خرج إدوار الخرّاط أخيراً من عزلة طالت نحو ثلاثة أعوام والتقى أصدقاءه في احتفال بعيد ميلاده الثامن والثمانين أقامته دار «التنوير» في مقرها وسط القاهرة. وتزامن الاحتفال مع اتفاق الخراط والدار على إصدار أعماله الكاملة. واكتنفت الفرحة الأمسية التي جمعت الخرّاط بمجايليه و»تلاميذه الكبار»، ومما قال الروائي محمود الورداني: «أحمل لأستاذي إدوار ديناً كبيراً تدين به معي الحركة الأدبية والثقافية في مصر والعالم العربي كله». وكانت مداخلات نقدية تناولت مسيرة صاحب «رامة والتنين» وإحداها للناقد جابر عصفور الذي يعتبر الخرّاط مفكراً «نظر إلى الأساطير في المسيحية نظرة منفتحة وجريئة، ومن خلالها إلى العالم». وقالت سيزا قاسم إن روايات الخرّاط علّمتها الحب. وتعتبره الكاتب الوحيد «العابر للأجيال»، ووصفته ب «أكبر روائي عربي في العصر الحديث». جلس الخرّاط هادئاً صامتاً وسط الحاضرين ورافقته زوجته السيدة جورجيت التي رفضت الحديث عن رحلتها مع شريك العمر. ولم يبدُ الكاتب الذي اختار العزلة فترة طويلة متعباً أو مرتبكاً بل كان على وعي تام، فرحاً ومسروراً بأصدقائه. واستمع طوال الجلسة التي تعدّت الساعة إلى المتحدثين الذي كرموه. وطلب من أحد المتحدثين أن يرفع صوته: «مش سامع»! وتدارك كلمة من معلّق. وقال الكاتب منتصر القفاش أن مسيرة إدوار الخرّاط هي ترحال دائم بلا ضمانات، فعلّق الخرّاط: «بلا خرائط». لكنه عموماً التزم الصمت وكان شحيحاً في إلقاء عبارات الثناء أو حتى هزّات الرأس دلالة على الإعجاب بكلمات المشاركين والموافقة على آرائهم. سعيد الكفراوي فضّل الوقوف إلى جوار الخرّاط واكتفى مثل غيره بعبارات مختصرة في حب «إدوار الذي يكتب وجهه». إبراهيم عبد المجيد حكى عن تأثره في وقت مبكر بكتابات إدوار الخرّاط وأنه كان يراسله من الإسكندرية بقصاصات ما يكتبه وهو في الثامنة عشرة من عمره، وقال عبد المجيد: «كلنا أولاد إدوار الخرّاط، كلنا مريدو هذا المجدّد في الكتابة الروائية. كنت أعرف أن إدوار هو السكّة الحقيقية في الكتابة». أما الشاعر عبد المنعم رمضان فيظن كما قال في شهادته أن الخرّاط يقرأ الشعر لكي يكتب الرواية، وأنه اهتم طوال حياته ب «كيف يقص لا كيف يكون كاتباً جماهيرياً». أمّا بهاء طاهر فعدّه «مُعلّم» الكتابة بضم الميم و»مِعلّمها» بكسرها مثلما أَلِف المصريون الكلمة العامية للتعبير عن الثناء.