عندما يغيّب الموت رجل أعمال بحجم الشيخ محمد العلي العبداللطيف مؤسس إمبراطورية "الغزالي" ووكيل العديد من الماركات العالمية والساعات، فإن ذلك يتطلب منا أن نقف وقفة إعزاز وإجلال لرجل أعمال وطني بهذا الحجم، ساهم في نمو اقتصاد بلاده وصنع من لا شيء إمبراطورية تضاف إلى قوة الاقتصاد السعودي، كما انه صاحب أياد بيضاء، عرف عنه البذل الكثير لأعمال الخير والبر للفقراء والمحتاجين والجمعيات الخيرية، ووقف مع الضعفاء وناصرهم، وتشهد له أعمال الخير الكثير من الفضل والعطاء، وخصوصا لمدينته الزلفي حيث أعطاها الكثير وساهم مادياً ومعنوياً في تطورها. لهذا فإنه رجل يستحق منا التكريم والتقدير، فقد كانت سيرته خير وبركة تفيض عصامية وتمتلئ بالمروءات والفضل والعمل الصادق الدؤوب من أجل دينه ووطنه. إن سيرة الشيخ "أبي علي" رحمه الله العملية التي بدأت من الصفر، ومنذ سن العاشرة، تستحق أن تدرس في المناهج ويتدارسها من أراد الولوج في عالم التجارة، فقد بدأت مسيرته عندما ذهب منذ صغره للكويت بحثا عن لقمة العيش ثم عاد للرياض ليعمل في مهن بسيطة، ففي عام 1366ه عمل في نقل الماء من الآبار قبل أن يصبح مرافقا لكفيف ليتحول بعد ذلك إلى ما يعرف «بالجمال» في أسواق التمور بين منطقتي الرياض والإحساء، لينتقل بعدها إلى الكويت للعمل الخاص، وبعد جمعه بعضا من المال عاد للزواج في الزلفي ثم انتقل إلى الرياض، وقد عُرف عن الراحل قصة (البشت) الذي باعه لأنه لا يملك سواه ليعقد أول صفقة في حياته بشرائه حقيبة ب47 ريالا ليبيعها لاحقا ب100 ريال، وليقرر بعدها التفرع للتجارة بشراء مبسط في السوق، والعمل في الدلالة والتحريج على الساعات لحين جاءت فرصة العمر بالسفر إلى لبنان حيث كانت الساعات تأتي منها ومن الكويت أيضا، ليسافر إلى سويسرا عام 1960 م وليقود مفاوضات حاسمة مع وكالة رادو للحصول على حقوق بيعها في السعودية حيث تعد المرحلة التاريخية في حياته. وبحكم أن الشيخ الغزالي من محافظتي فقد سمعت وقرأت عن سيرته العطرة الكثير، فهو رجل يتصف بقوة الإرادة والعصامية وحكمة الرجال والصبر على نوائب الدهر، وهذه المثل العليا جعلته يخوض أنواع الكفاح والعمل - منذ وقت مبكر- وسيرته العطرة تجعلنا نستلهم العبر ونعلمها لأبنائنا والجيل القادم، ليتعرفوا على العصاميين وكيف أنشأوا امبراطورياتهم دون كلل أو ملل، بدأ من الصفر ووصولا لأعلى القمم التجارية. وبمناسبة الحديث عن هذا الرجل الفريد، فإن ارتباط اسم الغزالي بسيرته لها قصة فقد غلب على اسم عائلته فأصبح يكنى "بالغزالي" نسبة للغزال بخفته وحماسه وكثرة نشاطه، ولهذا فقد غلب اللقب على الاسم فاشتهر بهذا اللقب وعرف به. رحمك الله أبا علي فلقد كان لوقع وفاتك حزن عميق في قلوب محبيك، وخسارة لسوق التجارة السعودي، ولكن العوض برجال خلّفتهم لا يقلون عن صفاتك وتواضعك وتبسطك وصدقك مع نفسك قبل كل شيء مما جعلك وإياهم تحظون بالحب والتقدير والإجلال من الجميع. إن الألسن لتلهج لك بالدعاء حيا وميتا، فلا يملك من يحبك إلا الدعاء من الله لك بالمغفرة والرضوان من رب الجنان، وأن يسكنك فسيح جناته ويلهم أهلك وذويك الصبر والسلوان.