لنضع النقاط على الحروف، ونبدأ بالتمهيد للفكرة التي تريد أن تغادر وترحل من ذهني!. أنت في أحيان كثيرة تريد أن تهرب من ضجيجك الداخلي إلى الضجيج الخارجي، قد تكون ممتلئاً بالمشاعر بالأحاسيس بالأفكار التي تخصك وحدك التي تدور في عقلك ولا أحد يدري عنها سواك، لكنك لا تريد أن تواجهها لا تريد أن تعرف أنها تنمو داخلك أنها موجودة لذلك تهرب.. تركض بعيداً عن هذا الضجيج الداخلي إلى ما يشغلك خارجياً، تهرب إلى أصوات أعلى من هذه الأصوات التي تعلو داخلك وصور الهروب كثيرة. قد تهرب إلى أصدقاء يثرثرون ولا يتوقفون عن الكلام يتحدثون عن كرة القدم والأفلام والزحام والصيف، قد تهرب إلى «الريموت كونترول» لتنتقل من قناة فضائية إلى أخرى لتشاهد مسلسلات رمضانية معادة وبرامج مسروقة عفوا أقصد مقتبسة من قنوات أجنبية وأفلام بلا قصة، لكنها تضحكك وقد تتعجب لقدرتك على متابعة فيلم شاهدته عدة مرات بدون ملل وكأنك تراه لأول مرة، لكنها الرغبة في الهروب، أنت تريد أن تهرب من نفسك، وهذا هو الحل الوحيد أمامك. وأنت قد تغرق نفسك بالعمل تجد نفسك تمضي ساعات إضافية تكتب تقريراً أو تعيد النظر في أوراق حملتها معك من المكتب الذي تتذمر من الذهاب إليه كل صباح، وقد تجد أن الحل الوحيد هو أن تنشغل بمشاكل الآخرين تعطيهم أذنك لتسمع ما يرددونه للمرة العشرين لتعطيهم حلولاً لا يطبقونها ولا يستمعون لها، وقد تفتح لهم يديك لتحتضنهم في لحظات ضعفهم، ولو كنت صادقاً مع نفسك في هذه اللحظة لسألت نفسك: «لماذا أهرب من مشاكلي إلى مشاكلهم؟»، لكنها قد تكون الطريقة الوحيدة التي تثبت بها لنفسك أنك في أحسن حال وأن كل شيء تمام وعال العال، لكننا نخدع أنفسنا أحياناً لأننا لا نعرف كيف نتعامل معها. كما قلت لكم، نحن نهرب لأي شيء حتى لا نعيش لحظة مواجهة من النفس، لأن المواجهة صعبة، والتصارح مع النفس أصعب، لأنك قد تعرف أنك تعاني من مشكلة أو أنك على وشك الانهيار أو أنك أخطأت خطأ لا يمكن أن تغفره لنفسك. لذلك فإن ساعة أو دقائق من العزلة، تجلس فيها مع نفسك، قد تجعلك تتصالح معها، تتصارح معها، تعرف عنها أكثر، وهذه قد تكون أولى خطواتك للراحة وأنت حتما تريد أن ترتاح.