يحق لي أن أسمي هذا العام عام المثقفين والثقافة المحلية بعدما بشرنا به من بشائر متتالية بدأت بتعيين معالي وزير الحج سعادة الأستاذ إياد مدني المثقف المعروف وزيرا للثقافة ثم تعيين الدكتور عبد العزيز السبيل وكيلا لها وبين هذا وذاك تقدير في نظام العمل والخدمة المدنية للمفكرين والأدباء بمنح إجازة ثلاثين يوما لتمثيل البلاد داخليا وثلاثين يوما لتمثيلها خارجيا في المناسبات الثقافية . والآن .. وبتقلد بعض المسئولين الموثوق باقتدارهم مناصب تليق بالثقافة فنحن بما نكتب من رؤى وتطلعات نشارك ونساهم في صياغة برامج تسهم في دعم مشاريع الوزارة وإن كانت نظرتنا محدودة وربما قاصرة، ولكنها محاولة واجتهاد ومحبة خاصة بعدما بدأت تتضح لوزارة الثقافة والإعلام هيكلتها المناسبة . وقد يكون في مقالتي هذه بعض الإشارات الخاصة المتعلقة بمشروع المثقفة . وربما يرى بعضهم أن من القصور أن أفكر وأكتب عن المثقفة بشكل خاص في موضوع لوكيل وزارة الثقافة لكنني عندما أفكر بالمرأة .. أرى في الثقافة خاصة أجد في ذلك مخرجا ذهبيا لحل وضعها على جميع المستويات . دعوني حتى إذا كنتم ترون فيما أرى مبالغة أوضح ما أعنيه . فكما ساهم الإعلام في إضاءة مشاريع التعليم أو العكس فإسهام الثقافة في إضاءة وضع المرأة وتنوير المجتمع بفكرها ومكانتها يمكن أن يكون مثل دور الإعلام في التعليم .فما أتمناه أن يكون للمرأة دور وفاعلية أكثر في الوزارة وأن تنال مناصب قيادية، بل لابد أن يتاح المجال لتوظيف المثقفات أو المهتمات بالثقافة للعمل فيها .. وإعطاء المثقفة كما هو حاصل بالنسبة للمفكرين والمهتمين بالثقافة- حق العمل كمتعاونة تستشار في شئون الثقافة بشكل عام . وخارج مشروع المرأة الثقافي أتحدث عن المثقف السعودي عموما فمن أهم مايواجه به المثقف السعودي العامل في قطاع حكومي أنه قلما يحظى بإدارة متفهمة تقدر دور الفعاليات والمناسبات الثقافية وأهميتها وضرورتها للمثقف فيقع في حال دائمة من الصراع والصدام مع مديره أو المسئول عنه في دائرته الذي لا يبتغي للمثقف أن يغادر مكان وظيفته وإن كان قد أنيط به دور وطني آخر يتطلبه انتماؤه للفكر والثقافة فيرفض مديره السماح له بآداء مهمته وتلبية الدعوة خارجيا أو داخليا ومن تجربتي الواقعية أقول ذلك . لطالما تشرفت بدعوات من جهات رسمية خارجية وداخلية لتمثيل المرأة السعودية شعريا وإعلاميا لكني مع الأسف لم أحظ في أية مرة بموافقة مديرتي في عملي على تلبية أية دعوة . التعميم الأخير الذي أقره ديوان الخدمة المدنية في جلسة مجلس الوزراء ونشر في الصحف المحلية في السابع من جماد الأول من هذا العام (يونيو 2005م) ، جاء مدروسا ومغطيا لحاجات المثقف من التواصل والتلاقح بثقافة أخرى وأهلها أو تواصل مع مثقفه وثقافته المحلية في مدن أخرى عبر الدعوات الموجهة إليه من مؤسسات الثقافة ..فمنح المثقف إجازة ثلاثين يوما داخليا وثلاثين خارجيا مساندة عظمى ودعم كبير للمثقف ولكن السؤال المطروح : كيف سيتعامل أرباب العمل مع دعوات المفكرين والأدباء ، ومن جانبها وزارة الثقافة حين يتوجه إليه المفكر بدعوة رسمية يطلب موافقتها عليها من الضرورة إسراعها في الرد لأن معاملة طويلة تنتظر المثقف تتنقل بين وزارة الثقافة ودائرة أخرى أو مؤسسة راعية للفعالية داخليا وخارجيا ومخاطبة تتم بوقت كاف إلى أرباب العمل ليتم سد شاغر غياب المثقف . أحيانا تكون الدعوات على عجل ولا يتسنى للمثقف الموظف تلبيتها نظرا لبطء التراسل بين الجهات الحكومية وقلة اهتمامها وحرصها على مساندة المثقف وتشجيعه . لذلك كثيرا ما يحلم المثقفون بانخراطهم في وظائف تلبي حاجاتهم الإبداعية والفكرية ذات صلة بالهم الكتابي أو الإبداعي الثقافي بشكل عام . هناك موضوع آخر غاية في الأهمية أتمنى على وكيلنا الجديد الدكتور الفاضل عبدالعزيز السبيل إعطاءه أحقيته من الدراسة وأن يأخذ حيز التنفيذ . وهو مشروع دعم الكتاب - المؤلَف السعودي من خلال تعاون وزارة الثقافة مع دار نشر عربية كبرى تطبع وتسوق الكتاب السعودي عربيا وعالميا وتساعد المثقف والمفكر السعودي في تحمل جزء من عبء طباعة مؤلفه ماديا ومعنويا أو تعفيه من ذلك .وفي هذا تنظيم لحركة توطين الكتاب السعودي بعد هجرته الطويلة إلى دور النشر العربية دون طباعته وتوزيعه محليا . ومن جهة ثانية تتعلق بالمجتمع السعودي فلابد من تكثيف وتفعيل دور المكتبات العامة وإعادة بنية علاقتها بالقارئ المحلي وتهيئتها للقيام بأدوار أخرى مثل إقامة الندوات الثقافية وتشجيع الجيل الجديد على التواصل مع ثقافته وثقافة العالم . الحقيقة أن الآمال والتطلعات إزاء مشاريع ثقافتنا المحلية بتوافر أياد مخلصة جادة منتمية للهم الثقافي تسنمت ذروة المسئولية والرعاية للثقافة تدعوني إلى بهجة غامرة لا تتوقف بل تتطلع إلى غد ومستقبل ثقافي بلاحدود . [email protected]