«هيئة الطرق»: مطبات السرعة على الطرق الرئيسية محظورة    هل اقتربت المواجهة بين روسيا و«الناتو»؟    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    الشاعر علي عكور: مؤسف أن يتصدَّر المشهد الأدبي الأقل قيمة !    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    «السقوط المفاجئ»    الدفاع المدني: هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    ترمب يستعيد المفهوم الدبلوماسي القديم «السلام من خلال القوة»    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    أرصدة مشبوهة !    حلول ذكية لأزمة المواقف    التدمير الممنهج مازال مستمراً.. وصدور مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    فعل لا رد فعل    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    المؤتمر للتوائم الملتصقة    دوري روشن: الهلال للمحافظة على صدارة الترتيب والاتحاد يترقب بلقاء الفتح    خبر سار للهلال بشأن سالم الدوسري    حالة مطرية على مناطق المملكة اعتباراً من يوم غدٍ الجمعة    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    عسير: إحباط تهريب (26) كغم من مادة الحشيش المخدر و (29100) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    أمير القصيم يستقبل عدد من أعضاء مجلس الشورى ومنسوبي المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    سفارة السعودية في باكستان: المملكة تدين الهجوم على نقطة تفتيش مشتركة في مدينة "بانو"    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    «المسيار» والوجبات السريعة    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    رسالة إنسانية    " لعبة الضوء والظل" ب 121 مليون دولار    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الوعي» لا يزال غائباً عن تجنب حوادث الأمطار وجريان الأودية!
«الدفاع المدني» لا يملك «عصا موسى» لنجدة الغرقى والمحتجزين في دقائق
نشر في الرياض يوم 04 - 12 - 2012

تنكشف أمام هطول الأمطار بكميات كبيرة عورات بعض الجهات الخدمية، وما يترتب على ذلك من ازدحام الشوارع، وتعطل حركة السير، وتعلق المركبات في المياه العميقة، وتجمع المياه، ولكن الأسوأ هو «قلّة وعي» من يبحث عن الخطر، ويتواجد فيه، وتحديداً عند الأودية، ومجاري السيول، ثم يقع فيما لا يحمد عقباه، وينتظر المساعدة، ويلوم الدفاع المدني على التأخير.. ويبقى السؤال الأهم: لماذا خرجت إلى هنا؟.
وشهدت الآونة الأخيرة «حوادث غرق» في الأودية والشِّعاب، بشكل ينبئ عن عدم اكتراث بعضهم بالمخاطر الكبيرة، التي تأتي عادةً بسبب الاقتراب أو الدخول في المناطق الخطرة خلال مواسم الأمطار الغزيرة، وما يبعث على العجب أن تلك الحالات لم تكن نتيجة مداهمة مياه تلك الأودية للناس في مساكنهم، أو أماكن عملهم - عدا تلك الحالات التي جاءت بسبب بناء المخططات في بطون الأودية - بل إن هؤلاء الضحايا هم من ذهب إلى تلك الأماكن والدخول فيها، معرضين أنفسهم ومن معهم للخطر، غير عابئين بالتحذيرات التي توجه لهم من قبل رجال الدفاع المدني أو من قبل أصحاب الخبرة بتلك الأودية ومخاطرها.
إن ما يفعله بعض المُتهورين خلال موسم الأمطار، يتطلب من الجهات المعنية نشر التوعية على نطاق واسع، تبدأ من المنزل والمدرسة وتنتهي بالمساجد، عبر إيجاد حملة كبيرة توضح خطر اقتحام الشعاب والأودية، خاصةً إذا كان هناك بوادر أو احتمالية نزول المطر.
ولا ننسى أن للجهات المعنية خاصةً فيما يتعلق بتخطيط المُدن دوراً كبيراً ومُهماً، من خلال اعتماد مناطق بعيدة عن مجرى السيول، حتى نضمن عدم تأثر أهاليها بتبعات هطول الأمطار الغزيرة.
الوعي الوقائي
في البداية قال اللواء «الفايدي»: إن التوعية بشكل عام وفق نظرة الدفاع العام تُعد جزءاً وعنصراً مهماً جداً في تفعيل دور المواطن والمقيم، بحسبان أنهما عناصر تؤثر وتتأثر في مجال السلامة، وأن معظم الحوادث وما يحصل غالباً يكون نتيجة أخطاء بشرية، وبالتالي فإن رفع مستوى الوعي الوقائي عامل مهم في التقليل من مصادر الخطر والتقليل من النتائج السلبية إذا وقعت.
وقال إن الدفاع المدني مهتم بهذا الجانب، حتى إنه يوجد في هياكله وجداوله التنظيمية إدارة عامة للعلاقات العامة والإعلام والتوعية، وهناك شعب وإدارات في المناطق لهذا الهدف، مشيراً إلى أن الدفاع المدني لم يترك مجالاً في التوعية إلاّ وطرق بابه، فعلى سبيل المثال هناك برامج معدة بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم ومع إدارات التربية والتعليم في المناطق لبناء منهجية التوعية، من خلال المحاضرات والنشرات التوعوية، والزيارات الميدانية، لتوضيح أسباب وقوع الحوادث والعوامل التي ساهمت في وقوعها، إضافةً إلى دور المواطن والمقيم في تلافي مثل هذه الأخطاء، مبيناً أن مشروع التوعية خاطب شرائح المجتمع كافة، فلم تكن التوعية بأسلوبها موجهة لكبار السن، أو المثقفين، بل إن أسلوب التوعية خاطب كل عناصر المجتمع وفئاته، من خلال الرسوم ووسائل الإيضاح والأعمال الفنية، التي تؤدي إلى فهم المقصود ووصول الرسالة إلى أهدافها.
أسلوب التوعية واستمرارها
وأضاف اللواء «الفايدي» أن هناك تنسيقاً مع بعض وسائل الإعلام، خصوصاً التلفزيون، حيث يتم تقديم فقرات وحوارات تلفزيونية تناقش كثيراً من الأخطاء التي أدت إلى وقوع الحوادث بأسلوب مشوق ومؤثر يؤدي إلى وصول الرسالة للمستهدف، مضيفاً أن «ندوة الثلاثاء» تُعد صورة أخرى من صور التوعية التي نحرص على المشاركة فيها، مؤكداً أن التوعية لدى الدفاع المدني استخدمت كثيراً من اللغات الأساسية، حتى تعم الفائدة جميع شرائح المقيمين والزائرين، إضافةً إلى أن التوعية نقلت الأحداث التي تقع بالصورة على شكل معارض متنقلة في المدارس والجامعات، وكذلك من خلال استغلال المهرجانات أو المناسبات الموسمية، ذاكراً أن الدفاع المدني يكون حاضراً دائماً من أجل التوعية.
وأشار إلى أن الأجهزة الحكومية المعنية تبذل الجهد الكثير، ويبقى تعاون المواطن للوصول للهدف المنشود وهو سلامة الجميع، مبيناً أنه مع الإيمان بأهمية التوعية ودورها الفاعل في التقليل من المخاطر، إلاّ أننا لو نظرنا إلى الأشخاص الذين يتعرضون لمخاطر السيول، نجد أن السواد الأعظم منهم ضمن فئة عمرية تصنف بأنها راشدة، ولديها إدراك ومعرفة بخطورة ما تفعل من مجازفة وتعريض النفس للخطر، متأسفاً على أن كثيرين منهم يدرك خطورة تصرفاته، لكنه يتمادى غير آبه بالتحذيرات والنداءات.
وتداخل «الربدي» قائلاً: إنه من خلال مشاهدتنا واطلاعنا على بعض حوادث هذا العام، الذي شهد أكثر من (20) ضحية جراء السيول، التي كان آخرها ضحايا «وادي رابغ»، نجد أن التوعية موجودة، إلاّ أنها مؤقتة تنتهي بزوال الحدث، مبيناً أنه كلما كانت التوعية مستمرة أو دائمة، كان أثرها أكبر.
مشاركة المجتمع
وشدّد «د. التويجري» على أهمية أن تكون الجهود متضافرة سواء من وسائل إعلام، أو تعليم، أو مساجد، لمتابعة الإرشادات التي تعنى بها الجهات المسؤولة حول مخاطر السيول وجريان الأودية، وللحفاظ على الأنفس والممتلكات، مع ضرورة التقيد بها وإعطائها الأهمية البالغة، واعتبارها المرجع والدليل في كل الأوقات.
أمطرت «خلّك في بيتك» ولا تعرّض نفسك وأسرتك للخطر أو تبحث عن من ينقذ حياتك وقد لا يصل إليك
وقال إن الدفاع المدني أو إدارات التربية والتعليم تعمل بهذا الدور، مبيناً أنه كلما كانت التوعية مربوطة بحملة كبيرة تخاطب الطفل والأب والأم، وتخاطب المجتمع بكل فئاته وشرائحه، فإن ذلك سوف يكون له دور مؤثر، لافتاً إلى أنه من المهم أن ندرك أننا كأفراد مجتمع نحن رجال دفاع مدني، بشرط ألا نؤدي المهام التي ليست من مسؤولياتنا، أو ليست موكلة لنا، بل يجب أن يتمثل دورنا بالتوعية، كل على قدر جهده واستطاعته، وأن نساعد رجاله عند وقوع الحوادث بتفريغ منطقة الحادث من جميع مظاهر التجمهر، حتى يستطيعوا مع وسائل الإنقاذ أن يأخذوا أماكنهم، ذاكراً أن هناك كثيرين ذهبوا ضحية للتجمهر حول الحوادث، على الرغم من أنهم لم يكونوا طرفاً مباشراً بها، بل جاء ذلك بسبب المتابعة والتطفل وعدم اللامبالاة، ومن ذلك ما حدث مؤخراً في حادثة «صهريج» الغاز التي وقعت في مدينة الرياض.
نحتاج إلى تنسيق الجهود بين مؤسسات المجتمع بدءاً من المنزل والأسرة والمسجد للتحذير من خطر السيول
مخاطر السيول
وأكد «الربدي» أن مخاطر السيول متعددة، وهذا يتمثل بجريان أودية تخترق المدن، مع غمر بعض الأحياء السكنية بمياه الأمطار، وما ينجم عن ذلك من ارتفاع مستوى المياه داخل المساكن، وما قد يؤدي إليه من حالات غرق، أو حرائق نتيجة الكهرباء، أو الوقوع بالحفر، وكذلك إتلاف الممتلكات والإضرار بها، إضافةً إلى امتلاء الأنفاق والأماكن المنخفضة، وأماكن تجمع السيول، وتحولها إلى بحيرات غادرة، إلى جانب حوادث انزلاق السيارات وتصادمها، وخصوصاً عند بداية نزول المطر، حيث تكون الأرض لزجة نتيجة مخلفات عوادم السيارات والزيوت والشحوم، ما يؤدي إلى عدم التحكم بالمركبة.
وقال إن مخاطر السيول خارج المدن لا تقل خطورة عن ذلك، حيث جريان الأودية والشعاب، وتكوّن المستنقعات على شكل بحيرات، وهي مصائد ربما تستمر مشاكلها مدة طويلة بعد توقف المطر، مشدداً على أهمية الحذر من الاقتراب منها بشكل مباشر وعدم السباحة فيها؛ لأن أرضيتها تكون طينية ولزجة وتشكل خطورة لمن يقترب منها.
تهاون بالخطر
وعلّق اللواء «الفايدي» قائلاً: ما نشاهده من بعض الحالات التي وقعت فإنها تعطي مؤشراً إلى أن الموضوع ليس جهلاً بالخطر، بقدر ما هو تهاون بالخطر ومغامرة، فعندما يقع طفل في مستنقع، يمكن أن نفسر ذلك أنه جهل بالخطر، أو نتيجة عبث كما هي طبيعة الصغار، لكن عندما يدخل شخص بسيارته في واد يجري بتيار شديد وقوي، فهو في هذه الحالة لا يجهل الخطورة، بل فعل ذلك لأجل المغامرة والتحدي، ثم يقع في مشكلة لا يُقدِّر نتائجها، وقد يذهب ضحية لهذه المغامرة هو ومن معه.
نُظم معلومات
وقال «د. الشبعان»: إن مخاطر السيول تشكّل أهم الهواجس والاهتمامات التي يوليها الدفاع المدني والأجهزة الوقائية بشكل عام، حيث أصبحت من الأسباب المؤدية إلى وقوع كثير من الحوادث التي ذهب ضحيتها عدد من الأشخاص؛ نتيجة عدم الحذر أو عدم الأخذ بوسائل السلامة والحماية من تلك المخاطر، مضيفاً أن هذه الجهود التي يقدمها الدفاع المدني لا تزال دون المستوى المطلوب، مطالباً أن تتعاطى قدرات الدفاع المدني مع المستحدثات العصرية كنظم المعلومات الجغرافية، من خلال توقّع أماكن الأودية داخل المدن وخارجها على خرائط، مع إقامة دورات لرجال الدفاع المدني للتعاطي مع هذه التقنية الحديثة، مشيراً إلى أن جامعة القصيم من خلال دورها في المساهمة برفع الوعي، ترحب بأي تعاون مع الدفاع المدني لتنظيم هذه الدورات، للرفع من قدرات رجاله مع التعامل مع هذه التقنية لمواجهة مثل هذه الحوادث المفاجئة، والمواقف الحرجة، ذاكراً أن جامعة القصيم يتوافر لديها متخصصون في نظم المعلومات الجغرافية، ومن هذا المنطلق فإن سمو أمير منطقة القصيم وجّه الجامعة بمشروع متكامل عن مخاطر السيول، ونحن الآن بصدد بداية المشروع من خلال فريق عمل مكون من قسم الجغرافيا، وكلية الزراعة وكلية الهندسة.
وأضاف أن كلية الهندسة أنيط بها بناء السدود، وكلية الزراعة أنيط بها قضايا خطر «وادي الرمة» على المزارع، لافتاً إلى أنهم في قسم الجغرافيا أنيط بهم النظم الجغرافية، وإنزال الخرائط، ودراسة جغرافية المنطقة وظروفها الطبيعية، وقد أنهينا السنة الأولى من المشروع وبقيت سنة أخرى على استكماله.
وجهة نظر
وعّلق اللواء «الفايدي» قائلاً: يهمنا هنا الموضوع الأساسي وهو تفاعلنا كمجتمع مع التوعية والأخذ بأسباب الوقاية من مخاطر السيول، مضيفاً أنه لا يتفق مع «د. الشبعان» أن على الدفاع المدني أن يهتم بالجانب الجغرافي، وخصوصاً مجال الأودية ومساراتها، حيث هذا من مسؤولية الأمانات والبلديات عندما تضع أو تعتمد المخططات، أو ترغب الترخيص لمنشآت، وهذه أيضاً مسؤولية الجامعة للتعريف بحدود ومحارم الأودية، وأماكن الخطورة، حتى لا تنشأ فيها مرافق، مشيراً إلى أنهم في الدفاع المدني لدينا خرائط الأودية، وبالتالي لا نصرح بإنشاء مبان في بطون الأودية أو أماكن الخطورة، وبالتالي يهمني كرجل دفاع مدني معرفة مستوى تفاعل أفراد المجتمع مع وسائل التوعية.
وتداخل «د. الشبعان» قائلاً: النقطة الأولى التي ذكرتها تتمثل بتعاطي الدفاع المدني مع التقنية، وما تستطيع الجامعة تقديمه في هذا المجال، أيضاً فإن الجامعة لا مانع لديها من إعداد فيلم وثائقي توعوي عبر «اليوتيوب»، حيث الشباب يتواصل بشكل كبير مع مثل هذه البرامج، موضحاً أن الجامعة أعدت في وقت سابق فيلماً عن حوادث المرور في «اليوتيوب»، وقد أبدت أكثر من جهة رغبتها في تبنيه، مشيراً إلى أن لدى جامعة القصيم الإمكانات والقدرات الفنية لإنتاج مثل هذا الفيلم التوعوي بالتعاون مع الدفاع المدني، مطالباً المجتمع وخاصةً الشباب أن يلتزموا تعليمات الدفاع المدني حال هطول الأمطار وجريان الأودية، وعدم الاقتراب من الأماكن الخطرة حتى لا يعرضوا أنفسهم أو أسرهم لخطر الغرق.
مهمة صعبة
وأوضح اللواء «الفايدي» أن من المظاهر التي تمت مشاهدتها وجود شباب يغامر بحياته وبحياة أسرته في تلك الأودية وتلك الشعاب، أثناء جريانها بمياه الأمطار، وحينما تحدث لهم المشاكل نتيجة تلك التصرفات الخاطئة، فإن هناك من يتساءل عن عدم وجود طائرة الإنقاذ، أو تدخل الدفاع المدني، ونحن هنا نود أن نؤكد أنه من المستحيل في أي بلد في العالم أن يكون هناك طائرة في كل هجرة، مضيفاً أنه في حال وجود طائرة على سبيل المثال في منطقة القصيم، فإنه حينما يأتي البلاغ لغرفة العمليات فإنه حتى تقلع الطائرة وتصل إلى موقع الحادث، لابد من وقت لا يقل عن (35) دقيقة، وبالتالي فإن أي حالة واقعة تحت ظرف تيار مياه قوي وجارف اقتلع الشجر والحجر والبشر، فإنه لن يتم عمل أي شيء بعد هذه المدة من البلاغ، خصوصاً إذا كان الوقت ليلاً، أو كانت هناك صواعق وهطول غزير للأمطار، مع وجود رياح، مشيراً إلى أن أنظمة السلامة والملاحة الجوية تمنع منعاً باتاً إقلاع الطائرة، ومباشرة أي حادث في مثل هذه الظروف الصعبة.
وأضاف أن الوقاية والأخذ بأسباب السلامة وعدم «توريط» الأنفس، أفضل بكثير من البحث عن أدوات، أو وسائل إنقاذ، أو طرح أسئلة مثل: لماذا تأخر الدفاع المدني؟.
خطأ وخطورة
وحول إقامة منشآت حيوية أو سكنية بالقرب من ضفاف الأودية؛ قال «د. الشبعان»: إن ذلك يمثل مكمن الخطورة، ذاكراً ما تعرض له حرم محطة الكهرباء الرئيسة بمنطقة القصيم الواقعة على طريق بريدة - عنيزة عام 1429ه، من تسرب كميات من مياه «وادي الرمة» إلى حرم المحطة وبناء الدفاع المدني الحواجز الرملية، لمنع تسرب المياه إلى وحدات إنتاج الكهرباء، موضحاً أن وجود هذه المحطة في هذا الموقع يمثل أحد الأخطاء التي تؤدي إلى تهديدها بغمرها بمياه وادي الرمة القريب منها.
وعلّق «د. الزعاق» قائلاً: من المؤكد أن وجود محطة الكهرباء الرئيسة بالقصيم في هذا الموقع إنما تم بناءً على دراسة ميدانية ومناخية وجغرافية حين ذاك، إلاّ أن التدخل البشري - وهذا ناتج عن عدم التوعية في مجال الأودية - هو الذي سبب الكارثة، مضيفاً أن الثقافة المتوارثة لدى أجدادنا أنهم كانوا يتعاملون مع قانون الطبيعة بكل منظومته، بكل حذاقة وذكاء، وبالتالي لم يتعرضوا للكوارث التي نشاهدها في وقتنا الحاضر، على الرغم من التقدم العلمي المعاصر، مبيناً أن مجاري السيول وبطون الأودية تم التعرض لها بالتحديث، وأقيمت فيها المساكن والمزارع، مع إقامة المرافق الخدمية والحيوية بالقرب منها، وهذا ما يتعارض بشكل كبير مع قانون الطبيعة.
تقيّد بالتعليمات
وأكد «د. الشبعان» أن جامعة القصيم تُعد حالياً دراسة عن «وادي الرمة» الذي يُعد أكبر أودية الجزيرة العربية، بتحديد حرم له، مع صدور قرار من مقام وزارة الداخلية ألا تتم الزراعة فيه أو بناء مساكن أو إقامة أبراج خطوط الضغط العالي للكهرباء، مضيفاً أن الدراسة تتناول اقتراح بناء سدود حسب «طبغرافية» امتداد اندفاع مياه الوادي، مشيراً إلى أن فريق العمل المكون من كلية الزراعة، وكلية الهندسة، وقسم الجغرافيا بالجامعة، على وشك الانتهاء من الدراسة وتقديم التوصيات.
وأوضح «الربدي» أن التهاون واللامبالاة والاستهتار والمغامرة غير المحسوبة، مع ضعف التوعية والإعلام، يؤدي إلى وقوع الكارثة وتفاقمها، مشدداً على أهمية أن يتقيد كافة شرائح المجتمع مواطنين ومقيمين بالتعليمات، والحذر من المخاطر التي تنجم عن هطول الأمطار الغزيرة، وعدم الاقتراب من جميع الأودية والشعاب، وعدم المخاطرة بالنفس أو بأفراد الأسرة من خلال أخذهم إلى تلك الأماكن الخطرة من باب التنزه.
وتداخل «د. التويجري» قائلاً: إن الرحلات البرية محببة لنفس كثيرين من الناس الذين يذهبون للصحاري، وخصوصاً خلال هطول الأمطار وأوقات الربيع والتخييم، مضيفاً أنه لكي يتم الاستمتاع بهذه الرحلة، فإن ذلك يستوجب التخطيط والعمل على تجنب وقوع الحوادث التي قد تؤدي إلى إصابة أحد أفراد الرحلة، مشدداً على أهمية اختيار موقع الرحلة والتنزه بعيداً عن أماكن الخطر بكل أشكالها، ومنها بطون الأودية والشعاب؛ لتجنب أخطار المياه المتدفقة من جراء هطول الأمطار، وما تحمله في طريقها من أخشاب وأشياء مؤذية.
خريطة مائية
وأكد «د. الزعاق» أن التدخل البشري في المنظومة الطبيعية كان له أثر سلبي، مشيراً إلى أنه يوجد ملاحظة في بناء مخططات في محافظة جدة، حيث أنشئت في بطن واد ضخم وكبير وخطر جداًّ، مضيفاً أن قوة تدفق مياه الأمطار في هذا الوادي عند جريانه تعادل قوة المياه المتدفقة في «وادي الرمة»!.
وتداخل «الربدي» قائلاً: الأودية خارج المدن ليس لها جهة معنية بها حتى الآن؛ لأنه حينما حصلت بعض القضايا في الأودية، فقد تخلت عنها كل القطاعات بشكل عام، بما في ذلك مشاكل السيول، مضيفاً أن عملية التحديد موجودة على الخرائط القديمة والحديثة، موضحاً أنه بعد كارثة جدة أصبح هناك إلزام على كل أمانة أو بلدية أن تضع خريطة مائية، بحيث يمنع إنشاء المخططات السكنية أو الصناعية أو غيرها، لكن حتى الآن لا نجد شيئاً ملموساً لوضع بتر أو علامات على الأودية بشكل عام، خصوصاً أن بعض الأودية خطيرة ومخادعة، ومثال ذلك «وادي الرمة»، حيث لا يظهر للرائي أنه واد عميق، بل لا يشعر المرء أنه في بطن الوادي، مشدداً على أهمية وجود علامات على حدود الوادي حتى وإن كانت داخل بعض الأملاك، مشيراً إلى أنه داخل المدن هناك خرائط مائية، لكنها لم تنضج حتى الآن، بل ولم تصبح أمراً واقعاً، ذاكراً أنه تم منع المخططات في المناطق التي ضمن حدود الخرائط المائية، لكن ذلك يحتاج إلى المراجعة والمتابعة بشكل أكثر دقة.
أمطار رعدية
وذكر «د. الزعاق» أن أوقات سقوط الأمطار الغزيرة تختلف باختلاف الأمكنة، مضيفاً أن المنطقة الجنوبية من الجزيرة العربية تشهد في نهاية فصل الصيف أي في شهر «أغسطس» و»سبتمبر» و»أكتوبر» حدوث أمطار رعدية تتسبب في إحياء الأودية وجريانها، أما بالنسبة إلى المنطقة الوسطى والمنطقة الشمالية والمنطقة الشرقية وأجزاء من المنطقة الغربية، فإن الجو يكون جافاً ومجدباً في آخر موسم الربيع، أي: في أشهر «مارس» و»أبريل» و»مايو» تقريباً، لافتاً إلى أن الوضع يختلف من منطقة إلى أخرى، بحيث تكون كوارث الأمطار شديدة في المناطق ذات الطبيعة الجبلية، وتكون أخف في المناطق التي تكون منبسطة التضاريس أو رملية.
تقارير الأحوال الجوية
وحول إفادة المزارعين وبخاصة أصحاب المشروعات الزراعية الكبيرة من تقارير الأحوال الجوية المرفوعة للدفاع المدني، وهل هناك نية لتعميم المحاذير من خلال وسائل التقنية الحديثة؟، أجاب اللواء «الفايدي» قائلاً: نحمد الله أنه لا يوجد لدينا كوارث كونية تهدد المحاصيل الزراعية بالتلف نتيجة فياضانات، أو سيول قوية، لكن ما نلاحظه كخطورة هو اقتحام الناس مجاري الأودية فقط، أما المزارع الواقعة في الأماكن النائية عن الأودية فلا تتضرر بإذن الله، مؤكداً أن الدفاع المدني حينما يستشعر وجود حالات خطيرة بما يرد من هيئة الأرصاد، فإنه يمرر بعض التنبيهات على القنوات التلفزيونية لتوضيح حجم الأمطار أو كثافتها أو خطورتها.
أداء المسؤولية
وأوضح «د. الشبعان» أن من ضمن مشروع جامعة القصيم ل «وادي الرمة» وضع علامات لتحديد المجرى الفعلي، بحيث يكون حرماً للوادي، مع منع منح الصكوك، مشيراً إلى أنه يوجد اقتراح بإخراج المزارع القائمة حالياً من حوض الوادي، وتعويضهم في أماكن أخرى، لأن وجود هذه المزارع يعيق اندفاع مياه الوادي.
وعلّق «د. الزعاق» على وجود المزارع في مجرى الأودية بأن ذلك يمثل خطورة بالغة على الممتلكات والأفراد، مضيفاً أن هناك من أصحاب المزارع من ينشئ حواجز ترابية داخل الأودية لتغيير مسار جريان المياه، وهذا يدل على أن هناك اعتداء وعدم احترام لقانون الطبيعة، ما يؤدي إلى ارتفاع مستوى المياه وارتداد جريانها إلى نقاط ضعيفة يتجه من خلالها إلى المساكن.
وذكر «د. التويجري» أن من كمال الدين أنه اهتم بجميع مجالات الحياة التي يحتاج إليها الإنسان، ومن ذلك أنه أوجب على كل إنسان أداء المسؤولية التي أنيطت به حسب موقعه ومكانته، وقد اشتمل حديث: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» على جانب كبير من ذلك، بحيث ألقى المسؤولية على كل مكلف فيما هو تحت رعايته، وبالتالي حمّله إثم التقصير في رعاية ما استرعاه الله عليه، مشدداً على أهمية عدم ترك الأطفال بعيداً عن أنظار والديهم أو ذويهم، ومن دون مراقبة، مع التنبيه عليهم بعدم الاقتراب من الأودية والشعاب أثناء الأمطار أو السباحة فيها، أو بالحفر المملوءة بالماء بعد هطول الأمطار، التي تحتوي على الطين و»الوحل»، الذي يعيق الحركة وقد يتسبب في الغرق.
لجان «مدنية» وتنسيق مع الأرصاد لمواجهة الأحداث الطارئة
أكد اللواء "فهيد الفايدي" أهمية التنسيق مع الجهات المعنية لتنفيذ تدابير وإجراءات الدفاع المدني؛ لمواجهة جميع المخاطر المحتملة، مضيفاً أن نظام الدفاع المدني أولى هذا الأمر أهمية كبرى، حيث نص على تشكيل لجان دفاع رئيسة في كل منطقة، برئاسة أصحاب السمو الملكي أمراء المناطق، تنبثق منها لجان فرعية في كل محافظة برئاسة محافظي المحافظات، وتضم كافة الجهات المعنية بتنفيذ إجراءات وتدابير الدفاع المدني.
وقال: "هناك لجنة فورية في مركز القيادة والسيطرة تضم مندوبين من الجهات المعنية بتنفيذ تدابير الدفاع المدني، موجودون في حالات الطوارئ، لتنفيذ الخطط الخاصة لمواجهة أي خطر، وهناك خطوط ساخنة مع الجهات المعنية لضمان سرعة ودقة الأداء".
وأضاف أن الوقوف على حالة الطقس والمتغيرات اليومية يتم بشكل متوال من خلال تقارير ترد إلى غرف العمليات والقيادة والسيطرة بالدفاع المدني من هيئة الأرصاد وحماية البيئة كل ست ساعات، وإذا كان هناك احتمالات توحي بهطول أمطار غزيرة مع رياح أو متغيرات مناخية مؤثرة، فإن هذا التقرير يتم تجديده كل ساعتين، وأحياناً كل ساعة، إضافةً إلى التواصل الهاتفي لمعرفة أي شيء لم يتضمنه التقرير، مؤكداً أن الدفاع المدني في جاهزية تامة على مدار الساعة، ومستعد ولله الحمد لمواجهة أي طارئ، عبر هذا التعاون وهذا التنسيق المستمر مع هيئة الأرصاد.
وأشار إلى أن الدفاع المدني يعمل وفق هذه التحذيرات بتمرير هذه التقارير على الأجهزة الحكومية ذات العلاقة، حتى تؤدي كل جهة دورها وفق مسؤولياتها، مضيفاً أن من بين التعليمات أن يكون مندوبو الجهات الحكومية أعضاء هذه اللجنة الموجودون في غرفة العمليات المشتركة أصحاب مستوى وظيفي وثقافي عال، بل وأصحاب صلاحية، ولديهم القدرة على اتخاذ القرار المناسب وفق ما تستدعيه الحالة من دون الرجوع إلى مراجعهم.
ضحايا الإهمال وإلقاء النفس إلى التهلكة..!
قال «د. خالد الزعاق»: «مع الأسف أصبحنا ضحايا إهمال، وإلقاء النفس إلى التهلكة، مؤكداً أننا لا نزال أمام «قلّة وعي» قادتنا إلى طريق مسدود، وحوادث مخيفة، وموجعة، ومؤلمة لكثيرين، مضيفاً أن الكارثة الكبرى التي نعانيها هي عدم الوعي،؛ لأنه لا تثور في بلادنا براكين أو تحدث زلازل.
وقال: «لا ألوم المواطن ولا الجهات المعنية، خاصةً إذا كان هناك من الشباب أو غيرهم من يقطع الأودية أثناء جريانها ثم يغرق، وقد حصل هذا المشهد أمام عيني في (وادي الطرفية) شرق بريدة»، لافتاً إلى أنه عند حصول المشكلة بدأ الحاضرون والمتجمهرون يتساءلون أين الدفاع المدني؟، متسائلاً: كيف للدفاع المدني أن يصل إلى موقع الحادث في مدة لا تقل عن نصف ساعة أو أكثر يكون معها الوضع قد تأزم؟، مشدداً على أنه من المفترض أن يتساءل الحاضرون عن أسباب دخول هؤلاء الشباب إلى بطن الوادي وارتكاب هذه المغامرة.
وأضاف أنه يتواصل إلكترونياً مع شريحة اجتماعية كبيرة من المتابعين عبر أحد برامج التواصل الاجتماعي، وأنه حذّر الجمهور من الاقتراب من بطون الأودية ومجاري الشعاب؛ لأن الأجواء كانت تشهد مرحلة تهيج، والأمطار لا ترحم، وقوانين الطبيعة لا ترحم، ولا تجامل أحداً، لا صغيراً ولا كبيراً، ومع ذلك وبعد مرور ثلاثة أيام تحصل عندنا الكارثة التي ذهب ضحيتها سبعة من الشباب، تجمعوا لمشاهدة الأمطار في وادي جازان، ذاكراً أن هؤلاء الشباب - تغمدهم الله بواسع رحمته ورضوانه - قد حذرهم أهل الحي ونصحوهم بالخروج من الموقع قبل وقوع الحادث.. ولكن!.
المشاركون في الندوة
سيول جدة كشفت عن أن بعض المناطق كانت في بطون الأودية وأماكن الخطورة
التنزه في بطون الأودية يعرضك لمخاطر قبل وصول «الدفاع المدني»
طائرة الإنقاذ تتطلب وقتاً طويلاً للوصول إلى موقع الحادث
إبراهيم بن صالح الربدي
د. أحمد بن محمد الشبعان
د. صالح بن عبدالعزيز التويجري
د. خالد بن صالح الزعاق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.