يعدّ التأمين الصحي نظاماً اجتماعياً يخفف التكاليف والأعباء المادية على الفرد، ويساهم في تقديم خدمات صحية تلائم الحال، خصوصاً إذا كان المستفيد من المتقاعدين وكبار السن، إلاّ أنّ الجدال مازال مستمراً بين شركات التأمين الصحي بمن يقبل بالتأمين الصحي لكبار السن بشكل عام، وبين من يسن حداً أعلى للعمر لقبول تأمين هذه الفئة من المجتمع، حيث أنّ هذه الفئة هي الأكثر حاجةً لهذا التأمين الصحي، كونهم أكثر الفئات عرضة للأمراض المزمنة التى تحتاج إلى المتابعة المستمرة من قبل الطبيب المختص والزيارات المتكررة. يختلف قرار وضع حد أقصى لسن المستفيدين من التأمين الصحي من شركة لأخرى، حيث حدد في بعض الشركات بعمر (70) عاماً للمواطن و(65) عاماً للمقيم، إذ اتخذته الشركات بناءً على رؤيتها ومصالحها من دون أن يكون له سند نظامي في المنع أو القبول، فحالت دون تأمين كبار السن أو أن يشملهم التأمين الممنوح لمن يتبعونه من المستفيدين، على الرغم من حاجتهم الدائمة للمتابعة الصحية التي يقابلها عدم استخدام العديد من عملاء شركات التأمين لتأمينهم الصحي لفترات طويلة؛ مما يضمن للشركات أرباحاً هائلة مقابل خدمات دون المأمول!. معاناة الانتظار وذكر "عادل الجمعان" أنّ هناك اختلافاً في التأمين على كبار السن، حيث أنّه اشترك في ثلاث شركات تأمين، مبيّناً أنّ تكلفة التأمين ترتفع كلما زاد عمر المؤمن عليه، كما ترتفع التكلفة حال كثرة الأمراض التي يصاب بها كبير السن المؤمن عليه، مشيراً إلى أنّه عانى كثيراً من طول إجراءت الموافقة التى تتبعها المستشفيات مع شركات التأمين الصحي، وإذا ما كان المرض لا يشمله التأمين تزيد مدة الانتظار. تغطية شاملة وأكّد "ناصر عبدالله" على أنّ الحد الأعلى لتأمين كبير السن قد يختلف من عميل لآخر، حيث أنّ بعض الشركات قد تستثني البعض، وتزيد بالحد من عمر (60) عاماً إلى عمر (80) عاماً، مرجعاً سبب قبول بعض الشركات إلى زيادة في عمر المؤمن له إلى رغبة الشركة لكسب المؤمن له وذويه؛ نظراً لما يترتب على الشركة من خسارة أكثر من عميل في حال الرفض، خصوصاً إذا كان التأمين يشمل عائلة ذات عدد أفراد كبير نوعاً ما؛ مما يؤكد على أنّ رفض تطبيق نظام التأمين الصحي على كبار السن هو شيء لا يقره النظام و لا يلزم به!. وأضاف أنّ التأمين الصحي قد وفر بعض الحماية من الآثار الضارة للرسوم المفروضة على المستخدمين للنظام، وأتاح سبلاً واعدة باتجاه تغطية شاملة للرعاية الصحية، وعلى الرغم من ذلك كله، إلاّ أنّ التأمين الصحي في بعض الشركات لا يشمل كل شرائح المجتمع؛ مما يؤدي إلى تعريض هذه الفئة المحرومة لمخاطر المرض بسبب عدم قدرتها على دفع تكاليف العلاج، مطالباً شركات التأمين بسرعة الاستجابة وتخصيص قسم خاص للموافقات؛ نظراً لتأثير التأخر في الرد على حالة المريض التي تحتاج أحياناً علاجات عاجلة وربما إجراء عمليات. التأخر في إصدار الموافقة حيلة ل«تطفيش» المريض حتى يدفع العلاج «كاش» حاجة ماسة وشدد "فهاد فرحان الشمري" - مستشار تأمين في شركة تأمين خاصة - على أهمية التأمين لكل فرد من أفراد المجتمع وبكل فئاته العمرية وطبقاته الاجتماعية، خصوصاً كبار السن، حيث إنّهم فئة أفنوا صحتهم في خدمة المجتمع، وأصبحوا الآن بحاجة ماسة للرعاية والاهتمام، معتبراً أنّ الرعاية الصحية المجانية المقدمة من الدولة قد لا تفي بالغرض أحياناً؛ بسبب كثرة المراجعين، إلى جانب تدني مستوى الخدمة -حسب رأيه-؛ نظراً للضغط على المستشفيات، منوّهاً بأنّ ذلك أوجب التركيز على التأمين الصحي الذي فتح أبواباً للإفادة من المستشفيات الخاصة، لفئة كبار السن وذوي الدخل المحدود للحصول على الرعاية الصحية الممتازة. حد أعلى وأوضح "الشمري" أنّ شركات التأمين التعاوني العاملة بالمملكة خاضعة لرقابة مؤسسة النقد، وهي الجهة المسؤولة عن ترخيص شركات التأمين وعن رقابة آدائها بشكل عام، بالإضافه إلى خضوع الشركات تحت إشراف مجلس الضمان الصحي التعاوني الذي أسس لتنظيم العلاقة التأمينية بين جميع الأطراف - المؤمن، والمؤمن له، والمستفيد، ومقدم الخدمة التأمينية-، مبيّناً أنّ الجهات التنظيمية الرقابية أصدرت اللوائح والانظمة التي تنص على تقديم الخدمة التأمينية، وتغطية تكاليف العلاج لكل مؤمن له أو مستفيد من التغطية، ولا يحق لأي من شركات التأمين رفض العلاج لكبار السن المؤمن لهم أو المستفيدين، مشيراً إلى أنّه وفقاً للأنظمة والقوانين المعمول بها محلياً ودولياً فإنّه لا يوجد هناك تحديد لحد أعلى لعمر المؤمن له أو المستفيد من الخدمة التأمينية، إنّما هذا التحديد يرجع للشركة ذاتها. وأضاف: "حسب الأنظمة واللوائح والتشريعات لا يحق لأي شركة تأمين رفض التأمين الصحي للأمراض المزمنة السابقة للمؤمن له، ولكن للحصول على هذا الحق يجب على المؤمن له أو المستفيد الإفصاح مسبقاً عن جميع الأمراض المزمنة لشركة التأمين عند تقديمه لطلب التأمين الصحي؛ حفاظاً على حقوقه"، موضحاً أنّه في حال إخفاء المؤمن له لمرض ما أو تغييره للحقائق والمعلومات الصحية يحق لشركة التأمين رفض العلاج، أو إعادة تسعير الخدمة المقدمة. لائحة تنفيذية وبيّن "نايف الريفي" -المتحدث الرسمي باسم مجلس الضمان الصحي التعاوني- أنّ المجلس قد ألزم شركات التأمين بقبول جميع فئات كبار السن، حيث تم إلغاء شرط العمر من الوثيقة، وجاء ذلك في جلسة المجلس رقم (69) منذ عام 2009م، مضيفاً: "تم تطبيق التأمين الصحي بموجب نظام الضمان الصحي التعاوني ولائحتة التنفيذية، حيث بلغ عدد المؤمن لهم أكثر من (8.285.061) مستفيداً، من خلال (28) شركة تأمين مؤهلة؛ مما يعتبر من الإنجازات الرائدة في هذا المجال"، مشيراً إلى أنّ وجود التشريعات واللوائح التنفيذية والمشاركة الفاعلة للشركاء هي الأساس للنهوض بالتأمين الصحي في المملكة، بالإضافة إلى اتخاذ مبدأ الشراكة في إعداد خطط العمل التنفيذية والتنظيمية، مع وجود العناصر البشرية ذات الخبرة في مجال التأمين والأنظمة الآلية. سن نظامي! ونوّهت "د.فوزية أخضر" -عضو مجلس إدارة الجمعية الوطنية للمتقاعدين- إلى حاجة المتقاعدين لوجود مستشفيات خاصة بهم، حيث تكون متخصصة تقدم لهم خدماتها الصحية بالمجان، أو على الأقل وجود بطاقة تأمين صحي للمستشفيات الخاصة لتقديم الخدامات المجانية للمتقاعدين وكبار السن، معتبرةً أنّ هذا أقل ما يمكن أن يقدم لهم بعد الخدمة الطويلة للوطن، مشيرةً إلى احتياجهم لتخفيضات خاصة لا تقل عن (50%) على جميع الخدمات، أسوة بما تعمل به الدول الأخرى، مؤكّدةً على رفض بعض شركات التأمين الصحي للتأمين على المتقاعدين، خاصةً إذا كان لديهم أي مرض سابق-وفقاً لما وصل إليهم من شكاوى-، موضحةً أنّ البعض يرجع سبب الرفض إلى عدم وجود تأمين يتناسب مع السن النظامي للتقاعد، بالإضافة الى ارتفاع أسعار التأمين عند بعض الشركات. مبادرة تأمين وقالت "د.فوزية" أنّ التأمين الصحي أصبح مطلباً ضرورياً للمتقاعدين أكثر من اي فئة أخرى، خصوصاً بعد وضوح عدم أهلية المستشفيات لحاجتهم وسنهم، حيث أنّ الانتظار في المستشفيات الحكومية طويل جداً عليهم، ومواعيد المتابعة تكون بعيدة، وهذا لا يتناسب مع طبيعة أعمارهم وأوضاعهم الصحية، إذ هم بحاجه لخدمات أكثر سرعة، موضحةً بمحاولة الجمعية للمبادرة في الرعاية والتأمين على المتقاعدين مجاناً أو بتكاليف أقل، إلاّ أنّ الاستجابة كانت ضعيفة من المستشفيات، إلى جانب أنّ البعض كان يخصم لهم بقيمة (10%)، إذا أبرزوا بطاقة التقاعد، فيما لا يُخصم لهم في كثير من الأحيان. خدمات مجانية وطالبت "د.فوزية" بإعطاء المتقاعدين أبسط حقوقهم من قبل المؤسسة العامة للتقاعد والتأمينات، من خلال إنشاء مستشفيات خاصة بهم، تقدم لهم خدماتها بالمجان؛ تقديراً لمجهوداتهم، كما هو المعمول به من قبل الحرس الوطني، ووزارة الداخلية، وبعض من المنشآت الحكومية، مستدركة: "أو حتى التعاون مع المستشفيات الخاصة، بتقديم الخدمات المجانية لكبير السن المتقاعد بمجرد إبرازه البطاقة التقاعدية"، مشددةً على ضرورة أن تقدم لهم الخدمات بسرعة أكبر، خصوصاً أنّ فيهم مريض القلب والضغط والسكر، معتبرةً أنّ هذا أقل عمل يقدم لكبير السن والمتقاعد على ما بذل من مجهودات خلال مسيرته العملية. التأمين يقلص تكلفة الرعاية وتوفير علاج المسن تزيد الحاجة للتأمين الطبي عند المسنين د.فوزية أخضر فهاد الشمري نايف الريفي