حرائق كاليفورنيا: وفاة 11 شخصا والخسائر تقدر ب 135 مليار دولار    إسرائيل تخطط للسيطرة على 15 كم داخل سورية    القيادة تهنئ سلطان عُمان بذكرى توليه مقاليد الحكم في بلاده    ضبط (19418) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    الذوق العام تنظم مسيرة "اسلم وسلّم" لرفع الوعي لسائقي دراجات تطبيقات التوصيل    السودان.. أكبر أزمة نزوح أطفال في العالم    وكيل "الشؤون الإسلامية" للمشروعات والصيانة: تدشين الأدلة الفنية للمساجد إنجاز نوعي برؤية شاملة ومعايير عالمية    نادي جازان الأدبي يكرم الزميلة خلود النبهان    وصول الطائرة الإغاثية السعودية التاسعة لمساعدة الشعب السوري إلى مطار دمشق الدولي    بندر بن سعود ل"الرياض": الفائزون بجائزة الملك فيصل سفراء المملكة عالميًا    أكثر من 300 جلسة رئيسية في النسخة الثالثة من قمة المليار متابع    طلبة منطقة "تعليم الرياض" يعودون غداً لمدارسهم لاستكمال الفصل الدراسي الثاني    «طائرة كوريا».. «الأسودان» توقفا قبل 4 دقائق من التحطم !    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    استمرار هطول الأمطار على بعض مناطق المملكة    «الضباب» يحوّل رحلة ليفربول إلى كابوس    خالد عبدالرحمن ل«عكاظ»: جمعنا أكثر من 10 قصائد وننوي طرح ألبومين سامريات    "النقد الدولي" يتوقع استقرار النمو العالمي في 2025    أمريكا وبريطانيا توسعان عقوبات كاسحة على صناعة النفط الروسية    البرلمان الألماني يبحث الأربعاء تفشي الحمى القلاعية في البلاد    الإعاقة.. في عيون الوطن    ابعد عن الشر وغني له    القائد الذي ألهمنا وأعاد لنا الثقة بأنفسنا    فريق جامعة الملك عبدالعزيز يتوّج بلقب بطولة كرة السلة للجامعات    أمين الطائف هدفنا بالأمانة الانتقال بالمشاركة المجتمعية للاحترافية    مهاجم الأهلي: قدمنا مباراة كبيرة واستحقينا الفوز على الشباب    رئيس مصر: بلادنا تعاني من حالة فقر مائي    ما بين الجمال والأذية.. العدار تزهر بألوانها الوردية    "لوريل ريفر"، "سييرا ليون"، و"رومانتيك واريور" مرشحون لشرف الفوز بلقب السباق الأغلى في العالم    العروبة يتعاقد مع العراقي عدنان حمد لقيادة الفريق فنيّاً    هاو لم يفقد الأمل في بقاء دوبرافكا مع نيوكاسل    «الغذاء والدواء» تحذّر من منتج لحم بقري لتلوثه ببكتيريا اللستيريا    القبض على مقيم لترويجه (11,968) قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي بمكة المكرمة    بالشرقية .. جمعية الذوق العام تنظم مسيرة "اسلم وسلّم"    ملتقى الشعر السادس بجازان يختتم فعالياته ب 3 أمسيات شعرية    الشيخ طلال خواجي يحتفل بزواج ابن أخيه النقيب عز    أنشيلوتي يبدي إعجابه بالجماهير.. ومدرب مايوركا يعترف: واجهنا فريقًا كبيرًا    مزايا جديدة للمستوردين والمصدرين في "المشغل الاقتصادي السعودي المعتمد"    خطيب المسجد النبوي: تجنبوا الأحاديث الموضوعة والبدع المتعلقة بشهر رجب    إحباط محاولتي تهريب 6 كلجم «شبو» مخبأة في بطاريات وصناديق    «عباقرة التوحد»..    محافظ الطائف يستأنف جولاته ل«السيل والعطيف» ويطّلع على «التنموي والميقات»    الصداع مؤشر لحالات مرضية متعددة    5 طرق سهلة لحرق دهون البطن في الشتاء    الحمار في السياسة والرياضة؟!    سوريا بعد الحرب: سبع خطوات نحو السلام والاستقرار    أسرار الجهاز الهضمي    المقدس البشري    الرياض تستضيف الاجتماع الوزاري الدولي الرابع للوزراء المعنيين بشؤون التعدين    جانب مظلم للعمل الرقمي يربط الموظف بعمله باستمرار    أفضل الوجبات الصحية في 2025    مركز إكثار وصون النمر العربي في العُلا يحصل على اعتماد دولي    إطلاق كائنات مهددة بالانقراض في محمية الإمام تركي بن عبدالله    نائب أمير تبوك يطلع على مؤشرات أداء الخدمات الصحية    أمير القصيم يتسلم التقرير الختامي لفعالية "أطايب الرس"    ولي العهد عنوان المجد    عناية الدولة السعودية واهتمامها بالكِتاب والسُّنَّة    مجموعة (لمسة وفاء) تزور بدر العباسي للإطمئنان عليه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الطريق إلى إدوار الخراط
نشر في عكاظ يوم 22 - 03 - 2014

دعتني دار التنوير بالقاهرة إلى حفل احتفاء بالكاتب الكبير إدوار الخراط بمناسبة إصدار أعماله الأدبية. توقفت عند الخبر أنظر حولي متسائلا. إدوار الخراط ؟، أخيرا ؟، كنت أعرف أني أتساءل لا عن إدوار الخراط كشخص. ولا حتى ككاتب. لكن كحركة أدبية كانت يوما هي الحركة الغالبة على الحياة المصرية والعربية أيضا. فضلا عما بيني وبين إدوار الخراط من ماض جميل تقريبا اشترك معي فيه كل الكتاب الجادين والمجددين. كنت أعرف أن إدوار قد صار معتزلا عن الحياة الثقافية من وقت بعيد بسبب السن من مواليد 1926 أكثر مما هو أي شيء آخر وأغلبنا أيضا صار بعيدا عن اللقاء الشخصي بإدوار بسبب ما يتناوب على بلادنا من آلام، وعلى حياتنا الشخصية أيضا فلم نعد صغارا ياعزيزي. عرفت بالدعوة قبل يومين أو ثلاثة من الحفل الذي أقيم مساء الأحد الماضي وسألت نفسي ماذا يمكن أن أقول.. الكثير جدا على المستوى الشخصي يمكن أن أقوله والكثير منه سيقوله غيري من الكتاب الذين سيحضرون. شعراء كبار مثل عبد المنعم رمضان أو كتاب قصة ورواية كبار مثل بهاء طاهر وسعيد الكفراوي والكثير جدا سيقوله النقاد الكبار عن دور إدوار وكتاباته والتجديد في شكل القصة والرواية وبنائها سيزا قاسم مثل حابر عصفور وماهر شفيق فريد وحسام نايل من جيل أحدث.. بيني وبين إدوار على المستوى الشخصي حوار قديم منذ كنت أرسل له بعض قصصي القصيرة من الإسكندرية وهو في القاهرة وأنا بعد في العشرين من عمري. وحوارات جميلة حين كنت أزوره في القاهرة في عمله في «منظمة التضامن الافريقي الاسيوي» ولقاءات كثيرة جدا وطويلة في بيته وحدي أو مع غيري. ولقاءات رائعة معه ومع محمود درويش حين عادت مجلة الكرمل لدخول مصر عام 1984م وصار إدوار لوقت قصير مراسلا لها ولقاءات وشوارع ضمتنا في باريس لم نكف فيها عن المشي حين كنا نقدر عليه ولم نكف فيها عن الضحك حين كان هناك ما يضحك وفتنتي بطريقته في الكتابة في أول حياتي. تلك الفتنة التي خرجت منها بسرعة لأظل فيها مولعا بالمكان لكن بطريقة أخرى أقرب إلى الوجودية منها إلى الظاهراتية التي تجعل المكان بطلا منفصلا وموازيا في الحضور للشخوص عند إدوار بينما رأيته أنا أهم من الشخوص حقا لكنه صانع مصيرها لذلك فتنتني الأماكن الواسعة ولم اخترعها. وجدتها هي حياتي. لم أعش في مكان ضيق إلا في القاهرة فأعانني الله عليها بالطرش والعمى الروحي فلم أر عبر أربعين سنة زحامها ولم أسمع ضجتها. واستطعت أن أجد فيها مواقع للجمال. أما حين ملأ زمانها ومكانها روايتي «في كل أسبوع يوم جمعة» فلقد استوعبها الفضاء الافتراضي وليست الأرض التي نمشي عليها. المهم وجدت أن ما أريد أن أقوله عن إدوار كثير جدا لكني وصلت إلى ما وجدته جوهريا في حياتنا. لقد افتتح إدوار الخراط مشهد التجديد في الأدب عام1959م حين أصدر مجموعته «حيطان عالية» فكان أحد أجنة التجديد في الستينات فيما بعد. واستمر ناسكا في محراب التجديد داعما لكل الكتاب المجددين فأصدر أعمالا هي نسيج وحدها في الكتابة مثل «محطة السكة الحديد» و «راما والتنين» و «الزمن الآخر» «وترابها زعفران» وغيرها وترجم العديد من المسرحيات الطليعية وافتتح عصرا كاملا سمي بعصر الحساسية الجديدة جاعلا من الذات محورا لكل التجليات الفنية من اللغة إلى الموضوع مهما كانت محاصرة بالأشياء التي لم يهملها بل توقف عندها كثيرا جدا ثم انهمرت على البلاد كتابة جديدة سهلة لا أعماق لها للتسلية أكثر مما هي لشيء آخر وأغرقت الحياة الأدبية فتوارى الكثير من النقاد يأسا ربما وأدبا ربما. ولم تعد في مصر أو غيرها في العالم العربي من معارك حول الكتابة وشكلها . وصار أيضا لهذا النوع من الكتابة قراء بالآلاف، اللهم لا حسد فرأت بعض دور النشر أن هذه هي الكتابة الأدبية..
وكدارس لتاريخ الأدب أعرف أنه كما أن هناك موجات من التيارات السياسية تصل ذروتها وتنخفض فما يحدث في الأدب الآن سيرتفع أكثر حتى ينتهي ويبحث الناس عن الأدب الحقيقي ويعودوا لا كتشاف الكتاب الكبار.. طرحت هذا السؤال: هل يمكن أن يكون إصدار أعمال إدوار الخراط قريبا فرصة للنقد الأدبي أن يعيد الحديث عن الكتابة الحقيقية والأشكال الأدبية ويفتح الطريق مرة أخرى للنقاش عن قضايا صارت ترفا عند الكثير من الكتاب الجدد. هل يمكن كما كان إدوار الخراط مفتتحا لمشهد التجديد من أكثر من ستين سنة أن تكون كتبه فرصة لإعادة ذلك من جديد. تركت الأمر للنقاد وقلت أعرف أنهم قليلون الآن لكن إذا فعلوا ذلك ملأوا الدنيا وصاروا كثرة كبيرة.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.