وصف الباحث المتخصص في نقد حركة «الإخوان المسلمون» ثروت الخرباوي القرار الملكي الأخير في المملكة الذي جرم الانضمام إلى الجماعات المحظورة بأنها صفعة للجيل الثالث من شباب الجماعة الذين هز القرار ثقتهم بصوابية عمل الجماعة التي تمددت أفقياً بشكل كبير معتمدة على طريقة التنظيم شبه العسكرية. وقال الخرباوي «جماعة الإخوان المسلمين وفقا لخبراتي وقراءاتي عنها وعن شخصياتها وكتبها هي جماعة سياسية وليست دينية، ولكنها ارتدت ثياب الدين لتستطيع أن تقهر خصومها بالدين فهي ذهبت إلى الدنيا والسياسة رافعة لواء الدين، لكنها تبغي السياسة». وبحسب الخرباوي فان حسن البنا عندما أقام جماعة الإخوان كان الصراع على الحكم، والسياسة نصب عينيه، ولكنه في ذات الوقت أراد أن يصنع لنفسه قاعدة يصل بها إلى جموع الناس، حتى من خرج من الأحزاب الأخرى، فلذلك بدأ بداية دعوية، وثم من عام 1943 دخل عالم السياسة وترك عالم الدعوة». وزاد الخرباوي: «حين انتقاله إلى القاهرة بدأت فروع حركة الإخوان المسلمين تنتشر في المحافظات ومديريات مصر كلها، وأصبح له جمهور كبير على خلفية الدعوة وحركة الدعوة، حتى شارك في الانتخابات البرلمانية عن دائرة الإسماعيلية ومن ثم من الانتخابات، ومن ثم انسحب منها بعد اتفاقه مع مصطفى النحاس، لكن من الجماعة تمددت أفقياً بشكل كبير.. وهناك فئات تخدمها بغباء ودون معرفة وقتها الجماعة ومع أول مجلة أصدرتها وهي تكتب في السياسة، وكانت كل المقالات سياسية تتحدث فيها عن الحكم والملك فؤاد ثم الملك فاروق ومن ثم الأحزاب والانجليز». ورأى الخرباوي أن الحديث عن دعوية الحركة هي لفترة مبكرة جدا من عمر الجماعة، وبعدها تحورت، «وهي كانت للإعداد ولاجتذاب أعداد كثيرة من الشباب ليدخلوا إليها ومن ثم تحويلهم إلى العمل السياسي، بزعم أن هذا العمل يصل إلى تمكين الدين». وزاد: «تمددت جماعة الإخوان أفقياً بشكل كبير لأنها لم تكن هناك جماعات حينها بالمعني المعهود، والجماعات الأخرى كانت دعوية دينية وليست سياسية، فيما تعتبر الإخوان هي جماعة المنشأ. وقال ان التنظيم الدولي بالنسبة لهم هي الوطن، وفكرة الوطن هي فكرة غائبة عنهم، وليس لهم وطن محدد، والتنظيم الدولي هو الوطن والأرض، فلذلك يسعون إلى المغالبة على كل الدول للوصول إلى الحكم، وذلك لإعلان الحكومة الإخوانية». وبين أن هناك أفرادا كثيرين داخل الإخوان وهم من الشباب، وهناك من «خارج الإخوان من يخدم الجماعة خدمات كثيرة بعضهم يدري وبعضهم لا يدري، وتختلف بالدفاع عنهم مباشرة أو غير مباشرة بالدفاع عن فكرتهم، وسيجدون جزاء سنمار حين يصلوا إلى الحكم، كما حصل مع حزب النور الذي أبعدوه عن المقعد بعد وصولهم إلى الحكم بعد ثورة 25 يناير، وابعدوهم عن كل شي». ووصف الخرباوي نفسه بأنه أول ما كتب عن الإخوان وكان يكتب عن تجربته الشخصية، «لان المشروع الفكري كان قديما، إلا اني أردت أن أصل إلى القاري خطوة بخطوة، ثم انتقلت من التجربة الشخصية إلى نقد الأفكار الخاصة في الجماعة، والمدارس الفكرية التي تأثرت بها الجماعة ومؤسسها وتأثير الفكر التكفيري فيها، وعلاقتها بشكري مصطفى، وعلاقتها بالدول الغربية». وزاد: «أنا أتحدث بمن تأثر بالإخوان من خارج مصر، وكيف أن حسن البنا استلهم من الطريقة الحفصية الصوفية طريقة التربية داخل الجماعة، حتى يكونوا تحت يديه في السمع والطاعة، واستفاد من المحفل الماسوني في طريقة بناء التنظيم، ومن ثم النظام الخاص كما فعل الحشاشون في جماعة حسن الصباح منذ ألف عام تقريبا». وشدد الخرباوي على أن «الإخوان» يعتبرون أن التنظيم هو الدين، «وهذه النقطة من اكبر الأخطاء الفكرية التي وقعوا فيها، وهم يعدلون بين الإسلام والتنظيم، لان حسن البنا أوصل إلى فكرهم ذلك، وقال لهم نحن الإسلام ونحن صحابة رسول الله، ونحن القرآن، فلذلك أي شخص يختلف مع الإخوان من الممكن أن يصفى ويسفك دمه». ووصف الخرباوي كتابه «سر المعبد» بأنها محاولة لإفاقة من داخل الجماعة، «فالجماعة خافت من هذا الكتاب خوفا شديدا، وفعلت أفعالا كثيرة منها أنها قامت بشراء الكثير من النسخ التي تنزل في السوق ثم تقوم بتزوير نسخ وطرحها على الأرصفة بأسعار مخفضة، والنسخ المزورة كانت تكرر فيها الفصول وتحذف فيها بعض الفصول بعينها، إلا أن النسخ الأصلية وصلت إلى جماعة كبيرة من داخل الجماعة، وكانت هناك تحذيرات من شرائها واقتنائها، ومن وراء الكتاب خرج العشرات من الصفوف، والبعض يحاول ولا زال، وبعدي كتب الكثير مؤلفات عن ذلك». وبين أن طريقة التنظيم شبه عسكرية «بحيث ان الجندي لا يستطيع أن يذهب إلى القائد مباشرة، بل يجب أن يمر بدوائر كثيرة قبل أن يصل إليه، وهذه هي الجماعة، فما زالت التدريبات موجودة حتى فترات قريبة، لكن التدريبات كانت من دون سلاح، وبعد الثورة أصبحت بالسلاح، والآن خف التدريب ولكن تحولوا إلى التنفيذ». وصف الخرباوي رد فعل الإخوان على القرار الملكي الذي صدر في المملكة بتجريم الانضمام إلى التنظيمات الممنوعة بأنه أصابهم بخيبة أمل شديدة، وأصابت روحهم المعنوية لتصبح في اشد حالات الإحباط». وزاد الخرباوي بان الأعضاء في حركة الإخوان كانوا يعتقدون أنهم من الممكن أن يجدوا دعما من المملكة، وكان خطاب الأمير نايف رحمه الله عن الجماعة بأنها جماعة إرهابية وتصدر الإرهاب إلى المنطقة وأنها اساءت إلى المملكة، وجد رد فعل قوياً داخل الجماعة، رغم أن العهد الذي كان بين قيادات المملكة وقيادات الإخوان في الستينات بألا يمارسوا إي عمل سياسي أو أي عمل للتنظيم داخل المملكة، فخالفوا العهد، وهذه سمتهم المعتاده». ووصف قرار المملكة بأنه تجفيف للمنابع لمن في الحركة «وانه أصاب بحيرة حتى الأفراد الصغار من الجيل الثالث الذين كانوا يشعرون أنهم مضطهدون، فالآن تدور في أذهانهم أسئلة من نحو:»هل نحن على صواب». واستشرف الخرباوي مستقبل الإخوان بأنها جماعة لا مستقبل لها، «لأنها عندما وصلت إلى الحكم في بعض الدول كان السقوط حليفها وعندما وصلت إلى الحكم في بلد المنشأ، تصادمت مع الشعب وتصارعت معه، وأي جماعة تتصارع مع الشعب لا مستقبل لها، ولكن المشروع الذي صدرته إلى العالم فشل بحد ذاته وانتهى مشروعها والأفراد لا يستطيعون الانتقال بهذا الفكر.