استهوى بيت باعشن التاريخي مرتادي مهرجان المنطقة التاريخية في نسخته الأولى الذين يتوقع أن يصل عددهم ل 150 ألف زائر من مختلف شرائح المجتمع خلال فترة المهرجان من 15-24 ربيع الأول الحالي ويصل عمره لأكثر من 200 عام كأعرق بيوتات جدة القديمة الذي بني في عام 1273ه وكان إلى جانب أنه منزل لعائلة آل باعشن التجارية ملتقى علمياً واجتماعياً وثقافياً فيه تعقد الأمسيات وتدار الحوارات بين كبار أعيان جدة وتحت رواشينه "الخشبية" ينصب مركاز العمدة وحوله يلهو أطفال حارات المنطقة التاريخية كالشام والمظلوم واليمن والبحر والتي كان جميعها بدائياً من صنع أيديهم. لقطة للأمير سلطان والأمير مشعل أثناء تجولهما في المدينة التاريخية ودعا عميد عائلة آل باعشن الشيخ عبود بن أبو بكر باعشن إلى ضرورة رعاية مثل هذا الإرث التاريخي وتقديمه إلى الأجيال الحالية وربطهم بماضي الآباء والأجداد وتبيان ما كانت تعيشه المنطقة التاريخية في الماضي ككرنفال من خلال حارتها المصطفة على جنباتها الدككاين وفي شوارها يجلب "السقا" الماء العذب للأهالي بزفته التي يحملها على ظهره إلى جانب بقية الحرف التي اشتهرت بها المنطقة من نجارة وصباغة وبناء ومعدي المأكولات الشعبية مثل الفول والشريك والمخللاتي والألعاب القديمة مثل الكبت والمدوار. وأكد أن بيت باعشن لعب دوراً في دفع الحركة الثقافية في المملكة من خلال إهدائه لمجموعة من المخطوطات والوثائق القديمة ومكتبة ضخمة تضم كتباً تاريخية وعلمية وشرعية قيمة وقد تم إهداؤها لدارة الملك عبدالعزيز وخصص موقع بالبيت كمعرض لموسوعة تاريخ مدينة جدة للأديب عبدالقدوس الأنصاري لافتاً إلى مجالس البيت المحتوية على آيات قرآنية كريمة بخط الشيخ محمد طاهر كردي خطاط مصحف مكةالمكرمة رحمه الله والشيخ أسعد محمد سعيد حبال رحمه الله وقد أسس الشيخ علي بن عبدالله باعشن رئيس الجالية التجارية بجدة أول منزل أيام الدولة العثمانية عام1250ه وسكنه آن ذاك والي جدة. بيت باعشن في المدينة التاريخية وقال: يوجد في داخل بيت باعشن التاريخي الذي سجل به حلقات عن الصحابة لقناة اقرأ وبرنامج النجوم عام 1433ه وابن البلد للتلفزيون السعودي عام 1434ه "البيت الغربي الشمالي" الذي تجاوز عمره أكثر من 150 عاماً في حين أن البيت "القبلي الشماليط أقدم منه بسنوات عديدة مازال كلاهما يحظى بتراث عريق من صور ومخطوطات وصناعات يدوية فاخرة والتي تأسر العديد من الزوار ومحبي التراث التاريخي وهو بلا شك يعكس صورة جميلة ورائعة عن مدينة جدة التاريخية إلى جانب ما يشتمل عليه بيت باعشن التاريخي من متحفين للعملات والطوابع البريدية القديمة ومصلى يعرف ب "الخارجة" تقام فيه صلاة التراويح منذ أكثر من 100 عام فضلاً عن كراسٍ قديمة تميز بها بعض أفراد باعشن حيث كانت تَكتب أسماءهم عليها ويميز طوابق البيت الثلاثة الأخرى بأنها سكنية ويعلوها السطح وتتصف طوابقه بالتصميم التراثي القديم مثل الطيرمة والخزانات وبعض ما يحتويه البيت القديم من تراثيات. واعتبر مهرجان جدة التاريخية خطوة جميلة لإعادة الماضي والزمن الجميل ونشر ثقافة جدة القديمة حيث ذكريات الطفولة والحياة البسيطة التي كانت عليها عروس البحر الأحمر قديماً وترسيخ التاريخ بأذهان هذه الأجيال وإفساح المجال أمامها لمحاكاة تلك الحقب الزمنية التي أنتجت كوكبة من الأدباء والمفكرين وأصحاب الأعمال والمسؤولين الذين تقلدوا مناصب خدموا من خلالها الوطن في القطاعين العام والخاص فمن بيوتات جدة انطلقت التجارة وشاع التعليم ونهضت البيئة الاقتصادية التي شكلت هاجساً للأفراد حيث ظفرت جدة بطبيعتها الساحلية بحركات سفر داخلية وخارجية أثرت الحركة الاقتصادية والعلمية. أعداد كبيرة من الزوار للمدينة التاريخية وقال: إن مهرجان جدة التاريخية أمام مسؤولية كبيرة في توثيق التراث الحجازي بجميع أشكاله والحياة الجداوية بكل طقوسها لكي لا تتلاشى أمام عيون الجميع الذين هم شركاء في حمل الأمانة التي حملهم إياها جيلهم السابق أمام تلاطم أمواج الحضارة والمدنية وبهرجة تكنولوجياتها بالحفاظ على تراثنا الشعبي الذي هو البطانة التي ستحمينا من التهاوي في مواجهة العولمة وترسيخ مفاهيم القيم ومعالم هويتنا وأصالتنا العريقة. ولفت إلى أن المنطقة التاريخية بجدة شكلت النسيج الاجتماعي الجداوي من خلال الاندماج في العادات والتقاليد مشيراً إلى ضرورة فتحها طوال العام للزيارات والزيارات السياحية وإقامة الاحتفالات التراثية منوهاً في هذا الصدد باستضافة بيت باعشن التاريخي الذي تعود ملكيته لجدهم الشيخ محمد صالح باعشن بوصفه المؤسس له عددا من التظاهرات والأمسيات الثقافية والأدبية كما يعد مثالاً جيدًا لعناية الملاك لبيوتهم فقد يكون هو البيت الوحيد الذي يشهد اهتمام ملاكه بصيانته بصفة دورية ودائمة وفتحه للباحثين والسياح ومن يرغب في زيارته. من جانبها نوهت الأديبة مها بنت عبود باعشن بأن الآمال معقودة على مشروع الملك عبدالله للتراث الحضاري للمملكة الذي اعتمده مجلس الوزراء مؤخراً والذي تبناه خادم الحرمين الشريفين والذي يعد إعلانا لمرحلة تاريخية جديدة يتم فيها إعادة تشكيل الصورة الكاملة للتراث الوطني ليكون جزءا من التاريخ المعاش، يتفاعل من خلاله المواطنون مع مواقع التراث ويستلهمون هذه الوحدة المباركة والملحمة التاريخية التي شارك فيها أجدادنا وآباؤنا جميعا. وبينت أن مهرجان جدة التاريخية كتظاهرة ثقافية حضارية ما هو إلا أنموذج لهذه الرعاية الكريمة والمتمثلة في دعم المساعي وتكثيف الجهود والأعمال الدائمة المتعلقة بهذا الموقع التاريخي باهتمام صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز أمير منطقة مكةالمكرمة ومواصلته لأعمال التطوير وإطلاق المرحلة القادمة من الإنجازات في هذه المنطقة الغالية من المملكة وبالأخص تنفيذ مشروع تطوير جدة التاريخية وتنظيم مهرجانها التراثي الذي يؤسس للنقلة التطويرية المرتقبة في جدة التاريخية وامتدادا لاهتمام الدولة بالعناية بالتراث الوطني وشاهدا على ما حظيت به محافظة جدة من اهتمام بتاريخها وإسهامات أهلها الكرام في بناء الوطن. ونوهت بالمتابعة الحثيثة من صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز محافظ جدة رئيس اللجنة المنظمة لمهرجان جدة التاريخية ورعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار لهذا الحدث والمبادرات المقدمة من أمانة محافظة جدة والغرفة التجارية الصناعية بجدة والتي تجعل من منطقة جدة التاريخية ثغرا باسما على التراث الحضاري الذي تعيشه المملكة وتعيش معه عروس البحر الأحمر ومعالمها وحاراتها عبق التاريخ وحلاوة المكان.