أكّد مواطنون ومختصون على أن لهطول الأمطار في الماضي نكهة مميزة وجمالاً ومتعة لا تضاهى، وذلك قبل أن تؤثر وسائل التواصل ومواقع نشر المعلومات على هذه المشاعر بشكل سلبي نتيجة تناقل بعض الصور ومقاطع الفيديو عن بعض الكوارث ومشاهد احتجاز بعض الأفراد والسيارات، مشيرين إلى أنّ ذلك كون فكرة سلبية عن المطر لدى البعض انعكست بشكل سلبي على مشاعرهم وأحاسيسهم، كما ساعدت الأحداث التي صاحبت هطول الأمطار على بعض المدن على انتشار "فوبيا المطر"، وعمّ الخوف من الأضرار الناتجة عن ضعف البنية التحتية والتصريف غير الجيد لمياه الأمطار، وما إن تحل سحابة في السماء ويضوي برق حتى يبدأ البعض بنشر أخبار أنّها قد تؤدي إلى انهيار الطرق، وغمر الشوارع، وغرق المنازل. حوادث عرضية وأوضح "محمد الشليل" –طالب جامعي- أن لديه خوفا شديدا جداً من المطر، مشيراً إلى أن ذلك جعله يفكر بشكل جدي في عرض حالته هذه على الطبيب، بيد أنه على غير علم بوجود طبيب متخصص في علاج هذه الحالة. وخالفه الرأي "عبدالعزيز بن عائض القرني-، مضيفاً أنه يسكن حالياً في مدينة "الرياض"، مشيراً إلى أنه يستمتع بشكل كبير بالأمطار التي تهطل على المدينة على فترات متباعدة في فصل الشتاء، وذلك رغم ما قد يحدث من حوادث عرضية يمكن ملاحظتها وقت هطول الأمطار أحياناً نتيجة سوء البنية التحتية في بعض الشوارع. د. علي زائري واقع ملموس وأشارت "أحلام الرزيق" إلى أنها تسكن في مدينة "جدة"، مضيفة أن الأحداث التي صاحبت الأمطار التي هطلت على المدينة قبل عدة أعوام ألقت بظلالها على العديد من سكان بعض الأحياء التي تضررت جرَّاء ذلك، موضحة أن هذا الخوف أصبح واقعاً ملموساً وليس قصة من نسج الخيال؛ فالجميع رأى شوارع تغمرها المياه وسيارات تطفو على سطحها ومنازل توغل المطر إلى داخلها وتغلغل بين فرشها وقطع أثاثها، وقالت: "ما إن تتراكم السحب في كبد السماء إلا ويضع أبي يده على قلبه ولسانه حينها يلهج بالدعاء مردداً يا رب لطفك ورحمتك، يا رب سترك، وكأن المطر أصبح عدواً جالباً للمصائب أكثر من كونه خيراً جالباً للأرزاق". منطقة مرتفعة د. علي القرني وقال "أحمد بن خضران العُمري" -مستشار تعليمي بمعرض مشكات التفاعلي-: "أصبح من الملاحظ أن هناك تخوف لدى البعض عند هطول الأمطار"، مضيفاً أنه لاحظ أن ذلك يكون بشكل أقل في منطقة عسير التي يسكن فيها حالياً، مشيراً إلى أنها منطقة مرتفعة بشكل كبير عن سطح البحر، وبالتالي فإنها لم تتعرض لكوارث أو حوادث ناتجة عن السيول والانهيارات التي قد تنتج عنها، لافتاً إلى أن العديد من الناس هناك يستطيعون الخروج من منازلهم وقت هطول المطر لقضاء حوائجهم بكل يسر وسهولة. وأضاف أن الوضع يختلف كثيراً عن ذلك عندما يتواجد في مدينة "جدة" وقت هطول الأمطار، موضحاً أنه يحرص أثناءها على عدم مغادرة المنزل تحت أي ظرف من الظروف، مشيراً إلى أن ذلك ناتج عن كونها مدينة محفوفة بالمخاطر وبها جسور وأنفاق، مبيناً أنه تعرض هو وأسرته قبل مدة لموقف لا يحسدون عليه أثناء سفرهم من "الرياض" إلى "أبها"، إذ أن المطر كاد أن يغمر السيارة التي كانوا يستقلونها، لافتاً إلى أنه ظل يهطل بشكل متواصل لمدة ساعتين تقريباً. حسين القحطاني تعليق الدراسة وعن المطالبة بتعليق الدراسة في كل مرة تهطل فيها الأمطار على بعض المدن، قال "العُمري": "قد يكون ذلك مقبولاً حينما تتسبب الأمطار في إعاقة الحركة المرورية بشكل ينتج عنه خطر كبير على طلاب المدارس، بيد أن الملاحظ هو أن هناك نوعا من المبالغة في هذا الصدد"، مشيراً إلى أن الأحداث التي صاحبت الأمطار التي هطلت على مدينة "جدة" قبل عدة أعوام سببت خوفاً وهلعاً ورهاباً مجتمعياً بشكل عام، مؤكداً على أنه شاهد بعينه في تلك الفترة أعداداً من السيارات التي تراكم بعضها فوق بعض. النقيب سلمان المشنوي تراكمات سابقة ولفت "سعد العمري" -مدرب ومستشار أسري، ومشرف على قسم التدريب بسكن التنمية الأسرية بالطائف- إلى أن النفس البشرية تنشأ على ما جُبلت عليه منذ نعومة أظفارها؛ لكونها مثل "العجينة" تتشكل حسب تعاملنا معها، بل إنها مثل "الماء" في قدرتها على التشكل بحسب "الإناء" الذي توضع فيه، مضيفاً أن كثيرا من الأمراض النفسية تتكون في الأساس نتيجة تراكمات سابقة تظهر على ملامح الشخص عندما تتهيأ الظروف المناسبة حتى وإن أخفاها في مواقف أخرى. وأضاف أن من ذلك ما يتكون لدى البعض من هواجس وخوف بمجرد مشاهدتهم لتكون "السحب" أو سماعهم صوت "الرعد"، موضحاً أنه يظهر عليهم حينها التوتر والقلق، وهو ما يسمى "الخوف من هطول المطر" أو "فوبيا المطر"، مشيراً إلى أن "كارثة جدة" -على سبيل المثال- أدت إلى ظهور حالات كثيرة بعد تلك الأزمة، مشدداً على ضرورة التنبيه على الآباء والمربين بأهمية التهدئة النفسية وإعطاء الإيحاءات الايجابية السعيدة للأطفال؛ لما لها من دور في القدرة على تجاوز الأزمة في المستقبل. سعد العمري فكرة سلبية وأكد "العمري" على أن لهطول الأمطار في الماضي نكهة مميزة وجمالاً ومتعة لا تضاهيها متعة، وذلك قبل أن تؤثر وسائل التواصل ومواقع نشر المعلومات على هذه المشاعر بشكل سلبي نتيجة تناقل بعض الصور ومقاطع الفيديو عن بعض الكوارث ومشاهد احتجاز السيارات بمن فيها من ركاب، مشيراً إلى أن ذلك كون فكرة سلبية عن المطر لدى البعض انعكست بشكل سلبي على مشاعرهم وأحاسيسهم، وقال: "في حالة مشاهدتنا لأشخاص يصيبهم الرعب عند بدء نزول المطر علينا عدم الاستهانة بهذه الحالة، بل يجب التعامل معها بجديه وتوجيههم وفق ما يحتاجونه بحسب عمرهم الزمني والعاطفي". وبيَّن أنه يجب الاستعانة بالطبيب والاستشاري المناسب عند وجود مثل هذه الحالات، عاداً هذا المسلك بمثابة الطريق الأسلم والأنجح نحو العلاج وفق أسلوب مُحبب لدى الشخص المُصاب، مضيفاً أنه من واقع ملاحظاته وبناء على ما لديه من معلومات، فإن هناك من يزور العيادة النفسية بعد هطول المطر، مشيراً إلى أن ذلك يؤكد على أن الأمر خطير وليس بالسهل، وبالتالي فإن علينا الاهتمام بذلك وأخذه في الحسبان؛ حتى لا يتفاقم الوضع. أحلام الرزيق البنية التحتية وذكر النقيب "سلمان بن حسين المشنوي" -مدير مركز الدفاع المدني بفيفاء- أنه بناءً على مشاهداته الميدانية ومشاهدات بعض المواطنين، فإن هناك بالفعل مبررا للخوف، مضيفاً أن البنية التحتية في كثير من المدن غير مهيأة لاستقبال أقل مستويات الأمطار، موضحاً أن كمية عادية من المطر تهطل بشكل بسيط قد تؤدي إلى انهيار الطرق وغمر الشوارع وغرق المنازل؛ بسبب سوء البنية التحتية والتصريف غير الجيد للمياه، مشيراً إلى أنه يحق للمواطن أن يخاف ويتكون لديه رعب ورهاب نتيجة لذلك، لافتاً إلى أنه من المعيب أن نرى دولاً فقيرة تفتقد لأبسط مستويات الحياة الكريمة تتمتع ببنية تحتية ممتازة وتصريف جيد لمياه الأمطار، مبيناً أن هطول المطر لديهم قد يستمر لمدة تزيد على ست ساعات أو أكثر في حين تكون الشوارع بعدها جافة من أي قطرة مياه. نشر الخوف وأكد "د. عبدالعزيز بن عبدالرحمن العسكر" عضو هيئة التدريس بكلية العلوم بجامعة الملك سعود- على أن حالة الرهبة والخوف من الأمطار لم تصل لدرجة الظاهرة، مضيفاً أن العديد من وسائل الإعلام ساهمت في نشر الخوف والرعب من المطر، موضحاً أن ذلك لم يمنع انتشار البعض في بطون الأودية والشعاب والشوارع مع ما في ذلك من عدم التزام بإرشادات الأمن والسلامة، مشيراً إلى أن هؤلاء يتسببون بإرباك حركة السير ويعرضون أنفسهم ورجال الدفاع المدني للخطر. معلومات مغلوطة ورأى "حسين القحطاني" -المتحدث الإعلامي للرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة- أن الشائعات والمعلومات المغلوطة وعدم الرجوع لتصريحات "الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة" تلعب دورا كبيرا في تخويف المواطن وإرهابه وجعله يحتاط في المسكن والملبس، مستشهداً بما حدث أثناء هطول الأمطار الأخيرة على "الرياض"، مشيراً إلى أنه سبقها انتشار شائعات تشير إلى هطول أمطار غزيرة وخطيرة، بينما أعلنت "الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة" أنها ستكون بين (15 - 30 ملم) فقط. الإعلام الجديد وأشار "د. علي بن شويل القرني" -أستاذ العلاقات العامة والإعلام بجامعة الملك سعود، وعضو مجلس الشورى الأسبق- إلى أن الإعلام سلاح ذو حدين، مضيفاً أنه أسهم بجانبه الايجابي في تحذير الناس عبر ما يبث من أحداث عن المطر بالصوت والصورة، مبيناً أن له أيضاً جانبا سلبيا، خصوصاً الإعلام الجديد الذي تسبب في نشر الشائعات المُبالغ فيها، لافتاً إلى أنها بثت الرعب في قلوب العديد من المواطنين، خصوصاً الأطفال والنساء، كما أنها أدت إلى وجود مطالبات بإجازات وإغلاق للمدارس وتعطيل لسير الحياة بشكل طبيعي. رابط ذهني وأوضح "د. علي زائري" -استشاري الطب النفسي- أن الخوف من المطر يعد أحد المخاوف التي زادت نسبتها في الآونة الأخيرة نتيجة تزايد المواقف التي تعرض لها بعض أفراد المجتمع بشكل مباشر أو أنها تمت مشاهدتها عبر مواقع التوصل الاجتماعي، مضيفاً أن هذا الخوف هو نتيجة للرابط الذهني بين نزول المطر وحوادث الغرق أو الاحتجاز وتلف الممتلكات، مشيراً إلى أن ذلك جعل توقع هطول الأمطار أو بداية هطولها ينتج عنه توتر نفسي وقلق وخوف أو فقدان الشعور بالأمان. وأضاف أن ذلك يكون مصحوباً بتغير في الحالة الجسدية لدي الشخص الذي يعاني من هذا النوع من القلق، مثل تزايد ضربات القلب وضيق وكتمه بالصدر، موضحاً أن علاج هذه الحالات يتفاوت ما بين حالات بسيطة يُكتفى بتطمينها وإعادة الثقة بالنفس لها وتوضيح سبب حالة التوتر وكيفية التخلص منه بالأساليب المختلفة المتاحة للشخص، مثل الاسترخاء الجسدي والذهني، وغيره من التقنيات الأخرى، مشيراً إلى أنه في بعض الحالات يكون مستوى التوتر والخوف عاليا لدرجة يصعب على الشخص أداء واجبات حياته اليومية ويصبح شبه عاجز على التعامل مع خوفه الشديد، لافتاً إلى أنه يجب على هؤلاء التوجه للعيادات النفسية لتلقي علاجا متطورا مناسبا لدرجة الخوف. أخبار الإجازات عززت المخاوف من الأمطار