القرار الملكي والذي أكد فيه خادم الحرمين الشريفين حفظه الله على معاقبة من يقاتل في الخارج أو ينتمي لأي تنظيم متطرف ديني أو فكري أو مصنف في القائمة الإرهابيه داخلياً أو إقليمياً أو دولياً أو يدعمها أو يروج لها محذراً من مغبة إثارة الفتنة وتجزئة الوطن وتحريض الشباب على القتال في غير مكان باسم الجهاد...، قرار يمثل حكمة القائد وتواجده حيث يجب أن يكون لحماية أمته ووطنه... تطاول البعض في تحزبه وتجاسر البعض في إرسال أبنائنا إلى حيث أراضي الحروب مدعين انها جهاد في سبيل الله مطلقين لتابعيهم ملايين الوعود والمكاسب الدنيوية والأخروية...، مع العلم ان خطابهم يرتدي الدين سربالاً وهو في واقع الأمر يخرج من مضامين ومتون الدين عملاً... فأركان الجهاد معروفة ولعل ضرورة موافقة ولي الأمر أهمها قد غابت، بل إن ولي الأمر حذر غير مرة من الوقوع في مغبة الخروج والمشاركة في تلك الحروب..، توقيت القرار مهم بعد أن استغل البعض حماس شبابنا ورغبتهم في نصرة دينهم وأمتهم دون إدراك للكيفية... الأمر الملكي شمل المحرضين والداعمين والممولين.. وأيضا من يذهبون للحروب...، ولأنه قرار ببعد أبوي فقد أعطى مهلة ثلاثين يوماً لإصلاح أوضاع هؤلاء فاتحاً باب العودة للصواب لأصحاب الفكر غير السوي وأيضا لمن غادروا البلاد بحجة الجهاد.... القرار يمثل جزءاً إضافيا لاستراتيجية المملكة العربية السعودية في مواجهة الإرهاب في كافة تحولاته النوعية...، ولعل الأمر الملكي يمثل موقفاً نوعياً وتاريخياً في حماية البلاد وأمنها أيضا يفرض على المؤسسات الوطنية الدخول في خطة عمل وطنية لمواجهة الإرهاب ليس في رؤوسه فقط بل في بيئته التي تسهل خطف شبابنا. ولعل القائمين على التعليم والإعلام على وجه الخصوص يمثلون اليوم البوابة الأولى في إعادة بناء الشخصية الوطنية بانتماء فكري للوطن فكر يدرك أن الدين الإسلامي دين قيم وتحضر وبناء وليس دين حرب ودماء، دين يكرم الإنسان ليبني الإنسان حضارات ترتقي بالبشرية في سلام دون عداء مع الآخر... الأمر الملكي جاء مفصلاً وواضحاً لا يحتمل الاجتهاد في تفسيره وجاء للحفاظ على شبابنا ووحدتنا الوطنية وأيضا للحفاظ على شبكة علاقات دولية وإقليمية متوازنة مع الآخرين دون عداءات مع الآخرين وإن اختلفنا معهم في منهجهم فنحن في النهاية دولة تحترم استقلالية الآخرين والسيادة الوطنية لكل دولة... القرار قوي وواضح ومرتبط ببعد زمني يعطي فرصه لمن يحترم انتماءه والتزامه الوطني... معالجة محفزات الفتنة تأتي عبر أطر تنظيمية منها مثل الأمر الملكي.. والعمليات الاستباقية التي تميزت بها وزارة الداخلية مع تزايد العمل الإرهابي.. ولأن بقية المؤسسات ذات التماس المباشر مع الشباب بقيت خارج إطار ممارسة مسؤوليتها الوطنية التي تؤكد على الوحدة ونبذ الفتنة والتشرذم والانتماء للفكر المتطرف أو الدعوة له...فكانت النتيجة أن أصحاب الفكر المتطرف وجدوا أرضاً خصبة لزرع فتنهم وخطف أبنائنا وبيعهم في أسواق النخاسة الحربية بأبخس الأثمان... لتحقيق أهدافهم ذات العمق السياسي.... دون اكتراث بالمصلحة الوطنية أو المبادئ الدينيه أو أسر هؤلاء الصغار.. فكم في بلادنا صورة مماثلة لأم محمد التي أبكت كل أم وكسرت قلب كل أب.... بعد أن فقدت ابنها في حرب لا راية لها.. ليست الوحيدة فكثير من بيوتنا أصابها روع الاختطاف مما يؤكد ضرورة تحرك المؤسسات التعليمية والعلماء للقيام بدورهم في حماية الوطن من خلال حماية فكر أبنائنا وتوجيه الشباب لبناء وطنهم وتطوير أنفسهم مع تحصينهم بفكر يحميهم من الاختطاف بين فترة وأخرى...