تلف وشاحها على قلبها لتحميه من الجوع، من التخاذل، والحزن.. ولكنها عبثا تفعل.. فالحزن يرافقها دون أن يكون لها في ذلك خيار.. ثيابها تمتد من حدود نسوة قضين العمر كله يحلمن ولا يشبعن من الحب.. في يديها رسمت بالحناء وجوه كثيرة تفتش بينهم عن وجه "روضة" التي خرجت من مدرسة كانت تأخذ خيول الآمال إلى "منصة" الكلام الطويل، هناك حيث اكتشفت خلف ذلك "الزي المدرسي" فتاة أخرى تتكون حتى تكون شاعرة يوما ما. في تلك الأيام اعتادت أن ترمي بنفسها في أقدار شاسعة تختار عنها "المصير" إلى عوالم تدخلها "بثقة" لترى كم من التجارب والدهشة ستغير فيها.. سمعت ذات يوم نداء خفيًا ينبض فوق الورق المبعثر فوق طاولتها.. وحينما لمست بأصابعها ذلك النبض وجدت هناك شفاء يشبه شفاء السماء حينما تتبرج للأرض فتهطل مطرا وحياة.. نعم أتدلل على ذلك الأناني الجميل وأهرب منه روضة الحاج سمعتها تقول لمن دخل قلبها (اليوم دعنا نتفق.. لا فرق عندك إن بقيت أو مضيت.. لافرق عندك إن ضحكنا هكذا كذبا.. وإن وحدي بكيت! فأنا تركت أحبتي ولديك أحباب وبيت.. وأنا هجرت مدينتي، وإليك يابعضي أتيت.. وأنا اعتزلت الناس والدنيا.. فما أنفقت لي من أجل أن أبقى؟! وماذا قد جنيت؟ وأنا وهبتك مهجتي جهرا.. فهل سرا نويت ؟!).. أضع يدي على قلبي وأتنفس ذلك الوجع وأسألها.. لم كل ذلك الوجع والألم ياروضة ؟ فتقول لي "الشوق يتعب الروح ويرهق القلب.. أشير إلى العالم فأسألها" ألم تحصلي في الحياة على تلك الأحلام ؟ فتقول " الحياة معادلة صعبة لاتكتمل إلا بأضدادها.. وأنا مدينة لمن جعلني أختبر الشوق بداخلي واشرب من ذلك النهر المقدس.. جميع المبدعات يعانين من سحر المشعوذين والدجالين الشاعرة والإعلامية السودانية "روضة الحاج".. تدخل "على المكشوف" لتقذف بداخل الأسئلة كل الإصرار بأن تشق ذلك الطريق بشجاعة المرأة التي لم تكن يوما سوى "المسالمة" حتى إن كانت بقلب مثقوب.. كتبت لي "بأن الإنسان معجزة كبيرة حينما يتألم، ويبكي، ويجرح، ويحمل كل ذلك في قلبه ثم يكمل طريقه في الحياة دون أن يتحسس ذلك الجرح أحد.. هنا ندمت كثيرا لأنها لم ترتكب الحماقات.. ولكنها تعيش الزمن المفتوح من خلال أحلامها المستحيلة.. تتذكر أخيها "صابر" فتجده بداخلها مازال يعيش ويكبر.. ثم تهمس لي "حان الوقت لأجمع أسراري في خزانتي لأشعر بأنني امرأة.. تلف وشاحها الطويل على كتفيها ثم تغلق الأبواب وتمضي لتلتهم ذاك الطريق.. امرأة مسالمة: *أمام الحياة علينا أن نختار الطريق الذي سيوصلنا إلى هناك.. الاختيار الصعب هو المنعطف الذي يقلب المسارات فنتشكل بتلك التجارب ونتغير.. كيف كانت خياراتك في الحياة؟ هل تحبين الدخول في الاختيارات التي تمثل المغامرة الكبيرة في الحياة؟ أم أنك تفضلين الخيارات التي تكون موازية لخط الحياة دون مشاكسة؟ - كنت (قدرية) إلى أقصى حدود المعنى لهذه المفردة.. باستسلام غريب ألقيت بنفسي في بحر الحياة أخوض لجتها بمركب الصدق أجدف أحيانا واترك للتيار الأمر في كثير من الأحيان.. لا ادعو أحدا أبدا ليكون مثلي ولكنني عندما اتأمل أحيانا بعض خطاي على الطريق لا اكاد اذكر أنني خططت لشيء.. الأشياء حدثت معي هكذا نجاحا وإخفاقا.. أخطاءً وصوابا. أتراحا وأفراحا كلها وقعت هكذا.. إذا آمنت فنيت واستبسلت وقاتلت في سبيل ما اؤمن به حتى لو كان ذلك ضد الجميع وفي ذات الوقت أنا امرأة مسالمة وغير مشاكسة إطلاقا!! كيف يجتمع هذا مع ذاك ؟؟ أنا أيضا لا أدري. قلب مثقوب: *كتبت (اليوم أوقن أنني لن أحتمل! اليوم أوقن أن هذا القلب مثقوب ومجروح ومهزوم وأن الصبر كل.. وتحول لجنة حزني المقهور.. تكشف سوقها كل الجراح وتستهل).. متى نتأكد من أن القلب أصبح مثقوبا ومجروحا ومهزوما؟ من أين لنا بكل ذلك الاحتمال حتى نعيش بكل ذلك القدر من الوجع؟ -نتأكد أن القلب مثقوب عندما نعبأه بالفرح ونجده خاويا.. عندما نزرعه بالنسيان فينبت أشواك الذكرى.. عندما تتحول مهمته إلى مضخة للدم لا غير!! قوي هو الإنسان عندما نتصور احتمال الحزن والألم التي يحملها كل منا على ظهره ويسير بها في طرقات الحياة ثم هو يضحك ويحب ويكتب وينام ويصحو بأحماله تلك ذاتها والتي لا تزيدها الأيام إلا قسوة وألما. نحن مدينون لمن جعلونا نختبر الشوق ونشرب من النهر المقدس أضداد الحياة: * جميلة المرأة حينما تبدع.. ورائعة حينما تصنع.. ومدهشة جدا حينما تنجح.. وأنت يا "روضة" ناجحة حقا.. أخبريني أيمكن للنجاح أن يغير المرء ويدفعه إلى مناطق في الحياة تعيد تشكيل روحه وإنسانيته؟ هل هناك نجاح سيئ ؟ وماذا عن الفشل.. هل له مكان في حياتك؟. - لا أحب استخدام النسبية في توصيف المعاني ولكني حقا أؤمن بان النجاح نسبي وما من معيار دقيق لتوصيفه لا سيما في مربع الإبداع.. وما من احد يستطيع الادعاء بأنه ناجح دائما أو تماما فلربما نجح في أمر واخفق في آخر.. هذا هو عدل الحياة وموازنات القدر لكن القيمة العليا في هذا السياق هي قيمة الرضا. أيضا لا اتحدث عن الرضا المقعد أو المثبط أو المستسلم بقدر ما اتحدث عن الرضا المدرك المتصالح المريح. نعم يوجد نجاح سيىء.. النجاح الذي يعرفنا إلى الغرور نجاح سيء والنجاح الذي يعلمنا الأنانية والحسد والإقصاء نجاح سيىء والنجاح الذي لا يضيف إلينا معاني نبيلة في الحياة نجاح سيىء. بلى للفشل في حياتي مكان ومكان كبير صدقيني لا تكتمل معادلة الحياة إلا بأضدادها نعم نجحت في مشاريعي الإبداعية لكنني أصبت فشلا في مشاريع أخرى أيدلوجية وفكرية.. بلى نجحت في علاقتي بالشعر ولكنني فشلت في بعض علاقتي بالحياة.. ملف الفشل عندي يحوي أسماء لأحبة وأصدقاء وهذا محزن وبالمقابل ملف النجاح يضم أشياء لم تكن تعنيني كثيرا! مرآة التوت: * في المرآة تكتمل الصورة المعنوية أكثر من الجسدية.. المرآة تعكس أرواحنا التي لا نحسن القبض عليها.. هي متاهة نفس.. ولقاء قلب.. حينما تنظرين في مرآتك ما الذي ترينه في "روضة الحاج" ؟ متى نظرت إلى مرآتك فوجدت امرأة أخرى لا تعرفينها ؟ - كثيرا ما تفاجئني نسوة متعددات الوجوه لا اعرفهن على مرآتي!! امرأة حزينة وأخرى شاحبة وثالثة متفائلة وأخرى مرتبكة وامرأة بلا وجه وأخرى وأخرى وكثيرا ما اخرج خارج ذاتي وأتفرج على هذه الطفلة التي كبرت فجأة !! المرآة فاضحة أسرار الذات ومسقطة أوراق التوت بصدقها وشفافيتها. الأفق البعيد: * كتبت سعاد الصباح ( سيظلون ورائي.. بالإشاعات ورائي والأكاذيب ورائي.. غير أني ماتعودت أن انظر يوما للوراء.. فقد علمني الشعر بأن أمشي. ورأسي في السماء).. ماذا تفعل الإشاعات بامرأة تلاحق أحلامها في الطريق؟ أي الإشاعات التي لاحقتك وتألمت منها كثيرا؟ هل دفعتك تلك الإشاعات للتوقف عن الحلم؟ - سلاما على هذه النخلة الوارفة الشماء سعاد الصباح.. يوم أيقظني صوت أمي وهي تقرأ لها وجدت في فمي طعما مختلفا لتمر الشعر ما أزال أحسه كلما قرأت سعاد الصباح.. أشعر أننا بحاجة إلى إعادة قراءة تجربة سعاد الصباح دون أن نسمح لأشجارها العالية بحجب شمسها. أنا ابنة الشعر وهو الذي رباني فأحسن تربيتي!! الشعر كالحب يحول خلايانا وصفاتنا يجعل البخيل كريما والشجاع جبانا والجريء خجولا انه بشكل ما يعبث بجيناتنا الوراثية ويؤثر على كل فحوصات ال (دي إن إيه) خاصتنا لا يهتم لأمر (كروموسوماتنا) ولا تعنيه وقد علمني الشعر ألا التفت إلى الوراء وان انظر دائما إلى حيث انتمي.. إلى هناك... إلى الأفق البعيد.. الجوع إلى الحنان قبيح الشكل وقاتل مأجور ستظل الإشاعات والأقاويل هي السحر الأسود الذي يلقيه المشعوذون والدجالون على مسامع وخطى المبدعات لاسكات أرواحهن الناطقة ولإخماد حروفهن النابضة بالحياة.. عليهن أن يعبرن إلى افقهن البعيد، واحدة من المواجع التي ظلت تتردد على لسان كل المبدعات اللائي حاورتهن في برنامجي بالإذاعة السودانية (منازل القمر) أو برنامجي التلفزيوني على فضائية الشروق (سفراء المعاني) (شخصنة) ماتكتب المبدعات ومحاولة النظر إلى الدوافع الكتابية وإسقاط حياتهن الشخصية بشكل قسري على منتجهن الإبداعي وهذا ظلم فادح !! القصيدة ليست سيرة ذاتية والرواية ليست سيرة ذاتية والقصة كذلك وسائر ما تبدع النساء. لقد آن الأوان ليتوقف الفضوليون عن هوايتهم في التقصي الذي لا يضيف إلى المنتج الإبداعي إلا الضلال وآن الأوان للنقد أيضا أن يعمل نظرية (موت الكاتب) عندما يتعامل مع النص النسوي إذا كان لا يستطيع قراءة إبداع المرأة إلا داخل هذه السياقات المكبلة مع تمام يقيني أن هذه خسارة أيضا ذلك أنني أزعم أن خصوصية ما تميز كتابة النساء ولا أريد لهذه الخصوصية أن تغفل في القراءة النقدية المسؤولة والواعية. مسار الحزن: * تمضي الأيام في ذلك الضجيج نعيش، ننسى كل شيء، فقط ألم واحد، حزن واحد، فقد واحد.. يتعلق بنا وكأنه يأكل ويشرب معنا، لانهرب منه ولا نحسن الهروب عنه.. وماذا عنك؟ هل يتعلق بك "الألم والحزن" ويرافقك أينما تذهبين؟ ماذا تفعل بنا تلك الأحزان التي تأكل قلوبنا دون رحمة ؟ - طيني معجون بالحزن يلازمني والازمة صدقيني لست حريصة على هذه الرفقة ولكن يبدو أن كل المسارات تقودني إليه أو تقوده إلي.. بالحزن نصل إلى أقصى درج إنسانيتنا.. نتطهر ونغتسل ونصلي في محاريب الأوبة.. من لم يجرب الحزن لم يجرب الحياة ومن لم يختبر الحزن لم يختبر الأمل والحب والفرح. تلف الروح: * كتبت (أنا لست غاضبة عليك.. يا كل أسباب الهناء والشقاء.. غضبي على هذا الذي يشتاق لو يلقاك. يدفن وجهه.. ولديك يجهش بالبكاء.. أنا لست نادمة على شيء مضى.. يا أنت.. يا خير ابتلاء).. هل الاشتياق يتعب الروح والقلب ؟ ألم تندمي على "شوق" عشت حالاته مع من لا يستحق ؟ من هو خير البلاء لديك ؟. - بلى يا سيدتي.. الشوق يتعب الروح لكنه يجليها.. يرهق القلب لكنه يزكيه.. ويشجي النفس لكنه يحرر شهادة حياتها.. نحن بغير أشواقنا وأحزاننا وألمنا محض (كائنات حية) هكذا تؤنسننا أوجاعنا وتجوهرنا.. العكس تماما صحيح اشعر أحيانا بأننا مدينون لمن جعلونا نختبر الشوق والحب والبعد واللهفة.. ندين لهم بالفضل لأنهم أتاحوا لنا المنح من هذا النهر المقدس. امرأة المتضادات: * الضعف و"الهشاشة" والعاطفة الجياشة تهمة تلتصق بالمرأة.. أيمكن أن تكون هناك "تهم" حقيقية أخرى تلتصق بالمرأة لا يعرفها الكثيرون ؟ حينما تعشق المرأة تعطي كل شيء حتى إن لم يكن ذلك الرجل ( شيئاً).. ماذا تسمين ذلك العطاء ؟ ومن هي المرأة القوية ؟ -أظن أحيانا أن جزء من عظمة المرأة يكمن في جمعها للمتضادات هذه بالتساوي هي هشة وقوية وهي مزعنة وعنيدة وهي ضعيفة وصلبة وهي لينة وجبارة وفي كل ذلك تصل إلى أقاصي المعنى تطرفا وإسرافا !!والمرأة القوية في ظني هي المرأة الضعيفة!! لست مع الدعوات (الجندرية) التي تحاول أحيانا نزع المرأة من تربتها وزراعتها على ارض جديدة واعتقد أن عظمة المرأة وجمالها وتفوقها وقدرتها على تغيير الكون وجعله مكانا أفضل تكمن في خصائصها التي قد تقرأ أحيانا نقصا أو ضعفا أو خنوعا.. أنا مع تعزيز الثقة لدى النساء في أنفسهن وإتاحة الفرص المتكافئة لهن في الحياة لكن دون تحويرهن وتحويلهن إلى كائنات أخرى هجين!! لا تتركني: تلك كاشفة أسراري ومن أسقطت أوراق التوت بشفافيتها * غنى جاك بريل أغنيته الفرنسية الرائعة ne me quitte pas (لا تتركيني.. لن أبكي بعد الآن.. ولن أتكلم.. سأختبئ من حيث أراك. ترقصين. وتبتسمين.. واستمع إليك.. تغنين.. وتضحكين.. لا تتركيني).. أيمكن أن يدفعنا الحب لأن نختبئ خلف الهجران لنرقب من نحب من بعيد ونحن نلمح ابتسامته ونسمع كلامه لنتعذب بذلك الصمت ؟ لمن تقولي (لاتتركني)؟. - أقول ذلك للشعر.. أخشى أن استيقظ ذات صباح فأجد مذكرته الأخيرة على منضدتي والسبب كثرة دلالي عليه!! ما اكثر ما تلح علي قصيدة ما أكثر ما يحاصرني مطلع جميل ولا استجيب لأنني أريد أن أكون أما وزوجة وموظفة وربة عمل وجارة طيبة ووو.. أما هو فأناني جميل يريدك خالصة له مؤمنة به عاكفة عليه وأنا لم استطع بعد أن أكون تلك المتبتلة في محاريبه المنتظرة قدومه وقتما شاء.. اعترف بتقصيري في حقك اعترف بخروجي على سلطانك ولكني أرجوك أن تبقى معي ربما صنعت مني الأيام القادمة المرأة التي تريد. ندمت لأني لم أرتكب الحماقات ولم أقترف الأخطاء الصبر على الألم: * كتبت (اليوم دعنا نتفق.. لا فرق عندك أن بقيت أو مضيت . لا فرق عندك أن ضحكنا هكذا كذبا.. وإن وحدي بكيت.. فأنا تركت أحبتي ولديك أحباب وبيت.. وأنا هجرت مدينتي . وإليك يا بعضي أتيت. وأنا اعتزلت الناس والدنيا.. فما أنفقت لي من أجل أن أبقى).. في الحب هل يشترط أن يكون العطاء بين "طرفين" متساويا، بذات القدر حتى ينجح العشق ويستمر ويكون عادلا؟ من يتخلى بسهولة عن محبوبه هل يكون حقا صادقا في ذلك الحب؟ كيف هو شكل الوفاء في الحب؟ - (الحب الشعري) يشبه الحب الافتراضي حيث قانون القصيدة مختلف بالضرورة عن قانون الحياة.. الضرورات المعنوية والشطح الشعري يجعل من نص ما قصيدة فريدة ولكنها لا تصلح معيارا ولا شاهدا ولا دليلا وهذا النص نموذج.. حاولت عبره وعبر نصوص أخرى استدعاء نساء اعتقدت أنهن أجدر بان يجدن بعضهن في الشعر.. البكماوات بأوجاعهن.. الخرساوات بخسائرهن الصابرات على الألم العظيم. الضعف الجميل: *الأم.. هي العالم المبهج الذي يأتي بأصناف الحب كله.. إنها الإنسان الذي لا يمكن أن يغدر أو يقسو أو يتخلى.. هل هناك "أم" تغدر وتخون وتتخلى عن أبنائها ؟ أيمكن للعالم أن يبرد ويصبح قاسيا حينما تقسو الأم ؟ كيف هي أمومتك لمحمد وخالد ؟ وما لذي يغضبك كأم؟ - أكثر ما يخيفني في هذا الكوكب كله ألا أكون أما كما يجب لهما!! صدقيني أنا على استعداد لان افعل أي شيء لأكون الأم التي يستحقانها.. فانا مدينة لهما بالرغبة في الحياة نفسها!! ما من انتماء بإمكانه أن يسجن امرأة وهي سعيدة بأسرها إلا أمومتها وما من ضعف يماثل قوة الأمومة وأنا مستسلمة تماما لهذا الشعور الأليف ومستمتعة به إلى درجة التلاشي ولكنني وككل الأمهات من جيلي هذا يقتلنا الشعور بالتقصير مهما فعلنا فلدينا أعمالنا ومشاريعنا ومسؤولياتنا الملحة. طفلة العقل: * تسرقني "الأرجوحات" ولعب الأطفال في الحدائق كثيرا.. صوت الأرجوحة يذكرني بطفلة مازالت بداخلي تشد قلبي للحياة.. هل تلامسك ألعاب الأطفال وأرجوحات الحدائق؟ هل سمعت صوت "روضة" يوما يعلو بضحكاته خلف "الألعاب"؟ ماذا قلت لها حينما وقعت؟ - إن كان من زمان أود استعادته فهو زمان طفولتي.. لم اترك للطفلة روضة حق الاستمتاع بطفولة كاملة الدسم.. كنت (أعقل) مما ينبغي لطفلة في الخامسة.. لم ارتكب الحماقات ولم اقترف الأخطاء.. كم أنا نادمة على ذلك !! كلما ذهبت إلى حديقة مع أطفالي جرفني شوقي إلى المراجيح والعرائس والدمى لكن تلك الصبية (الرزينة) ما تزال تقلم أظافر حماقاتي كلما أنبتها وتضفر جدائل مشاكساتي كلما أطلقتها للريح أشعر كثيرا أنني بحاجة إلى طفولة أخرى ربما في مكان آخر. هذه الأيام أحلم بأشياء لا تخطر على بال أحد الحلم المفتوح: * أحلم أن أصعد إلى الغيوم حافية القدمين.. عارية الروح. وأن استحم مع الحب.. ماهي آخر أحلامك ؟ هل للأحلام ثمن؟ من النعم الكبرى فضاء الحلم المفتوح حيث لا تأشيرات عبور ولا أختام ولا جوازات حيث الإقامة الحرة في فنادق العشر نجوم والزمن المفتوح.. لذلك أكثر ما افعله هذه الأيام أنني احلم بكل شيء قد لا يخطر على بال احد!! الجوع للحنان: * كتبت أحلام مستغانمي ( فالجوع إلى الحنان . شعور مخيف وموجع . يظل ينخر فيك من الداخل ويلازمك حتى يأتي عليك بطريقة أو أخرى ).. متى لازمك الجوع إلى الحنان وبكيت بسبب ذلك الجوع؟ ماهو الجوع الذي تشعرين به الآن؟ - صدقت هذه الجميلة.. بلى يأتي علينا بطريقة أو أخرى.. الجوع إلى الحنان أقبح أشكال الجوع وأكثرها فداحة.. قد يأتي متلبسا بما لا يخطر على البال..انه قاتل مأجور يتخفى خلف كل شيء وينجز مهمته دائما.. صدقيني لو أنشأت صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي بهذا الاسم لوصلت إلى أقصى المسموح به من الأعضاء في يومين أو ثلاثة ولو شئت إنشاء حزب سياسي بهذا الاسم لفاز في الانتخابات في كل البلدان العربية !! كلنا جوعى وعطشى أنها مجاعة الإنسان!! بوابة الاكتشاف: * المدرسة هو العالم الأول والمحيط الكبير الذي يدخله الطفل ليتعلم بدايات الإخفاقات في العلاقات الإنسانية وليخوض تجربة المتعة في صداقات حقيقية . هناك يتعلم.. ماذا بقي من طفولة "روضة" في داخلك ؟ وماهي أول المواقف المدرسية التي منها بدأت تشعرين بأن هناك "خلقًا" جديدًا يتشكل بداخلك؟ - كان عالمي محدودا جدا وضيقا بشكل كبير تربيت في أسرة صغيرة وليس على عادة معظم الناس في السودان (الحوش الكبير) حيث الأسرة الكبيرة وبالتالي كانت نوافذي على العالم وأنا طفلة أخي صابر رحمه الله والذي تعلمت معه الكلام والشعر والغناء والاستماع إلى الراديو وبفقده أغلقت نافذة كبيرة في حياتي.. نافذتي الأخرى كانت الكتب والإذاعة فما أزال اقتات على ذلك الزاد القديم الذي هيأته لي قراءاتي الأولى والباكرة.. أما بابي الكبير إلى الحياة فقد كان هو المدرسة. هناك في المدرسة وكبنت وحيدة وسط مجموعة من الأولاد الذكور تعرفت إلى عاطفة أن تكون لديك أخت وهو إحساس كان مفقودا لذلك تعلقت جدا بسعاد عبدالقيوم ومنال احمد سليمان وسهام احمدون وفي مرحلة اكبر تماضر وماريا وعفاف ويسرا وابتسام وقائمة طويلة من الصداقات التي كانت تعني لي الكثير في ذلك العمر. نجحت في الشعر وفشلت في علاقتي بأحباب وأصدقاء في المدرسة أيضا اكتشفت الإعلامية روضة قبل اكتشافي لروضة الشاعرة حيث كنت أقدم طابور الصباح وأشارك في كل الندوات الأدبية تقريبا وكل المجلات الحائطية وحفلات الاستقبال والمناشط المدرسية كافة ثم لاحقا اكتشفت الشاعرة؛ لذلك المدرسة كانت هي عالمي الساحر وبوابتي نحو الاكتشاف على المستويين العلمي والأكاديمي والمستوى الإنساني أيضا. امرأة الأسرار : * ماهو السر الذي لم تقوليه لأحد؟ - ليست لدي أسرار كثيرة واعتقد أنني كتاب مفتوح واضح الصفحات والخطوط وأنا غير سعيدة بذلك لذا يؤسفني انك سألت في الوقت الذي بدأت فيه بجمع بعض أسراري الصغيرة ووضعها في الخزانة لأشعر بأنني امرأة!! في احد الملتقيات الثقافية روضة على شاطئ الأطلسي على اطلال دلمون في البحرين مع الشاعرة مناة الخير والروائية الجزاذرية زهور ونيسي مع كاتبات من تونس وسوريا في مسابقة أمير الشعراء