تعاني شريحة كبيرة من مرضى السكري من مضاعفاته سواء تلك المضاعفات التي تصيب الكلى والمجاري البولية أو العين والشبكية أو القلب والأوعية الدموية وما يتبع ذلك من القدم السكرية أو تأثيره على الجلد والبشرة والالتهابات الفطرية وكذلك جميع تفاعلات جسم الإنسان الأيضية. إلا أن بعض المضاعفات قد تكون مخفية أو أن صاحبها لا يفصح عنها خجلا ويريدها أن تبقى خفية. ومن هذه المضاعفات تأثير مرض السكري على القدرات الجنسية. وقد يكون التساؤل الأول هنا هو ما حجم هذه المشكلة الصحية لأنه من غير معرفة حجم المشكلة لا يمكن تسخير الإمكانات لمعالجة مرض ما. وللإجابة على هذا السؤال لابد من إجراء استبيان أو مراجعة للعيادات التخصصية التي يتابع فيها هؤلاء المرضى لمعرفة حجم المشكلة ومدى انتشارها. إن الأمر يكمن أن هناك عدداً قليل جدا من المرضى يفصحون عن ذلك أو أن الذين يفصحون عن ذلك هم أولئك الذين يعانون من ضعف شديد في القدرات وليس ضعف بسيط يمكن تداركه وعلاجه. وتكمن براعة الطبيب في الكشف المبكر عن ذلك إما بالسؤال المباشر أو الكشف المحدد لهذه المشكلة. ومن الدراسات الغربية وليست الدراسات المحلية يتبين أن المشكلة تبدأ من عمر مبكر وليس فقط بعد مرور سنين عديدة ولهذا الضعف علاقة كبيرة بمقدار التحكم بسكر الدم ومعدل السكر التراكمي ومقدار التذبذب في مستوى السكر في الدم وعدد مرات الانخفاض وعدد مرات الارتفاع في سكر الدم وكذلك عدد مرات حموضة الدم والأمراض المصاحبة لمرض السكري من ارتفاع لضغط الدم أو مرض القلب أو الأوعية الدموية أو زيادة الوزن أو زيادة الكولستيرول أو الأدوية المعالجة لهذه الأمراض وخاصة مرض ارتفاع ضغط الدم وزيادة الدهون ونحوها. ومن الدارسات الأمريكية في هذا الصدد تلك الدراسة التي أوضحت أن بداية المشكلة واقصد هنا مشكلة الضعف الجنسي ومشاكل الانتصاب تبدأ فيمن تجاوز عمر العشرين لمن كان لديه مرض السكري النوع الأول لمدة عشر سنين أو نحوها وإن كانت النسبة بسيطة وهي واحد في المئة وتصل النسبة إلى النصف أي خمسين في المئة لمن تجاوز الأربعين من عمره. وحيث إننا نفتقد إلى الإحصائيات المحلية وحيث إن مرضانا في التحكم بسكر الدم بعيدين كل البعد عن الهدف المرجو والنطاق المستهدف، فإنني أعتقد أن النسبة ستكون أكبر من ذلك بكثير. ولذلك دعوت في رأس الصفحة للزواج المبكر وقبل حدوث المضاعفات والوصول إلى الضعف التام للقدرات. وقد يقول قائل: بدلا من الدعوة للزواج المبكر لماذا لا نهتم أكثر بالوقاية من هذه المضاعفات والعمل على التحكم بسكر الدم بصورة أكبر والاجتهاد في مجال التوعية والنصح والإرشاد. لا شك أن كل هذا مطلوب ومنطقي ومبرر ولكن زيادة نسبة المضاعفات وعدم رغبة الكثير بالاهتمام بمستوى السكر في الدم وعدم الحرص على التحليل المتكرر لسكر الدم وعدم الالتزام بالغذاء الصحي وعدم ممارسة الرياضة بانتظام يدفعني لعلاج هذا الأمر المستفحل بطريقتين أولهما الاستمرار بالتوعية كما هو حاصل الآن وثانيهما الدعوة الميمونة للزواج المبكر وقبل فوات الأوان. وقد يتساءل البعض ما هو العلاج الأمثل للضعف الجنسي المصاحب لمرض السكري أو الأمراض المصاحبة لمرض السكري والإجابة تكون بالوقاية وليس شي آخر سوى الوقاية. فجميع الوسائل العلاجية المطروحة في الأسواق من منشطات أو حاقنات أو سواها أو عداها هي مجرد علاجات مؤقتة وغير دائمة ومع مرور الوقت تكون غير فاعلة طالما المشكلة الأساسية قائمة وهو مرض السكري وعدم التحكم به. إن الباحث في مشكلة الضعف الجنسي لدى مرضى السكري يعتقد خطأ أن المشكلة مرتبطة فقط بمرض السكري أو الأمراض المصاحبة له من مرض قلب أو أوعية ونحوها ولكن المشكلة مرتبطة أيضا بالعامل النفسي، بل أن الدراسات توضح أن العامل النفسي قد يكون أكثر أهمية من العامل العضوي في كثير من الأحيان وبعض الدراسات تربط ذلك بالقدرة المالية أو الوظيفية أو الدراسية ومقدار النجاح فيها. ونحن نعاني أي شبابنا من مشكلة وظيفية والتي بلا شك لها انعكاسات نفسية، فإن مشكلة ضعف القدرات ستكون مضاعفة وذات جذور متشعبة. كما أن المشكلة لا تقف عند حد الرجال دون النساء فكثير من نسائنا مصابين بمرض السكري وخاصة تلكموا النساء الحوامل اللاتي يبدأ لديهن مرض السكري في مرحلة الحمل ونتيجة لزيادة الوزن وهو مشكلة متفاقمة بين نسائنا يستمر مرض السكري لما بعد الحمل وبعد الولادة. إن مرض السكري يفقد المرأة أيضا قدراتها ورغباتها، فتكون بذلك المشكلة من طرفين وليس طرفا واحدا. وكما أن تأثير السكري على الرجل وقدراته مرتبط بعامل الزمن ومدة الإصابة بمرض السكري والتحكم بالسكر فكذلك هي المرأة. ولذا كان التبكير بالزواج أمرا ملحا للطرفين. يطالبني البعض بسرد الإحصائيات المحلية للضعف الجنسي في مرضى السكري في وطننا الحبيب ولا أود غالبا أن أتطرق لذلك خشية إصابة القاري بالذهول فتؤثر معرفة الحقيقة سلبا في نفسية المريض وتزيده سوء إلى سوء. ولكن بعض الدراسات المحلية ذكرت أن أكثر من ستين في المئة من مرضى السكري لديهم ضعف جزئي في الانتصاب، وأن حوالي 11 في المئة لديهم ضعف تام في الانتصاب. قد يقول قائل أن 11 في المئة ممن يعانون من الضعف التام الكامل نسبة قليلة إذا ما قورنت بستين في المئة ممن يعانون من بعض الضعف. وحقيقة الأمر أن الضعف شبه الكامل أكثر تأثيرا من الناحية النفسية من الضعف الكامل التام. لأن المصاب بالضعف الكامل التام لا يقدم على ممارسة الأمر بينما المصاب بشبه الضعف أو الضعف الجزئي هو الذي يقدم على الأمر فيصاب بالإحباط. مرض السكري كما أقول دوما مرض يصيب المجتمع بأكمله ولذا لابد من مواجهته كمجتمع وليس كفرد، لكونه لا يصيب الأفراد فحسب بل يصيب المجتمعات. لا بد من العناية بالغذاء ونوعيته البدانة قد تكون سبباً للسكري للضعف علاقة كبيرة بمقدار التحكم بسكر الدم ومعدل السكر التراكمي ومقدار التذبذب