افتتحت دار "التنوير" اللبنانية لنفسها فرعاً في مدينة القاهرة، تبيع فيه الكتب، وتطبع لكتاب الطليعة العربية أعمالهم، وتترجم ما يعبر عن الضمير الإنساني من لغات أخرى، وتهتم على نحو جميل بتوفير ثقافة رفيعة. رأت الدار – مشكورة – أن تحتفي بميلاد عمنا كبير المقام الروائي ادوار الخراط ، وبالمناسبة رأت أيضاً أن توقع مع المبدع الكبير عقدا بإعادة طبع أعماله الكاملة، والتي تتجاوز الثمانين كتابا، تمثل رحلة الرجل مع الحياة، ومشواره في أقاليم الليل والنهار، مقدمة خلاصة تجربته مع الرواية والنقد والشعر. ادوار الخراط واحد من الشهود علي الزمن تقرأ الرجل جيدا فتتعرف على ابعاد مشروع يعبر بصدق عن انتماء الكاتب إلى الجماعة الإنسانية كلها، وانه – الكاتب أيضا – الذى آمن طوال عمره أن هدف الفن هو الاتصال ومشاركة الإنسان في التعبير عن أشواقه وأحلامه. لقد رأت الجماعة الأدبية أن خروج ادوار الخراط من عزلته الطويلة، ومقاومته لظروفه الصحية يمثل عملا شديد الأهمية لادوار وللواقع الثقافي أيضا. فكان اللقاء جميلا على نحو جميل، والحضور صفوة من المحبين من الكتاب العرب والمصريين، خالد زيادة سفير لبنان ومندوبها لدى جامعة الدول العربية، محمد ابو الغار العالم ورجل السياسية، جابر عصفور، بهاء طاهر، سيزا قاسم، ماهر شفيق فريد، إبراهيم عبدالمجيد، عبدالمنعم رمضان، ثم جماعة الكتاب الشباب، والفنانين الشباب من محبي ادوار الخراط ومريديه. ذكر خالد زياد في كلمته:إن ادوار الخراط قيمة أدبية نفخر بها جميعا وقال جابر عصفور: إن ادوار روائي عظيم وناقد وشاعر لديه ذائقة موسيقية فائقة ومفكر أشبه بماسة متعددة الألوان. وقال ماهر شفيق فريد: إن ادوار الخراط هو من صنعني ووجهني، ثم أضاف مؤكدا أن الحياة الأدبية العربية أنجبت اثنين هما: ادوار الخراط وادونيس وبهذين الجناحين ينهض الأدب. وقالت الناقدة الكبيرة سيزا قاسم: اعتبره اكبر روائي عربي في العصر الحديث، لا تضاهي كتابته كتابة عربية أخرى، يمتلك أبعاد اللغة العربية التي عشقناها. وذكر بها طاهر في كلمته: انه مفتون بلغة ادوار الخراط الساحرة وانه أيضا مفتون بأدبه، وان ما كتبه ادوار الخراط إضافة هامة للمكتبة العربية. وقال الشاعر عبدالمنعم رمضان: إن ادوار معني أن يكون كاتبا لليوم والمستقبل. وقال القفاش: إن رحلة ادوار مع الأدب هي رحلة بلا ضمانات. ليلة، ذكرتني بليالي الأدب العظيمة، الغاربة، حيث كان الأدباء والفنانون يتوجون أميرا للشعر، وعميدا للأدب العربي، وكانوا في صفاء أرواحهم يمثلون معنى للزمن الذي يعيشون فيه، ويعبرون عن أحوال تمثل جوهر وجودهم وأحلامهم. ادوار الخراط الذي يري نفسه انه عاش مع شعراء الجاهلية تشبب بالعذارى ، وعشق ليلى حتى الجنون، وترجم علوم الهند والسند والفرس واليونان التي كانت مراجع النهضة الأدبية. وادوار الكاتب الذي يرى في تكوينه، وفي نفسه كاتبا عربيا / مصريا يجلس القرفصاء ويكتب على البردي رموز الأبدية وهو الكاتب الذي وجد في الثالوث المسيحي تجسيدا لثالوث اوزوريس وايزيس وحورس. لقد كتب ادوار الخراط مرة: أنا المصري العربي خلال سبعة آلاف عام غيرت لغتي ثلاث مرات لكنها ظلت لغتي أنا، قدسية وأرضية. أن أكون مصريا/ عربيا هو أن اعمل مع كل إخوتي على هذه الأرض على بناء مستقبل تظل فيه للمثل الإنسانية العقل والتحرر والتسامح، قيمتها. وأنا، العبد الفقير إلى الله، كان يتناهى إليّ عبر الاحتفال صوت الروائي الكبير يحدثني عن الإنسان والكتابة "إيماني بما هو مقوم للإنسان حريته التي لا يمكن أن تهدر توقه إلى العدالة، وإلى الجمال، نشوته بالحس، وصوفيته بالمطلق" على هذا الكاتب الكبير سلام الله.