يقولون في العبارات الشعبية : [ إلى طلع سهيل تلمس التمر في الليل ] ويقولون أيضا : [ إلى طلع سهيل لا تامن السيل ] نحن الآن في فترة ظهور نجم ( سهيل ) حيث يرى في نهاية شهر أغسطس وتحديدا في يوم 24 منه . و نجم سهيل من النجوم اليمانية ، ويعني هذا أنه ضمن مجموعة نجوم القبة السماوية الجنوبية،يراه أهل جنوب الكرة الأرضية بشكل دائم كما نرى نحن في شمال الكرة الأرضية نجم ( الجدي ) ولكنه يزورنا ظاهرياً مع انسلاخ الصيف وبداية اتجاه الشمس ظاهريا ناحية خطوط العرض الجنوبية حيث يميل المحور فنتمكن من كشف بعض نجوم الجنوب ومنها نجم سهيل؟ ففي الجنوب من الكرة الأرضية لهم نجومهم التي يهتدون بها في ظلمات البر والبحر ، ونحن لنا نجومنا كذلك ، ولكن نجم سهيل لتميزه في الأفق الجنوبي ولمعانه المتقلب المتتابع في بعض أشهر السنة ومنها شهر أغسطس والأشهر القليلة التي بعده صار ملفتاً للانتباه وربطنا وقت ظهوره بوقت نضوج التمر في النخيل وكثرته فيها . كما أن لمعانه قد أشار إليه بعض الشعراء ومنهم الشاعر : راشد الخلاوي حيث يقول عنه : يشبه لقلب الذيب يصلاك نوره ويشرف على غرات هدب الجرايد فمتى ما ظهر نجم سهيل بعد الفجر وقبل ظهور الشمس صار الوقت يعني أن التمر كثيراً وأن وقت الصرام ( الجذاذ ) يوشك أن يحل ، فشهر أغسطس وهو الثامن من الأشهر الأفرنجية تشتد فيه الحرارة جداً وكذلك الجفاف وهو الوقت المناسب لتتابع نضوج التمر فلا يبقى إلا القليل من البلح ، وقبيل ظهور نجم سهيل يكون الحر الشديد قد أعمل في النخيل أعماله وأنضجها ولا تحتمل المزيد ، فقد كانت أشبه بوجبة في فرن حراري . وبظهور نجم سهيل يبدأ الفرن في خفض حرارته وسحب النار من تحت وفوق الوجبة التي نضجت جدا على هيئة تمر ينتظر الجذاذ . ولهذا كان قولهم ( إلى طلع سهيل ، تلمس التمر في الليل ) فما أن تضع يدك على عذق النخلة إلا وتجد التمر حتى ولو كنت في الليل ، ولا يحتاج منك الأمر إلى حدة البصر ودقة النظر والانتقاء والاختيار وتحري عينات تمر هنا وهناك ، كالفترة السابقة لظهوره ، حيث ينتقي الخراف ويتحرى البلح الناضج ، ففترة ظهور سهيل تعني أن التمر هو الغالب في عذوق النخيل . أيضا فترة ظهور سهيل هذه تعني للناس في الصحراء الكثير ، فهي تعني لهم كما سبق ذكره نضوج التمر ، وانخفاض سعره لتوفره وكثرة العرض ، كما تعني قدوم أهل البادية إلى القرى والمدن والحضر بعد أن يكون الجفاف ضرب أطنابه في كل مكان ، وأن عليهم التزود بالماء والغذاء في هذه الفترة فلا مورد ولا عد يوجد فيه ماء بعد أن يبست في فترة ( هبايب المرزم ) السابقة ، وقبل ذلك فترة ( طباخ اللون ) ، فهي إذا، فترات من الحرارة والجفاف المتتابع طيلة أشهر الصيف ، فلا غرابة أن تترك الموارد جافة جداً. ونتساءل : مالذي بعد ظهور نجم سهيل ؟ وهل تتحسن أوضاع الصحراء وسكانها التي يتابع مناخها الرعاة و الزراع والشعراء والمهتمون بها؟ إن ظهور نجم سهيل يعد الحد الفاصل بين حرارة الصيف وهوائه اللافح وبين المنحدر الذي تبدأ فيه درجات الحرارة بالانخفاض ، وكذلك وجود الظل المسمى ( سهيلي ) ويقع بجوار الأجسام من أشجار وجدران وغيرها كظل شمالي لها باعتبار نجم سهيل يسطع من الجنوب ، وبالطبع هو ظل من الشمس وليس من غيرها وهو في النهار وليس في الليل . ثم تبدأ نسائم هواء باردة وانخفاض حتى في درجات حرارة الماء عند ملامسته ، بحيث يشعر مستعمل الماء بالقشعريرة . ونعرج على القول المشهور [ إلى طلع سهيل لا تامن السيل ] وكلمة ( لا تامن ) تعني : توقع السيل . فبظهوره يكون موسم المطر قريباً ، وهذا ملاحظ في شهر أيلول سبتمبر الذي يلي ظهور سهيل حيث يقولون في بلاد الشام وهي شمال الجزيرة [ أيلول ذيله مبلول ] ولعل مرافقة النخلة كرصد لثمرتها وللمناخ بما فيه من أمطار جاء في شعر الشاعر راشد الخلاوي بدقة ومتابعة متسلسلة زمنياً حيث يقول : إلى غابن النسرين بالفجر علقوا مخارف في لينات الجرايد والنسران نجمان فوق الرأس هما الشعراء اليمانية،والعبور وهما أبين وأوضح نجمين .