منح تنوع مصادر الدخل وتعدد إيرادات الأندية الأوروبية الكبرى هيمنة اقتصادية كبرى تضاهي غيرها من الأندية الرياضية في مختلف دول العالم، منحتها أفضلية خاصة ضاعفت من قوتها المالية التي سخرت لها وجود نجوم الفئة الأولى في صفوفها وهو ما يعني زيادة المنافسة على الألقاب الكبرى والنفوذ الشعبي لها حول العالم. وتعددت هذه المصادر بين إيرادات الرعاية والتذاكر والبث التلفزيوني فضلا عن العقود التجارية الأخرى التي تشكل رافدا قويا ورئيسيا للكثيرين. غير أن عائدات نقل مباريات وتدريبات الفرق وخاصة كرة القدم ظلت ولازالت العصب الأبرز الممول لهذه الأندية، وتوليه الأندية الأوروبية اهتماما خاصا على النقيض منه في أندية أخرى وبينها السعودية التي مازالت تعيش على فتات الشرفيين وعقود الرعاية التي تنحصر في عدة أندية تستاثر بكافة منافذ الاستثمار فيها. وبحسب إحصائيات اقتصادية دقيقة لأفضل فرق في العالم سجل ريال مدريد الإسباني تفوقا في القيمة السوقية في العالم، بمبلغ تجاوز (3.3 مليار دولار) على الرغم من الأزمة الاقتصادية في منطقة اليورو. وتحرك النادي الإسباني الشهير إلى المرتبة الأولى من الثانية العام الماضي على حساب مانشستر يونايتد الإنجليزي، في الوقت الذي تمتع فيه الفريق بتحقيق أعلى إيرادات بين الأندية العالمية (650 مليون دولار موسم 2011/2012) مع ارتفاع تلك الإيرادات 62 في المائة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، مستفيدا من البث التلفزيوني الذي بلغت نسبته 39 % من إجمالي الإيرادات في الموسم الماضي متفوقا على إيرادات العقود التجارية والرعاية التي حققت 36.5 %، وبلغت نسبة الدخل ماديا ما يزيد عن 300 مليون دولار أي ما يوازي قرابة مليار ريال سعودي. ومن الدواعم الأساسية له كان تجديد عقد رعاية أديداس والذي تبلغ قيمته 42 مليون دولار سنويا، بينما عقد صفقة رعاية مميزة مع طيران الإمارات لوضع لوقو الشركة على قمصان لاعبيه مقابل 39 مليون دولار سنويا اعتبارا من العام القادم، ولمدة خمسة أعوام. أما مانشستر يونايتد الذي تراجع للمرتبة الثانية في قيمته السوقية البالغة 3.17 مليار دولار، فيبدو أن توقيع عقد رعاية لمدة سبع سنوات مع العلامة التجارية الشهيرة «شيفروليه» التي تتبع شركة «جنرال موتورز» الأمريكية العام الماضي مقابل 559 مليون دولار، وضعه في موقع مميز لكن إيراداته لم تختلف كثيرا عن الريال فهو استفاد فقط 24 % من التذاكر فيما رجحت مداخيل البث التلفزيوني إلى 32.5 % أي بما يوازي 200 مليون دولار في موسم. أما برشلونة فرغم شعبيته الجارفة في الأعوام الأربعة الماضية بنحو غير مسبوق لكنه يأتي بقيمة سوقية هي 2.6 مليار دولار بتحقيق إيرادات سنوية بقيمة 613 مليون دولار، لكنه حل ثانيا في إيرادات الموسم الماضي وكان دخله من البث التلفزيوني يوازي 226 مليون دولار. وتشكل موارد البث التلفزيوني الرقم الأصعب في مداخيل الأندية الكبرى في أوروبا بل إنها في أندية البريمرليغ والكالتشيو تعادل نصف الدخل كما هو حال تشيلسي الذي يستأثر بقرابة 42 % من دخله السنوي، وكذلك ميلان الإيطالي الذي تشكل عائداته نصف دخله، بل إن نادي بحجم نيوكاسل يتجاوز الدخل فيه أكثر من النصف وبنسبة تقدر 60 % وهو ما يعكس قوة هذا الجانب اقتصاديا. ويبدو أن أندية البريمرليغ مقبلة على تحول نوعي سيشكل استفادة كبيرة من عائدات البث حيث توقع تقرير اقتصادي متخصص أن تتجاوز إيرادات أندية الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم خلال الموسم الرياضي المقبل ثلاثة مليارات جنيه إسترليني. وكشف التقرير الصادر عن هيئة (ديلويت) المتخصصة في الصفقات الرياضية العالمية عن ارتفاع إيرادات أندية الدوري الإنجليزي الممتاز من 2.3 مليار جنيه عام 2011 إلى أكثر من 2.5 مليار جنيه الموسم الماضي. وتوقع أن ترتفع الإيرادات في موسم (2013 - 2014) بنسبة 25 بالمئة أي ما يعادل 600 مليون جنيه إسترليني، موضحا أن صفقات التغطية التلفزيونية وحقوق البث الجديدة التي ستدخل حيز التنفيذ ستكون بين أهم العوامل وراء ارتفاع إيرادات أندية الكرة. وأشار التقرير إلى أن زيادة السيولة المالية التي ستتزامن مع بداية تطبيق توصيات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بتحديد سقف معين لنفقات الأندية على صفقات شراء اللاعبين سيكون لها تأثير إيجابي على تطوير اللعبة على المدى الطويل. غير أنه حذر في المقابل من أن ارتفاع الإيرادات يرتبط دائما بحدوث ارتفاع كبير في رواتب اللاعبين والمدربين لافتا إلى أن 75 بالمئة من الزيادة التي شهدتها إيرادات الأندية عام 2011 تم صرفها على اللاعبين حيث بلغ إجمالي الأجور ذلك العام 1.7 مليار جنيه، كما بين التقرير أن ديون أندية الدوري الممتاز وصلت مع نهاية موسم 2012 إلى 2.4 مليار جنيه إسترليني منها 1.25 مليار جنيه حصلت عليها ثلاثة أندية على شكل قروض دون فوائد من ملاك تلك الأندية أنفسهم. ويتعلق الأمر بنادي (تشيلسي) بمجموع 895 مليون جنيه و(نيو كاسل يونايتد) بنحو 267 مليونا و(كوينز بارك رينجرز) الذي سقط هذا الموسم إلى دوري الدرجة الأولى بمجموع 93 مليون جنيه. وأكد تقرير (ديلويت) أن فوائد الديون المتبقية تستهلك ما يعادل 40 في المئة من إجمالي إيرادات الأندية المدينة للبنوك، وبينما تتصاعد هذه الأرقام في أوروبا لكنها تهوي إلى القاع على مستوى الخليج إذ تبدو موارد البث التلفزيوني مهملة إلى حد كبير رغم الشعبية الجارفة للمسابقات السعودية تحديدا في المنطقة ولا تكاد تشكل أي رقم في خارطة الإيرادات، حيث إن إجمالي عائدات البث في موسم واحد هو 150 مليون ريال أي ما يوازي 40 مليون دولار لاتزيد حصة أكبر الأندية فيها على 3 ملايين دولار في أفضل حال، وهي أقل من قيمة العائدات التلفزيونية لمباراة واحدة لفريق برشلونة التي تتراوح ما بين 4 ملايين دولار إلى 3 ملايين و760 ألف دولار. وينتظر أن يحدث أي تغيير ولو طفيفا في حقوق بث مواجهات الدوري السعودي بعد أن تعاقبت عدة فضائيات عليه بدءا من أوربت التي فازت بحقوق البث الحصري لأول مرة قبل تسع سنوات بمبلغ زهيدا، أغرى بعدها مجموعة ART للدخول في منافسة والفوز بحقوق الرعاية لثلاثة أعوام بمبلغ 300 مليون ثم تم رفعها إلى 450 مليون ريال في الموسم الذي يليه، قبل أن تفوز القناة الرياضية بحقوق النقل بمكرمة ملكية بقيمة العقد الأخير. ومع تبقي موسم واحد على هذا العقد يتوقع أن يحدث ارتفاع في قيمة العقد وربما تغيير في توزيع الحصص والاستثمار بشكل أفضل مع أي جهة كانت.