من الخطأ الرهان على عامل واحد في التأثير على أسعار العقار. فالرسوم لوحدها لا تخفض العقار. فرفع رسوم الاستقدام لم يخفض الاستقدام، وفرض رسوم على العقار في الدول المجاورة وغيرها من الدول لم يخفض العقار كالكويت والأردن مثلا. ولخفض العقار لابد من اتخاذ عدة خطوات تنظيمية أولا قبل التفكير في الرسوم. وأولها وقف المنح بكل أشكالها مالم تكن مشروطة بإقامة مشروع معين في زمن محدد على أن تباع مخرجاتها بأسعار تشجيعية. وثانيهما، دعم الدولة للمطورين بإعادة تحمل الدولة تكاليف تطوير البنية التحتية. وثالثهما، تسريع استخراج رخص البناء وتوحيد معايير شروط التراخيص بشكل واضح وشفاف. ورابعهما، مرونة في تعدد الأدوار وزيادة الطاقة الاستيعابية للمواقف. وخامسهما، اعادة تطوير الأحياء القديمة وتحسينها وتشجيع الاستثمار والتطوير فيها. وسادسهما، تشجيع البنوك وشركات التمويل العقاري على إقراض المطورين والعقاريين خصوصاً بعد صدور أنظمة الرهن العقاري. إن مايحدث في السوق العقارية في الوقت الحالي والمتمثلة في تطوير مشاريع وزارة الاسكان وماتقوم به من جهود في تنظيم سوق التأجير هي خطوة مهمة في الطريق الصحيح. واذا اضيف اليها تفعيل الزكاة الشرعية –كما تناقش الآن في مجلس الشورى- ضمن نظام الزكاة والدخل بوضع معايير تحدد الأراضي الخاضعة لعروض التجارة هي أيضا خطوة أخرى في تحسين بيئة القطاع العقاري. اذ إن نظام إيجار وفرض الزكاة الشرعية ستكون لبنة أولى في تكوين قاعدة معلوماتية مهمة للسوق العقارية. وتقوم وزارة التجارة ممثلة في هيئة المقيمين المعتمدين بتأهيل المقيمين والمثمنين العقاريين والعمل على تأسيس مؤشر عقاري لجعل السوق العقارية أكثر عدالة في التسعير مما يزيد من الثقة في السوق العقارية. وفي نفس السياق، تقوم وزارة العدل بتبني نظام السجل العيني وتعمل على تطبيقه ما أمكن في تعاملاتها الجديدة، ناهيك عن أنها تعمل على تنفيذ لوائح نظام التنفيذ الذي يعد أهم أنظمة الرهن العقاري. إن اكتمال هذه المنظومة للقطاع العقاري مهمة جدا في معرفة السوق أولا، والتأكد من عدالتها وتنافسيتها، والعوامل الفعلية المؤثرة فيها. فاكتمالها سوف يوضح طبيعة الاحتكار والمحتكرين، وسوف يحدث ثورة معلوماتية في سوق التأجير وأسعارها والمتوفر منها (عرضا وطلبا)، وسنجد أنفسنا نتعامل مع سوق معلومة لدينا بشكل كبير، وليست غامضة كما هو الحال الآن. فالمعلومة العقارية هي المحتكرة، وهي الغائبة عن أهم عنصر يتعامل في السوق وهم المشترين والمستأجرين. إنها محتكرة للأسف لدى سماسرة القطاع العقاري والذي يعمل فيه مجموعة كبيرة من غير السعوديين الذين يعملون في الوساطة العقارية بحكم مكوثهم في المكاتب العقارية لساعات طويلة مما يمكنهم من خلق سوق غير صحيحة عن القطاع العقاري سواء في سوق التأجير أو سوق البيع والشراء. اذا فموضوع الرسوم ومناقشتها هي مواضيع مؤجلة، ويجب أن تؤجل حتى تتضح معالم القطاع العقاري. إن من السهولة ابداء رأي يتسق مع تعاطف الجمهور بالقول إنها ستخفض أسعار العقار، كما هو من السهولة أن نقول بأنها سترفع اسعار العقار. لكنها آراء ينقصها المعلومة وتكامل السوق مما يجعلها مجرد تكهنات لا تضيف إلا مزيداً من الغموض والركود للسوق العقارية وتزعزع ثقة الناس فيه.