قدر لي أن أزور محافظة وادي الدواسر القابعة في أدنى جنوب الوطن والأشهر تاريخا وإنسانا من نار على علم، لكنها والحق أحق أن يقال تعيش وضعا مزريا تنظيميا وبلديا مدنيا، وأظنها تقف في مسافة شاسعة من ركب النهضة والتطور والاهتمام فمن يقدر له أن يتجول في شوارعها وأزقتها الترابية أو الضيقة أو المحفرة أو العشوائية أو ذات أكوام النفايات أجلكم الله يدرك مدى التأخر عن ركب الحضارة والتطور. هذه زيارتي الثانية والتي اكتشفت أنني لم أزر المحافظة قبلها فقد كنت بصحبة أحد أبنائها في الزيارة الأولى وحرص أن يريني الوجه الأخضر للمدينة حيث استراحته وبعض مزارع الأحباب خشية فيما أظن من قلمي المشخص للواقع بلا مبالاة لأن الخطاء خطاء، والساكت عنه شيطان أخرس، دخلت المحافظة أنا والصبح سواء ترافقنا خيوط شمس خجلى من واقع مؤلم حتى أن أحد مرافقي قال متندرا تأكدوا يالربع لانكون تخطينا الحد الجنوبي قد تكون إحدى مدن البلد الشقيق المجاور فهناك الكثير من الملامح كالحوانيت المهترئة والبنايات المكفهرة والنفايات التي تتمرد في كل مكان معلنة التشبث في الأرض والمتسولين من النسوة والأطفال بالطبع بسحنات البلد الشقيق المتوقع أننا قد دلفنا له دون إحم أو دستور. ما نبهنا وأعاد صوابنا وضبط بوصلتنا هو مبنى إدارة التعليم النمطي لمباني مماثلة في بلادي وبعض من سيارات الشرطة والمرور بشعارها وألوانها المعروفة ورغم الشروع في اتساع الطريق الرئيس إلا أنه جاء على استحياء بتخطيط باهت ومداخل أقل مايقال عنها أنها غبية وساذجة. وادي الدواسر بمدنه المتشابكة وتاريخه وإنسانه وأبجدياته الممتدة لم تأخذ مما صادفني في صباح ذلك الخميس إلا التأخر والنكوص، ولن أتعجل السؤال عن من وراء ذالك قبل أن أقول إلى متى، وهل ستمتد يد الإصلاح والتخطيط إلى هذه البقعة الغالية أرضا وإنسانا قريبا.. أرجو ذلك.