عندما نطالب بمدونات قانونية للأحوال الشخصية والحقوق الشرعية المتعلقة بالنساء فإننا نبدأ من المربع الأول من الفراغ والضمور الفقهي المتعلق بحقول النساء الشرعية في المؤسسات العدلية. لكن ماذا عن القوانين والأنظمة الموجودة والمعلنة ولكنها متوارية وغير مفعلة، ولا يوجد هناك سلطة تحميها، كقانون نظام المرأة العاملة (فقد أعطى النظام للمرأة العاملة الحق في إجازة وضع مدتها عشرة أسابيع، منها أربعة أسابيع سابقة على التاريخ المحتمل للوضع، وستة أسابيع لاحقة له، ولا يجوز تشغيل المرأة خلال الأسابيع الستة التالية مباشرة للوضع، وعملاً بنص المادة (155) من النظام لا يجوز لصاحب العمل فصل العاملة أو إنذارها بالفصل أثناء تمتعها بإجازة الوضع، كذلك لا يجيز النظام لصاحب العمل فصل العاملة أثناء فترة مرضها الناتج عن الحمل أو الوضع. والى جانب إجازة الوضع فإن من حق المرأة العاملة التمتع بجميع أنواع الإجازات التي كفلها نظام العمل للخاضعين لأحكامه ومن ذلك الإجازة السنوية، والإجازة المرضية، وإجازة الزواج، والإجازة الخاصة بحالة وفاة الزوج "وهنا يجب أن نتوقف لأن المرأة في حالة وفاة الزوج تختلف عن الرجل فهي ملزمة شرعيا بالحداد وبالتالي لابد أن تحافظ على كامل راتبها حتى انتهاء الحداد وعودتها إلى عملها"، وإجازة أداء فريضة الحج، وإجازة أداء الامتحانات إذا كانت منتسبة إلى مؤسسة تعليمية، وأخيراً من حق العاملة الحصول على إجازة دون أجر بموافقة صاحب العمل، على أن يراعى بالنسبة لهذه الإجازات الضوابط والشروط النظامية. إضافة إلى ما تقدم فإن النظام ألزم صاحب العمل ببعض الواجبات الأخرى تجاه العاملات لديه، ومن ذلك إلزام صاحب العمل في جميع الأماكن التي يعمل فيها نساء وفي جميع المهن أن يوفر لهن المقاعد اللازمة لتأمين استراحتهن، وإلزام صاحب العمل الذي يشغل خمسين عاملة فأكثر أن يهيئ مكاناً مناسباً يتوافر فيه العدد الكافي من المربيات لرعاية أطفال العاملات الذين تقل أعمارهم عن ست سنوات؛ وذلك في حالة ما إذا بلغ عدد الأطفال عشرة فأكثر. وأجاز النظام لوزير العمل أن يلزم صاحب العمل الذي يستخدم مائة عاملة فأكثر في مدينة واحدة أن ينشئ داراً للحضانة بنفسه أو بالمشاركة مع أصحاب عمل آخرين في المدينة نفسها، أو يتعاقد مع دار للحضانة قائمة لرعاية أطفال العاملات الذين تقل أعمارهم عن ست سنوات؛ وذلك أثناء فترات العمل). ولا أدري عن مدى التزام المؤسسات الحكومية والخاصة بهذه الأنظمة المتعلقة بالنساء، فهل هي موجودة فقط لنأخذ بجانبها صورة تذكارية أو لنبرزها ونتباهى بها في المؤتمرات الدولية، إذا كانت معظم تلك الأنظمة تهمل ولاتطبق، وأول من يهمل تلك الأنظمة ويخترقها هي وزارة التربية والتعليم التي تمثل أكبر قطاع توظيف للمواطنة السعودية، وعلى الرغم من هذه الكثافة فلا يوجد دور حضانة مهنية ملائمة لهن أو إجازات حداد أو ساعات الرضاعة .. وسواها من الحقوق التي كفلها نظام العمل للموظفة السعودية. لذا حين نتألم ونتذمر من غياب مدونات الأحوال الشخصية للأسرة في المؤسسات العدلية، يجب أن نتذكر أن ذلك لن يكون كامل الحل فهناك قوانين موجودة ولم تطبق البتة ودون متابعة أو مسائلة أو رقابة.