ننتظر في الأيام القليلة القادمة فعالية مهمة إن لم تكن الأهم في الساحة الثقافية وهي معرض الرياض الدولي للكتاب 2014م الذي يعتبر الموسم المفضّل لجني الأرباح لجميع دور النشر العربية بلا استثناء، وسأعرض بعض ما لاحظته شخصياً من هذه الممارسات التي تفتقد للمهنية والأمانة. ومن ذلك أن بعض الدور حريصة غاية الحرص على طباعة كل عمل يتعلق بالتاريخ السعودي والقبائل السعودية وتراثها وآدابها وأنسابها بأي طريقة بغض النظر عن مشروعية هذه الطريقة لأنه يعلم أن لمثل هذه الكتب سوق رائجة في الأوساط السعودية في ظل الملاءة المالية التي ينعم بها السعوديون واستعدادهم لشراء هذه الكتب مهما غلا ثمنها ولذا فتلك الدور لا تتورع عن ممارسة الاختلاس واللصوصية والسطو والتحايل في تغطية هذه التصرفات بغطاء وهمي مثل تغيير عنوان الكتاب أو وضعه تحت اسم مؤلف أو محقق مجهول وأحياناً ينشر المسروق بدون اسم مؤلف أو محقق ولو تتبعنا الكتب الكثيرة المتعلقة بالتاريخ السعودي خصوصاً وتاريخ الجزيرة العربية عموماً التي نشرتها تلك الدور على مدى سنوات طويلة لوجدنا خللاً وعبثاً لا يخطر على البال وليس لدي شك في ضعف مصداقية بعض الدور وانعدام الثقة في إصداراتها لكن إنما نذكر بعض الشواهد التي لا زالت في الذاكرة ؛ فإحدى الدور أعادت طباعة كتاب تم تحقيقه فطبعته بنفس التحقيق ولكنها حذفت اسم المحقق الأصلي ووضعت على الغلاف اسماً لمحقق آخر يسمع به لأول مرة بل هو محقق وهمي من اختراع الناشر!! ومن المضحكات أن إحدى الدور أصدرت في سنة 2002م كتاباً يختص بإحدى القبائل تحت اسم مؤلف غير معروف لنفاجأ بعد حوالي ثلاث سنوات بصدور الكتاب نفسه عن الدار نفسها بعنوان جديد ولكن تحت اسم مؤلف جديد هو صاحب الدار!! والحقيقة أن هذه الدار قد اشتهرت مع دور أخرى بإعادة طبع الكتب القديمة وكذلك كتب المؤلفين الأعلام المتوفين دون رخصة من ورثتهم المؤلفين متجاوزين على حقوق الملكية الفكرية، بل إنه تعدى ذلك إلى السطو على مؤلفات الأحياء وإعادة طباعتها وتوزيعها من دون علمهم أو التفاهم معهم أو مع دور النشر التي سبق لها نشر الكتاب!!. ولا يقتصر الأمر على انتهاك الحقوق الفكرية والسطو على مجهودات الآخرين بل تجاوز ذلك إلى السرقة والاختلاس لأعمال الآخرين ونشرها تحت أسماء أخرى بدون وازع من أخلاق أو استشعار للأمانة العلمية وهناك قضايا تحدثت عنها وسائل الإعلام في حين وصلت قضايا أخرى إلى ساحات المحاكم وتم الحكم فيها بمعاقبة الدار وصاحبها ومع ذلك ما تزال هذه الدار تجد من المثقفين والأكاديميين من يروّج لها ويسوّق لإصداراتها. ومن الملاحظات أن تلك الدار تقوم بنشر مخطوط من المخطوطات ويوضع على غلافه اسم محقق مجهول في حين أن المخطوطة لم تحقق أصلاً وإنما مجرد تفريغ معيب مشوه لنصها قام به أحد موظفي الدار. في حين بلغت الجرأة بإحدى الدور إلى تجاوز حقوق المؤلفين ودور النشر الأخرى إلى تحدي الجهات الرسمية وإعادة طباعة الكتب التي تملك حقوقها دون إذن منها أو احترام لها الأمر الذي أدى إلى منع مشاركتها في معرض الكتاب ولكنها على الرغم من ذلك لم ترعوِ ولا زالت في غيّها للأسف الشديد؛ وآخر ما اطلعت عليه من ممارسات هذه الدار وصاحبها هو نشرها كتاباً مترجماً سبق أن نشرته إحدى دور النشر السعودية قبل سنوات عبر القنوات الرسمية لشراء الحقوق الفكرية من الناشر الأصلي تحت عنوان مختلف استخدم فيه اسم الملك عبدالعزيز لخداع القارئ والتمويه على الباحثين مع وضع اسم مترجم على الغلاف يغلب على الظن أنه غير حقيقي وإلا فكيف يكون مترجماً حقيقياً من يجهل ترجمة العنوان الأصلي للكتاب؟!! ولا زال للحديث بقية.