيه بعض التهم وبعض الكلمات إلى أشخاص بعينهم ويلتفتون إلى الشيء غير المفيد تاركين ما هو أهم ألا وهو المضمون وإلا فلأي شيء يهدف الشخص. وأقرب مثال ما يواجهه الكثير من مقدمي البرامج في القنوات الفضائية وأيضاً الكثير من الكتاب الصحفيين! نعلم بأن الإعلام المرئي يزدحم بالكم الهائل من القنوات الفضائية وما يدور حولها من مختلف البرامج فمنها ما يفيد السياسي والمتتبع لأحداثها ومنها ما يستفيد منه الإجتماعي وغيرها من البرامج التي تقدم ما يستجد وما يكون وفق الحدث. فبرامج تقدمها القنوات الفضائية ويكون عنوان البرامج يشد انتباه المشاهد ولكن نجد أن كثيراً من أفراد المجتمع تنصب أعينهم حول (مقدمة البرنامج) أو إلقاء السيرة الذاتية عن مقدم البرنامج ليس إلا!! ونحن بحكم التواجد الإعلامي بأحد القنوات المحلية (الأخبارية ) شاهدنا الكثير من المتلقين وسمعنا، بل وجهت سهام النقد لنا والسبب لماذا تمت استضافة الكاتب فلان.. أو الدكتور فلان.. ولم ينظروا الى سبب تواجده وبماذا سوف يتفوه، تركوا الأهم وجعلوا النظرة من عين واحده هي المحور، والسبب من أنفسهم بسبب الفكر الضيق الموجود ! إن ما نريد الوصول إليه هو أهمية ما يطرح من مواضيع ومشاهدة ما يدور من حوارات اجتماعية وسياسية بغض النظر عن نهج او سياسة البرنامج. فكثيراً من أصحاب رؤوس الأموال قاموا بالاستعانة بالغير وخاصة من (الدول الأوروبية) لإنجاز عدة مشاريع سواء في المقاولات أو المصانع وغيرها فهم المستفيدون بالمقام الأول ولم يعطوا الاهتمام بما تفوه به أصحاب (الرأي الآخر) من قذف الغير واتهامات ربما تكون ليس في محلها!! من المفترض أن نستفيد كثيراً من مشاهدة الحوارات في البرامج وقد تطرقنا بمقال سابق عبر هذه الصحيفة عن الإعلام المرئي وثقافة الحوار فالحوارات والمناقشات الحوارية قد نستفيد منها في حياتنا ونصيغ آذاننا للاستماع لما يفيد ويفيد حتى في تربية أبنائنا وثقافة أنفسنا نجد أن لها دوراً كبيراً في ذلك. للنظر إلى طريقة الحوار والأسئلة المعدة للحوار والنقاش وما هو المبتغى الحقيقي لهذه المحاورات، قد يكون الحوار أدبياً وثقافياً واجتماعياً، بل إن أكثر المشاكل الاجتماعية من السرقات والحوادث والفساد الإداري والتسول والأمراض النفسية نجد من يعالج هذه القضايا للوصول إلى الحلول الإيجابية. إن مبدأ احترام الشخص المضاد لأي فكر هي من أدبيات الحوار بغض النظر عن فحوى تلك الأفكار، فالحراك الثقافي موجود، والرغبات العقلانية التي يملكها الشخص متواصلة مع تقدم الزمن، مركز الحوار الوطني أعطى الكثير من المفاهيم وطرق للوعي والإدراك للمختصين، مركز جمع المثقفين والدعاة وغيرهم لإبداء ما لديهم وما أجمل أن نرى الابتسامات متفرقة وموزعة داخل القاعة المخصصة والتصافح بعد نهاية المؤتمر نجد أنه وجد بصمة جميلة من بعض المتضادين في الفكر بمختلف التيارات بعكس ما كنا نراه سابقاً. الانتقاد جميل عندما يكون هادف، انتقاد للمسألة فقط وليس انتقاد للشخص بعينه. هل كل منتقد للشخصيات الموجودة هو انتقاد للمصلحة العامة أم انتقاد لمجرد للمخالفة الفكرية ؟ ما أجمل سياسة الصمت، مرحباً بالنقد الهادف (للمسألة فقط) أو الصمت من هؤلاء أفضل إذا كانت المسألة تصل إلى تجريد وهجوم على أشخاص بعينهم داعين المسألة بأجملها.