اعتبرت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان إصدار رئاسة الجمهورية التونسية عن طريق دائرة الإعلام والتواصل ل"الكتاب الأسود" فيه تجاوز لصلاحياتها وخارج اختصاص نظرها حسب التنظيم المؤقت للسلط العمومية ويتضارب مع قانون استعمال الأرشيف الوطني وشجبت الرابطة إفشاء المعطيات الشخصية عند معالجة تلك الوثائق من قبل رئاسة الجمهورية بما أنها لم تتم في إطار من الشفافية والأمانة واحترام كرامة الإنسان طبق المعايير الدولية ذات الصلة. وقالت الرابطة التونسية لحقوق الإنسان إنّ هذا الكتاب قد أدى إلى إثارة موجة من الانتقادات في أوساط إعلامية وحقوقية واستياء شريحة مهمة من الرأي العام مما دفع بالمناخ العام إلى المزيد من التوتر والاحتقان. ونددت الرابطة بهذا التشهير وبعرض معطيات على أنها حقائق نهائية وقرائن "إدانة" الذي يمثّل انتهاكا صريحا لقرينة البراءة وتعديا خطيرا على سلطة القضاء الجهة الوحيدة المؤهلة للنظر في الشكاوي المرفوعة ضدّ من انتهكوا حقوق وحريات المواطنين وهضموا حقوق المذكورة أسماؤهم في الدفاع عن أنفسهم أمام العدالة مع ما يمكن أن يكلفهم كشف الأسماء من أخطار وأذية. وعبّرت الرابطة عن استيائها من تضمن القائمة لأسماء إعلاميين مناصرين حاليا لحرية الصحافة عملوا على المحافظة على استقلاليتهم زمن الاستبداد والإيحاء بشبهة تعاونهم مع "منظومة بن علي" الدعائية، بما يمثله ذلك من استهداف لحريّة الرأي والصحافة وتعديا عليها. وأكدت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان أن الكشف عن الحقيقة في كل ما اقترفه الاستبداد من تعديات ومساءلة ومحاسبة المسؤولين عنها وإنصاف الضحايا وجبر أضرارهم ورد الاعتبار إليهم لا يتم إلا في إطار مسار العدالة الانتقالية الذي تشرف عليه "هيئة مستقلة ومحايدة" بعيدا عن كل توظيف سياسي أو انتقاء أو انتقام و باحترام تام لمبادئ حقوق في شموليتها وكونيتها. ويذكر أن الكتاب الأسود الذي نشرته رئاسة الجمهورية وكشفت فيه ما أسمته "منظومة الفساد" في عهد الرئيس السابق بن علي قد أثار استياء كبيرا في مختلف الأوساط التونسية لكونه جاء حسب الملاحظين "لتصفية الحساب" مع بعض الخصوم بالتشويه وهتك الأعراض في حين تستر الكتاب عن أسماء الموالين. و أقحمت في الكتاب "باطلا" أسماء هي "رموز وطنية" كالبطل الأولمبي محمد القمودي صاحب أول ميدالية أولمبية تونسية وأيضا قلعة النضال الوطني سياسيا ورياضيا جمعية الترجي الرياضي التونسي (1919) الى جانب أبطال الأرجنتين في عهد الزعيم بورقيبة مما جعل الكل يجمع على أن الرئيس المرزوقي أراد بكتابه هذا الانطلاق في حملة انتخابية رئاسية قبل الأوان ضاربا بكل المعايير الأخلاقية والقانونية في استغلال أرشيف وطني دون وجه حق.