سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
د. راشد أبانمي: إدارة الأمير نايف للملف الأمني عززت الثقة العالمية بأمن مصادر الطاقة «أمن الطاقة» أهم عناصر الاستراتيجية الجيوسياسية بعد الحرب العالمية الثانية
أكد رئيس مركز السياسات البترولية والتوقعات الاستراتيجية الدكتور راشد أبانمي أهمية تعزيز المحور الأمني لدول مجلس التعاون الخليجي؛ حفظاً لأمن الطاقة وطرق الإمداد واستقرار أسواق النفط العالمية. وبين خلال حديثه ل"الرياض" ضرورة ترسيخ التعاون فيما بين دول المجلس وتعزيز التنسيق القائم بين وزارات الداخلية فيها، وبحث سُبل أوجه التصدي للمخاطر المحدقة بدول المنطقة من خلال الاستراتيجيات والخطط الأمنية؛ تحقيقاً لمطلب المجتمعات الخليجية وحكوماتها لحماية أمنها واستقرارها واقتصادياتها من كل ما يهددها، بالإضافة إلى أنه مطلب عالمي لضمان سلامة إمدادات النفط واستقرار الأسواق النفطية العالمية، وبأسعار معقولة لا تضر الاقتصاد العالمي نظراً لأن دول مجلس التعاون تملك أكبر احتياطي في العالم وأهم أكبر مصدري النفط بالعالم كونها تمد العالم بأكثر من نصف إنتاج منظمة أوبك، وتمتلك أكبر احتياطي غاز في العالم. الأمن الداخلي للمملكة مصدر طمأنينة لسوق النفط ويساهم في استقرار الأسعار وتابع قائلاً من المؤكد أنه خلال اجتماع وزراء الداخلية بدول مجلس التعاون الثاني والثلاثين والذي تبنى إنشاء جهاز للشرطة الخليجية، وأقر الوزراء رفع قيمة جائزة الأمير نايف للبحوث الأمنية من أربع مئة ألف ريال سعودي إلى مليون ريال تكريماً لذكرى الأمير نايف بن عبدالعزيز- رحمه الله-، جاء ذلك تأكيداً لما قام به الأمير نايف طيلة توليه منصب وزير الداخلية ودوره المهم في تعزيز الشعور بالاطمئنان واستتباب الأمن ليس فقط في المملكة بل حتى على مستوى دول الخليج العربي وكذلك الصعيد العربي؛ نظراً لما عُرف عنه من حزم وإدارة فعالة للملف الأمني على مدى 35 عاماً تخللتها أزمات وقلاقل تم التعامل معها بحنكة ودهاء وحزم وإدارة فاعلة للأزمات، وهو ما انعكس على سلامة الإمدادات البترولية الدولية وعزّز التعاون الدولي بين البلدان المنتجة والمستهلكة في توازن العرض والطلب الفعلي على النفط، فاستتباب الأمن في المملكة أعطى دول العالم ثقة أكبر فيها وكذلك بأسواق النفط العالمية، وإعادة الأسعار إلى وضعها الطبيعي لمصلحة المنتجين والمستهلكين في سبيل دعم التعايش السلمي والسلام العالمي وديمومة نمو الاقتصاد العالمي الذي يتجسد في الاهتمام باستقرار الأمن واستتبابه، وكان دور الأمير نايف -رحمه الله- كبيراً في رسم السياسات الأمنية وقيادة الملف الأمني في المملكة والخليج، حيث كان من أولوياته الحرص على سلامة المرافق الحيوية ذات الأهمية القصوى للاقتصاد المحلي والعالمي، وكان وجوده يرحمه الله على رأس الجهاز الأمني منبع ثقة للعالم أجمع في أمن وسلامة مصادر الطاقة، وأكبر شاهد على ثقة العالم بالأمن السعودي وقيادته أن أسواق العالم لم تتأثر مطلقاً بالمحاولة الآثمة للاعتداء على مصفاة بقيق، التي تعالج 70% من الإنتاج السعودي، كون العالم واثقاً من قدرة الأمن السعودي على استيعاب الأمر والسيطرة عليه، لما يملكه جهاز الأمن في المملكة من إجراءات استباقية لاستشعار الحوادث ومنع حدوثها قبل وقوعها، وهو ما أعطى الاقتصاد العالمي ثقة كبيرة، ولم تتسبب المحاولات اليائسة الفاشلة في أي صدمات اقتصادية أو تقلبات في الأسعار ناتجة عن اهتزاز الثقة في المملكة، فلقد كان للسياسة الأمنية الحكيمة التي تبناها الأمير نايف -يرحمه الله- الأيادي الطوال لتجنب حدوث تعطل في إمدادات الطاقة أو الحد منها، لأن أي اضطراب أمني في هذه المنطقة الحيوية، يمكن أن يكون له تأثير مدمر ليس على دول المنطقة بل حتى على الاقتصاد العالمي. د. راشد أبانمي وذكر أبانمي أن دور المملكة الأمني في حماية الطاقة كان بارزاً من خلال رئاسة المملكة لمجلس وزراء الداخلية العرب والذي عرف بأنه من أنجح المجالس الوزارية العربية محققاً في ذلك إنجازات كبيرة مثل إقرار مشروع الإستراتيجية الأمنية العربية في الدورة الثانية لمجلس وزراء الداخلية العرب المنعقدة في بغداد في ربيع الأول 1404ه وكذا إقرار خطة عربية أمنية وقائية في الدورة الثالثة للمجلس المنعقد في تونس خلال الفترة من 9 إلى 11 ربيع الأول 1405ه، كما تم في الدورة الرابعة للمجلس إقرار الخطة الأمنية العربية، وفي الدورة الحادية عشرة كانت جهود المملكة واضحة في التأكيد على أهمية تحقيق مستوى أفضل للتعاون العربي في مجال الأمن ليساهم في خلق مناخ يساعد الحكومات والشعوب العربية على بلوغ طموحاتها في التطور الذي أصبح شرطاً حتمياً في عالم يتسم بالصراعات والتكتلات ومن أبرز منجزاته في هذا الخصوص إنجاز الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب الموقعة من قبل وزراء الداخلية والعدل العرب. وقال رئيس مركز السياسات البترولية والتوقعات الاستراتيجية نرى في تاريخنا المعاصر بأن أي حادثة من الأحداث الجلل المتتالية التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط خلال الثلاثين سنة الماضية وما زالت تعانيها المنطقة كافية لإحداث أزمة حقيقية في تأمين إمدادات البترول الذي يعتبر من أولويات الاستراتيجيات السياسية والاقتصادية التي يهتم بها العالم وخصوصاً القوى الكبرى؛ نظراً لأن النفط يعتبر سلعة إستراتيجية تتحكم وتؤثر فيها الأحداث الأمنية بشكل كبير ولاسيما إذا كانت هذه الأحداث قريبة جدا من منابع النفط، فمنذ أن تبوأ النفط جزءا مهما من الإستراتيجية الجيوسياسية العالمية بعد الحرب العالمية الثانية، أصبحت قضية أمن الإمدادات النفطية من القضايا ذات الأسبقية التي توليها جميع دول العالم جل اهتماماتها ومتعلقة بأمنها الاقتصادي والسياسي والعسكري، ويكفي أن نشير هنا إلى أن هاجس أمن الإمدادات النفطية وتوخي الحذر في شأن تأمين الإمدادات النفطية أدى إلى تحالف الدول الكبرى لغزو واحتلال الدول النفطية لتأمين وارداتها النفطية، كما حدث في الغزو الأنجلو- سوفيتي لإيران عام 1941م، واحتلال كامل الأراضي الإيرانية، كل ذلك لغرض تأمين حقول النفط الإيرانية وضمان خط إمداد وتموين آمن ومستمر لقوات الدول الكبرى آنذاك، وبتزايد الطلب العالمي على النفط المطرد، تزداد كذلك درجة خطورة انقطاع الإمداد النفطي لعوامل أمنية داخلية حيث ربطت الدول الكبرى إستراتيجية الموارد الطبيعية مع أهدافها السياسية الإستراتيجية بشكل وثيق، باعتبار أن النفط ليس ثروة قومية فقط بقدر ما هو مورد استراتيجي يتمتع بأبعاد سياسية وأمنية ولما له من تأثيرات سياسية على استقرار وأمن الدول الصناعية الكبرى واقتصاداتها، وبالتالي جعل هذا الدور المهم الذي يلعبه النفط في المجتمعات المعاصرة، مسألة الأمن لمنابع النفط وتأمين إمداداته من إحدى أهم القضايا ذات الأسبقية التي توليها دول العالم اهتماماتها عند دراسة القضايا المتعلقة بأمنها الاقتصادي وأمنها القومي وخاصة الدول الكبرى التي أقحمت نفسها في كل ما يتعلق بتأمين إمدادات النفط وراحت تتنافس لبسط تأثيراتها عليه والسيطرة الأمنية على مصادره في الداخل والخارج، مستخدمة كافة الأساليب السياسية والعسكرية والدبلوماسية والقانونية، وبتحليل الأحداث والوقائع التراكمية للقضايا الاقتصادية النفطية، نجد أنه ليس بقضايا اقتصادية بحتة بمقدار ما هي تشابك من القضايا الأمنية الداخلية والخارجية التي يمكن أن تتعرض، في أي وقت، للعواصف والمخاطر التي تنعكس إيجاباً أو سلباً على استقرار إمدادات الطاقة وأسعارها، فالأمن الداخلي واستقرار الدول النفطية ينعكس إيجاباً على أمن إمدادات الطاقة واستقرار أسعارها، فأمن الطاقة الذي يعرف بأنه توافر الطاقة المستمر بأشكال مختلفة وبكميات كافية وأسعار معقولة للسوق العالمية يتأثر إيجاباً أو سلباً بالأوضاع الأمنية الداخلية للبلدان النفطية وخصوصاً ذات الإنتاج الضخم كحال دول الخليج العربي، التي تمتلك أكبر الاحتياطيات البترولية والأكثر وفرة في العالم ولديهم أكبر فائض احتياطي يتجاوز الخمسة ملايين برميل يومياً. الاحتياطي الخليجي من النفط يتجاوز 5 ملايين برميل يومياً «الشرطة الخليجية المشتركة» تعزز أمن إنتاج أوبك وأوضح أبانمي أن أنظار العالم مسلطة دائماً على أمن دول الخليج العربي ومعنية باستقرارها الأمني الداخلي والإقليمي، لاسيما خلال الثلاثين سنة الماضية وما تعيشه بعض بلدان منطقة الشرق الأوسط التي تمر بظروف أمنية صعبة، فعلى الرغم من التهاب منطقة الشرق الأوسط خلال ال 30 عاماً بدءاً بسقوط الشاه ثم الغزو السوفياتي لأفغانستان والحرب العراقية الإيرانية ومروراً بغزو العراق للكويت والحرب العالمية في الخليج العربي لتحرير الكويت ثم سقوط أقوى دولة إقليمية في الشرق الأوسط أمام الغزو الأمريكي للعراق وما أفرزته تلك الأحداث الجسام في التطرف وتبلور الإرهاب الذي زلزل العالم بأجمعه، وما تسبب في إحداث شروخ في النسق الاجتماعي لبعض الدول وزعزعة في الأنظمة القائمة وسقوط البعض منها، إلا أنه وعلى الرغم من كل هذه النزاعات والقلاقل التي تدور من حولنا بقيت دول الخليج وعلى رأسها المملكة واحات يعمها الأمن والأمان وسط هذا البحر الهائج المتصارع من حولنا، وبفضل من الله ثم بإدارة الملف الأمني السعودي الحكيمة والحازمة التي جعلت النفط وإمداداته في منأى عن هذه الأزمات وتأثيراتها، لاسيما أن التدقيق في خلفيات الكثير مما تشهده العديد من دول المنطقة من اختلالات أمنية يعود في الأصل إلى صراع على مصادر الطاقة. واختتم أبانمي حديثه قائلاً من هنا نرى أن دور أمن الطاقة واستقرار أمن إمداداتها العالمي هو دور محوري يرتكز على الأمن الداخلي لبلدان الخليج حيث تواجه التحدي الأكثر خطورة لأمن إمدادات الطاقة وتحقيق الأمن الاجتماعي حول منابع النفط في وسط من الأزمات والقلاقل العظيمة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، والنظرة الأمنية لا يجب أن تقتصر فقط على الشأن المحلي نظراً لتشابك المصالح الأمنية إقليمياً وعالمياً، بل يجب أن تتعداه ليشمل الصعيد العربي والدولي ؛ لضمان تغطية إقليمية أمنية شاملة، حيث إن الأحداث الأمنية حول منابع النفط والاضطرابات السياسية في الشرق الأوسط تثير مخاوف حول أمن إمدادات النفط والغاز من الشرق الأوسط نظراً لقرب البلاد من ثلاث ممرات رئيسية ''قناة السويس ومضيق باب المندب بين البحر الأحمر وخليج عدن'' وممر آخر للطاقة أكثر أهمية وهو مضيق هرمز الذي يمثل المخرج الوحيد من الخليج العربي ودول كالكويت وقطر، وتظل الإدارة الحكيمة والحازمة للأمن الداخلي في المملكة والتي تحتذيه حالياً دول مجلس التعاون الخليجي من أهم عناصر الاستقرار السياسي والاقتصادي وبالخصوص للإمدادات النفطية وعنصراً فعالاً لطمأنينة السوق النفطية العالمية، وتجعل من دول مجلس التعاون جزيرة من الأمن والاستقرار وفي منأى عن هذه الأزمات التي تحيط بمنطقة الشرق الاوسط وما تشهده العديد من دول المنطقة من اختلالات أمنية تعود جلها في الأصل إلى صراع على مصادر الطاقة وتأثيراتها.