جنحت الكثير من التوقعات الاقتصادية نحو التفاؤل بالعام الجديد 2014 م وتحسن مؤشرات الاقتصاد العالمي فيه. وتأتي هذه التوقعات بحسب المحلل والخبير النفطي الدكتور محمد الشطي في ظلّ تحسّن أداء الاقتصاد الهندي واستمرارية تحقيق الأداء المتوازن للاقتصاد الصيني. وقال هناك تلازم ما بين معدل استهلاك الطاقة والنمو الاقتصادي العالمي، فالطلب على الطاقة يعتمد أساساً على نمو واستقرار الاقتصاد العالمي، كما أن استقرار أسواق الطاقة وإمداداتها ضروري للنمو الاقتصادي العالمي، وفي هذا السياق تبرز أهمية الحوار في مختلف المحافل الدولية وضرورة تفعيل آليات حوار الطاقة بين المنتجين والمستهلكين ولعل ذلك الأبرز في السنوات الأخيرة تحت مظلة منتدى الطاقة الدولي؛ للمساهمة في نمو الاقتصاد العالمي واستقرار أسواق الطاقة، علماً بأن الحوار بدأ بشكل غير مباشر عام 1991م في باريس وتطور إلى مرحلة تأسيس منتدى الطاقة الدولي في الرياض ليشكل بذلك دعامة رئيسية لتعزيز التعاون بين البلدان المنتجة والمستهلكة في العالم وقد أسهم في إيجاد أرضية مشتركة للتعامل مع التحديات على أسس تضمن مصلحة الجميع. نمو طلب المصافي الصينية على النفط 15.5 مليون برميل بحلول 2030 وتابع قائلاً تأتي أهمية هذه البداية كون الأسواق النفطية مقبلة بمشيئة الله على سنوات يمكن وصفها بأن العرض يفوق الطلب، مما يجعل هنالك حاجة واضحة إلى وجود تنسيق؛ لأن مسئولية استقرار الأسواق والأسعار هي مسئولية جماعية، وهناك توافق بين رؤى المحللين الاقتصاديين الذين يعتقدون بأن العام 2014 يشهد وتيرة نمو أسرع وتعافياً أكبر يزيد عن المعدل في عام 2013 م ولكنْ هناك تباين في مقدار هذا التنامي، وإن كان توافقا بأنه يفوق 3%، ويدعم هذا التوجه تفاؤل حول أداء الاقتصاد الأمريكي وخروج منطقة اليورو من حاله الانكماش، وتحسن في أداء الاقتصاد الهندي واستمرار في تحقيق أداء متوازن للاقتصاد الصيني، كما يعتقد الكثير من الاقتصاديين أنه من المهم ان تهتم الحكومات بشكل خاص في ايجاد فرص عمل وخلق وظائف، وان البطالة ربما تمثل تحديا كبيرا امام التعافي. وذكر الشطي أن توقعات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية الحديثة حول السوق النفطية خلال عام 2014 تشير إلى ارتفاع الطلب العالمي على النفط من 90.4 مليون برميل يومياً خلال عام 2013 إلى 91.6 مليون برميل يومياً خلال عام 2014 ، أي زيادة سنوية مقدارها 1.2 مليون برميل يومياً، وارتفاع الامدادات من خارج الاوبك من 54.1 مليون برميل يومياً في عام 2013 الي 56.1 مليون برميل يوميا في عام 2014 أو زيادة مقدارها 2 مليون برميل يومياً، وهي توقعات تشير إلى أن استقرار الأسعار يتم من خلال توازن السوق وخفض في انتاج النفط الخام من أوبك من متوسط 30 مليون برميل يومياً في عام 2013، الى 29.5 مليون برميل يومياً خلال عام 2014، أي خفض بمقدار 500 الف برميل يومياً، وهو ما يعني ضعف في معطيات السوق خلال عام 2014. وأضاف الدكتور الشطي إن هوامش أرباح المصافي النفطية خصوصاً في آسيا وأوروبا تظل تعاني، وإن كان بدرجات مختلفة بسبب ضعف أسعار المنتجات البترولية مقارنةً مع متانة أسعار النفط الخام والتي تحافظ على مستويات تفوق المائة دولار لسنوات وما زالت، والذي جاء نتيجة حجم طاقات التكرير الجديدة الإضافية. القارة الآسيوية تحافظ على تميزها من جهة اخرى حافظت القارة الآسيوية على تميزها بحسب بعض المؤشرات الاقتصادية كأحد الأسواق الواعدة المستهلكة للطاقة؛ لما تتمع به من أداء اقتصادي استثنائي مقارنةً مع كثيرٍ من الاقتصادات العالمية. وفي هذا السياق قال المحلل النفطي الدكتور محمد الشطي لا زالت الأسواق الآسيوية تحقق نمواً مطرداً في الناتج المحلي الكلي، وهو الأمر الذي يدعم أهمية القارة الآسيوية عالمياً، لا سيما البلدان المصدرة للنفط على وجه الخصوص، ولذلك فإن واردات آسيا من النفط الخام في تنامٍ، مما رفع من درجة اعتمادها على النفط الخليجي تحديداً. وذكر أن السوق الآسيوي يعد من أهم الأسواق لمنطقة الخليج العربي، حيث تشكل السوق الرئيسية للنفط الخليجي بما يزيد عن 75% من إجمالي المبيعات من النفط الخام، ولكن الظروف في المستقبل تشهد خططاً لرفع الإنتاج في عدد من البلدان المنتجة للنفط في العالم، وزيادة وتيرة التنافس بينها لكسب الأسواق الآسيوية، ويأتي هذا الاستهداف لاستقرار هذا السوق ولضمانه عائداً أعلى، حيث يرى المراقبون أن الزيادات المستقبلية بالنسبة للطلب العالمي سوف تكون في آسيا وعلى وجهه الخصوص في الهندوالصين. وتابع: تشير دراسة جديدة لأحد البيوت الاستشارية أن الطلب على النفط من قبل المصافي الصينية سيرتفع من 9.8 ملايين برميل يومياً في عام 2013 ليصل الى 15.5 مليون برميل يومياً بحلول عام 2030 ، وهو ما يعني زيادة سنوية تدور حول 300 ألف برميل يومياً، وتذهب هذه التوقعات لتؤكد أن الصين تقوم بتغطية احتياجاتها عن طريق الواردات من خارج الصين خلال السنوات 2013 – 2030 ، والتي يتم توزيعها على النحو الاتي: 30 ألف برميل يومياً من أفريقيا و40 ألف برميل يومياً من كندا و 90 ألف برميل يومياً من الاتحاد السوفيتي سابقاً و 80 ألف برميل يومياً من أمريكا اللاتينية و 60 ألف برميل يومياً من الخليج العربي، وبذلك يكون مجموع الاجمالي 300 الف برميل يومياً. وأضاف الشاهد من هذا التحليل هو أن دول الخليج لديها خطط لرفع قدراتها الانتاجية، العراق من 3.1 ملايين برميل يوميا في عام 2013 إلى 4.5 – 5.5 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2020 ، الكويت من 3.15 ملايين برميل يومياً حالياً إلى 4 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2020 ، إيران من 2.7 مليون برميل يوميا إلى 4 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2020م ، من دون إضافة أي زيادة من السعودية أو الإمارات، وهذه الارقام توضح التحدي الذي يفرضه التنافس المتوقع في المستقبل على اهم سوق واعد في العالم خلال هذه السنوات وما يعني ذلك للخليج العربي.