تحمل مؤشرات التعافي التي يعكسها القطاع العقاري الكثير من الايجابيات اذا ما استهدفت الخروج من حالة الركود والتراجع وتعويض الخسائر المتراكمة وتنشيط القطاع العقاري وتحريك كافة القطاعات الخدمية والتجارية لدول المنطقة، والجدير ذكره هنا أن الايجابيات لن تكتمل الا بأخذ العبر وعدم تكرار أخطاء الطفرة العقارية السابقة، هذا ويستحوذ قطاع مواد البناء على أهمية متزايدة في الآونة الاخيرة نظرا لارتفاع الطلب وارتفاع عدد وحجم المشاريع الجاري تنفيذها، وتأثير أسعار مواد البناء على التكاليف الاجمالية للبناء على المستخدم النهائي وتأثيرها على مستوى التضخم السائد، في المقابل فإن هناك حزمة من التأثيرات التي تدخل في التكاليف الاجمالية للبناء والتشييد من خارج التأثيرات ذات العلاقة بمواد البناء، يأتي في مقدمتها مستوى المنافسة بين شركات المقاولات والمطورين العقاريين، بالإضافة إلى مستوى التعافي أو الانتعاش المسجل لدى السوق العقاري، حيث تساهم حالة التراجع في النشاط على رفع مستوى المنافسة في تخفيض التكاليف نتيجة خفض هوامش الارباح من قبل شركات المقاولات، وتستحوذ تكاليف العمالة والمصاريف الادارية وأسعار الاراضي وجودة البناء المنفذ ومعدلات التضخم السائدة في كل بلد، على أهمية كبيرة تبعا لوتيرة النشاط التي يسجلها القطاع العقاري في كل فترة. ويقول تقرير شركة المزايا القابضة إن السوق العقاري السعودي يخرج من حالة من عدم الاستقرار والتذبذب ليدخل في أخرى، وتتواصل التحديات بإشكال مختلفة وبأوقات يصعب تحديد بدايتها أو نهايتها، وأكثر ما يؤثر في السوق العقاري السعودي الارتفاع المسجل على أسعار العقارات، فيما يحتل التأثير القادم من الارتفاع المستمر في أسعار مواد البناء بأنواعها بحيز كبير على استقرار ونمو السوق العقاري السعودي وإعطاءه المزيد من القوة لتجاوز الضغوط والتحديات الحالية والمحتملة، وتشير بيانات السوق السعودي إلى أن معدل ارتفاع الاسعار قد تراوح ما بين 100 إلى 200% نتيجة ارتفاع مواد البناء، يذكر هنا أن حجم سوق مواد البناء في المملكة وصل إلى 95 مليار ريال سعودي، وهذا يقودنا إلى التذكير بالعلاقة الطردية القائمة بين كثرة المشاريع الاسكانية الحكومية وغير الحكومية وبين ارتفاع أسعار مواد البناء وما إلى هنالك من تأثيرات على أسعار الوحدات السكنية، وذلك عند الحديث عن احتياجات المملكة إلى ما يزيد على 300 ألف وحدة سكنية سنويا، مع إبقاء الباب مفتوحا لنسب غير متوقعة من نمو الطلب على المساكن، وبالتالي سيكون من المؤكد ارتفاع أسعار مواد البناء لدى المملكة تبعا للارتفاع المسجل على عدد وحجم المشاريع الحالية والقادمة ليصل عند الحدود الضارة على القطاع بكافة مكوناته. وفي السياق فقد كان لعملية تصحيح وضع العمالة لدى المملكة تأثيرات إضافية مؤقته على مؤشر تكاليف البناء والتشييد وتنفيذ المشروعات العقارية، نظرا لعدم وجود العمالة بالشكل الكافي، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليفها بنسبة وصلت في بعض الاحيان إلى ما يقارب 150%، هذا ويتضاعف تأثير ذلك في تخفيض معدلات البيع والشراء وتباطؤ عمليات إنجاز المشروعات واستكمال المشروعات قيد الانجاز بهدف عرضها للبيع عند الحدود الدنيا المدروسة من تقلبات السوق العقاري، ويتخوف المستثمرون من أن ارتفاع أسعار العمالة سيؤدي إلى توقف العديد من المشاريع الاسكانية بشكل خاص، وارتفاع تكاليفها بشكل كبير، الأمر الذي سيؤثر في رفع تكلفة متر البناء ورفع تكاليفه الاجمالية وبالتالي مضاعفة الاسعار على المشتري النهائي الذي سيدفع في المحصلة، فروقات الاسعار الناتجة عن تقلبات السوق. وتعكس مؤشرات السوق العقاري الإماراتي معطيات أكثر عقلانية، حيث تراوحت البيانات المنشورة بين الاستقرار لأسعار مواد البناء بين الارتفاع على بعضها تارة وارتفاع على الجزء الاخر تارة اخرى، وسجل العام الماضي انخفاضات على العديد من مواد البناء تراوحت بين 7.2% إلى 14.8% في حين تراوحت الارتفاعات على بعض مواد البناء بين 1.9% إلى 25.5%، والجدير ذكره هنا تزايد مستوى المخاوف لدى قطاع المقاولات من تسجيل أسعار مواد البناء ارتفاعات كبيرة خلال الفترة القادمة نظرا لارتفاع عدد وحجم المشاريع المنوي تنفيذها لدى إمارات الدولة كافة، في حين تتجه شركات المقاولات إلى رفع هامش المخاطرة (التقلبات السوقية) على العقود الجديدة وبما يتوافق والتوقعات الخاصة بنسب ارتفاع مواد البناء خلال العام 2014، والتي يتوقع أن تتجاوز نسبة 5%، مع زيادة الطلب على مواد البناء، مع الاخذ بعين الاعتبار حجم الاضرار والخسائر الناتجة عن ارتفاع أسعار مواد البناء على المشاريع الجاري تنفيذها على شركات المقاولات، يذكر هنا أن مستويات الارتفاع تتأثر بحزمة من العوامل الداخلية ذات العلاقة بالطلب والمضاربات لدى الاسواق غير ذات الكفاءة، بالإضافة إلى التأثيرات الخارجية ذات العلاقة بالنشاط والنمو التي يسجلها الاقتصاد العالمي وأسعار النفط وأسعار صرف الدولار الامريكي، في حين سيكون لارتفاع أسعار مواد البناء بنسب مدروسة وتدريجية سينعكس إيجابا على القطاع بعد أن حققت الشركات العاملة خسائر متراكمة طوال فترة الازمة المالية الامر الذي سيمكنها من تجاوز الخسائر والعودة إلى الربحية من جديد.