أندية المملكة وقبلها الاتحاد السعودي لكرة القدم خطت خطوات لابأس بها في مجال التسويق الرياضي، ولكنها خطوات لم تكن محسوبة وغير مدروسة نتج عنها نجاح جزئي في حالات نادرة وفشل ذريع في اغلب الحالات. والسبب أن أنديتنا واتحادنا الموقر وجدوا أنفسهم يمارسون التسويق الرياضي فجأة بدون مقدمات ولا تخطيط مسبق ولا حتى قوانين تضبط وتنظم العمل. صحيح إن الشركات الراعية في ذلك الوقت عرضت مبالغ سال لها لعاب الأندية التي تفاجأت بالأرقام الفلكية آنذاك، وجعلتها توقع العقود دون تفكير أو تردد. إلا انه كان يجب (على الأقل) ان تطلّع الأندية على تجارب من سبقوها لمعرفة كيفية توزيع الحقوق بدلاً من وضعها في سلة واحدة بطريقة عشوائية. النظر لتجارب الآخرين والبدء من حيث انتهوا عمل إيجابي لا يقدم عليه إلا الناجحون فقط. لأن خلاصة تجاربهم وتوصياتهم تساعد المبتدئين أمثالنا على اختصار الطريق بوقت اقل وفائدة اكبر. وحيث إن أنديتنا لا تزال مشغولة بتفاصيل صغيرة ترى أنها أهم من الاطلاع على تجارب الآخرين والتعلم منها. لذا سأحاول من خلال هذا المقال أن ألقي الضوء على تجربتين أوروبيتين تعتبران من انجح التجارب في أوروبا والعالم، لعلها تعطي بعض المعلومات والأفكار لمن يريد ان يطلع ويستفيد من التجارب العالمية. التجربتان او النموذجان اللذان سأتحدث عنهما هما الانجليزي والألماني. النموذج الانجليزي في مجمله يتبنى سياسة (in house) وهي سياسة تقوم على إدارة التسويق الرياضي عن طريق الأندية نفسها من خلال إنشاء إدارة تكون مهامها القيام بجميع أعمال النادي التجارية من خلال عمل الدراسات ووضع الخطط والاستراتيجيات لتحقيق الأهداف الموضوعة التي من أهمها تطوير علامة النادي التجارية ورفع قيمتها السوقية مما يسهم في زيادة مداخيل النادي. المثال الأبرز في النموذج الانجليزي هو مانشستر يونايتد النادي العريق الذي أصبح من أغنى أندية العالم بفضل هذه الإدارة المتخصصة التي عملت الكثير لمانشستر يونايتد خلال العقدين السابقين أهمها رفع القيمة السوقية لعلامة النادي التجارية مما أسهم في جلب أكثر من 33 راعيا حول العالم (مابين رعاة عالميين ورعاة اقليمين ورعاة محليين) دخلهم على النادي في العام الماضي (فقط) أكثر من 138 مليون يورو، من أصل ما يزيد عن 444 مليون يورو اجمالي إيرادات النادي في نفس السنة. بينما النموذج الألماني يقوم بشكل عام على سياسية (Out sourcing) حيث تتعاقد إدارات الأندية مع شركات وسيطة متخصصة في التسويق الرياضي تكون مهامها زيادة المداخيل عن طريق تسويق الحقوق التجارية لهذه الأندية كالتعاقد مع رعاة وبيع المنتجات والتذاكر وغيرها من الحقوق. وبخصوص الرعايات، يعتمد النموذج الألماني على الشكل الهرمي وتعدد الرعاة حيث يقل عدد الرعاة في رأس الهرم مع زيادة قيمة الرعاية بينما تقل قيمة الرعاية في أسفل الهرم ويزيد عدد الرعاة. ويعد نادي بايرن ميونخ من الأندية المميزة في هذا المجال، حيث يوجد لديه أربعة رعاة رئيسيون وثمانية رعاة مميزون (premium) وستة عشر راعيا كلاسيكيا، ليصبح إجمالي الرعاة 28 راعيا إضافة إلى عدد كبير من الرعاة المحليين. وإجمالي دخل الرعايات للبايرن أكثر من 102 مليون يورو، من أصل إجمالي إيراد النادي في نفس السنة والبالغ حوالي 400 مليون يورو. بعد هذا العرض (المختصر) لهذين النموذجين، اختم مقالي بنصيحة لأنديتنا واتحادنا الموقر، ابدأوا من حيث انتهى الآخرون بعيداً عن الاختراع والاجتهادات الشخصية التي أثبتت فشلها في مرات عديدة. * إدارة وتسويق رياضي