تهرب، تغادر، ينتابك احساس جارف بالملل، وتعتصرك احاسيس الإجهاد والتعب من معاناة أذبتها في استمرارية عمل طويل، وصدامات متتالية مع الآخر، وأحياناًمع نفسك، دون ان تجد الوقت الكافي لمخاطبة هذه النفس المتعبة أو الجلوس معها، أو التعامل معها بشيء من الحنان، أو حتى منحها الوقت الكافي لتصغي إليها. يقتلك روتين الحياة اليومية، ويتمدد كجدول لا نهاية له على الإطلاق الصورة امامك قائمة والطريق مغلق في الوصول إلى الراحة أو الاستكانة بحكم قانون الركض اليومي الذي اعتدته. أنت متوتر ليس هناك شك قلق من تكرار الأشياء أمامك يحاصرك ضغط رهيب بشكل يومي، لا تستطيع ان تهرب منه. لايوجد لديك اي هامش متاح من الممكن ان تتحرك داخله، او حوله أو حتى على اطرافه. يهل موسم الحر، والشمس الحارقة. تبحث عن كتاب فن الهروب بقوة لا تجده، رغم انك قد شاهدته منذ لحظات. يغمرك احساس الرغبة في التغيير، تقف أمام فكرة التغيير كجوهر حقيقي بتفاصيلها. التغيير من اجل استعادة الحيوية والنشاط. التغيير من اجل تقديم الأفضل. تتحسر على من يبحث عن التغيير من اجل التغيير فقط. تتجاذب فكرة التغيير تجدها كحالة انقلابية على الاعتياد، وطبيعة الأشياء وتكرارها. انت واقعي جداً. عندما تبدأ في التنفيذ. تهرب بعيداً، باحثاً عن الهدوء، هارباً من مناطق الصخب والجنون التي اعتادها من يدعون التغيير ويروجون له كل عام فقط من أجل أنهم قد مارسوا حقهم في التغيير. يجذبك الهدوء، صوتاً وصورة، تتعايش معه، تفصل حكاياته تقترب من ملامسة الغمامة ومخاطبتها اين ستذهب بعد ذلك؟ وعلى من سوف تطل؟ جماليات الطبيعة الباردة تجعلك تنسج ملامح من الدهشة قادرة على تركيب صوره حقيقية لمشهد غاب عنك طويلاً.ينكسر الملل.ويغيب الإجهاد، ويحل محله الاسترخاء. تغتسل العين من كل مفردات غياب الطبيعة، وأتربة البشر. يغتسل الجهاز العصبي ويغادر برمجته المعتادة والتقليدية ليقع في حب الحياة الجديدة. يؤسس لعلاقة خاصة مع من حوله، يرى كل شيء بشكل مختلف تشعر انك تسبح مع التيار الطبيعي بعيداً عن سباحتك طوال عام كامل ضد التيار. تحولات انسانية خطيرة تستشعرها وانت مسترخٍ بعيداً عن التأثير والتوتر، والركض، والتدافع نوع اللا شيء كل يوم. ترى المشهد من بعيد تقرأ حروفه قراءة متأنية، عميقة بعد ان اعتدت على القراءة اللاهثة . تتلقى الاجابات بوضوح، وتطرح أنت اسئلتك اختيارية. تكتشف كثيراً من الجماليات التي غابت عنك وأنت بين الآخرين، وفي زحامهم تكتشف انك ايضاً تضيع لفترات طويلة، دون ان تجد اي منفذ لإيجاد نفسك تصمم أن تقتنص الوقت لنفسك مستقبلاً حتى وانت داخل زحام الحياة وحصار الآخرين وفي وجودهم، فالزمن هو لك، والمكان تستطيع ان تخلقه ايضاً.