بداية أرجو أن لا تتداخل المفاهيم عند البعض خاصة هواة القراءة السريعة فتنظيم النسل يختلف تماما عن تحديد النسل.. تنظيم النسل منهجية لحماية الاسرة من التكاثر غير المسؤول، وقد عمل به صحابة رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام وفق امكاناتهم العلمية والطبية والثقافية آنذاك..، ما يعني معه ان تنظيم النسل يتفق مع الثقافة الاسلامية للارتقاء بمستوى الاسرة واعطاء الابوين فرصة تربية ابنائهم وتعليمهم وتطبيبهم بل وترفيههم بما يتفق مع ضرورة التباهي بالامة الاسلامية يوم القيامة حيث التباهي حينها سيكون نوعيا وكيفيا وليس بالعدد فقط.. الملاحظ في مجتمعنا وبنظرة سريعة ان اغلب الاسر ذات الدخل البسيط وربما المعتمدة على برامج الضمان الاجتماعي ومساعدات اهل الخير انهم في الغالب يكثرون من انجاب الابناء ثم يواجهون صعوبة في تربيتهم واشباع احتياجاتهم والنتيجة اتساع في مساحة الفقر وربما يؤدي ذلك ايضا الى اتساع في انتشار بعض الظواهر السلبية مثل الانحراف بكل انواعه مثل الهروب من المنزل، تعاطي المخدرات، التسرب من المدرسة وغير ذلك نتيجة كثرة عدد الابناء وعدم قدرة الابوين على اشباع احتياجاتهم خاصةج وان بعض الاسر تعاني اساسا من تفكك اسري وخلل في البناء الوظيفي للابوين بالاضافة لضعف مداخيلها المالية مع زيادةج في عدد مواليدها.. بالاضافة الى انخفاض مستوى تعليم الابوين وعدم ادراكهما للكثير من الاحتياجات النفسية والتربوية لابنائهما ما يجعل هؤلاء الابناء يعيشون في بيئة اجتماعية واقتصادية غير قادرة على اداء مسؤولياتها التربوية بكل تفاصيلها... تنظيم النسل مطلب في بعض الاسر خاصة في حال انخفاض حاد في دخل الاسرة او كبر سن الاب او وجود امراض وراثية تصيب الابناء باعاقات او امراض او في حالة خلل في الاداء الوظيفي لاحد الابوين.. تنظيم النسل يتيح للابوين القيام بمسؤولياتهما التربوية كما يجب وكما يحتاج الابناء.. بعض المشاكل التي تعاني منها الاسر نتيجة كثرة العدد وعدم قدرة الابوين على القيام بواجباتهما ما يسهل انحراف هؤلاء الابناء فكم من طفل سهل وقوعه في المخدرات دون علم والديه، وكم من طفل بات ليلته خارج منزل اسرته دون علم والديه.. للاسف البعض رغم الضائقة المالية وعدم عمله تجده يتزوج مثنى وثلاث ورباع وينجب الابناء من هنا وهناك ثم يطالب المؤسسات الحكومية او اهل الخير بمساعدته على رعايتهم وتلبية مطالبهم وربما تجد البعض للاسف يهرب من مسؤولياته ويسافر خارج مدينته ويبتدئ حياة جديدة مع زوجة جديدة وتستمر حالة الانجاب دون قدرة على تربية الابناء وتحمل تبعة رعايتهم بما يرضي الله ورسوله.. لن نختلف ان الله عز وجل كفيل برعاية عبده ولكن ايضا الله عز وجل اكد مسؤولية الاباء في رعاية ابنائهم وكفاية احتياجاتهم التربوية فالاسرة تعتبر هي المؤسسة الرئيسة في تكوين المجتمع وبنائه كلما تأسست الاسر على قوة انعكس ذلك على قوة المجتمع.. تنظيم النسل ثقافة نحتاج نشرها بين الاسر وخاصة النساء ولعل الجمعيات الخيرية والمؤسسات ذات الاهتمام الاجتماعي والجامعات والتعليم العام تقوم بدورها في نشر تلك الثقافة بين الاسر وخاصة التي لديها ظروف خاصة تستدعي التنظيم بحيث لا يحرم اي طفل من حقه في العناية والتربية وإشباع احتياجاته المادية والمعنوية بما يتفق مع منهج الاسلام التربوي ويعطينا اطفالا مشبعين لكامل احتياجاتهم.. اطفالا لايبحثون عن الحب خارج اسوار منزلهم ولايبحثون عن السعادة فوق دبابة خارج الحدود، ولا يبحثون عن المال عند اشارات المرور..