ومع أنها كثيرة في الشعر، إلاّ أنها جميلة أيضاً في النثر، ورد في تاريخ ابن بشر (1100ه وفي هذه السنة نزل مطر دقيق وبرد شديد وجمد المطر فوق أعساب النخل وحتى على أهداب الابل..) عنوان المجد في تاريخ أهل نجد 179/1 فقد صوّر- رحمه الله - شدة ذلك البرد بأن المطر جمد على أهداب الابل!! وهو تصوير في غاية البلاغة ويغني عن وصف كثير.. والبلاغة موهبة وصفة كالكرم والشجاعة توجد في المتعلم و(الأمي) وإن كان الأول يحمل سيفاً مهنداً هو (الفصحى) أما الآخر فقد يعبر بالعامية فلا يتذوق بلاغة كلامه إلاّ من يجيد لهجته.. كما توجد في الكفيف.. المعري يقول: (وسهيل كوجنة الحب في اللون وقلب المحب في الخفقان) فنجم سهيل يومض باحمرار فكأنه خد المحبوب في اللون وخفق قلب العاشق الولهان.. ولبشار: كأن مثار النقع فوق رؤوسنا وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه وهو تصوير مركب متحرك ينبض بلاغة.. وللمتنبي: بُليت بلى الأطلال إن لم أقف بها وقوف شحيح ضاع في التُّرب خاتمه وفي وصف الهارب تقول العرب (ركب جناحيْ حمامة) وعن الفتاة المترفة (ناعمة الكفين) و(نؤوم الضحى) وعن ضائع الجهد (يحدو بغير بعير) ولابن المعتز: (ما ترى نعمة السماء على الأرض وشكر الرياض للأمطار؟) وفي تصوير رجل كريم الخلق شديد اللطف: (كأن أخلاقك في لُطفها ورقةٍ فيها نسيمُ الصباح