أكد خبراء نفط سعوديون أن أسواق النفط مرشحة لمزيد من الارتفاعات خلال الأيام المقبلة، مع استمرار التوترات السياسية في المنطفة، وتوقعات بقرب توجيه ضربة عسكرية على النظام السوري، محذرين من تأثيرات سلبية ومخاطر في الاقتصادين الخليجي والعالمي، إذ سينعكس ذلك على زيادة فاتورة الاستيراد، وهو ما يسبب موجة غلاء جديدة تضر بالمستهلكين، خصوصاً أصحاب الدخول المنخفضة. وارتفع سعر خام برنت أمس إلى 112 دولاراً للبرميل، مسجلاً أعلى مستوياته في نحو ستة أشهر. وأوضح الخبير الاقتصادي فادي العجاجي، في حديثه إلى «الحياة» أنه في حال استمرار الأوضاع الحالية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وتوجه الولاياتالمتحدة الأميركية لتوجيه ضربة عسكرية لسورية، فإن أسعار النفط ستستمر في الارتفاع، مشيراً إلى أن تلك الارتفاعات ستكون موقتة في حال استقرت الأوضاع في المنطقة. وأضاف: «في حال قيام حروب تكون هناك انعكاسات لفترة»، مشيراً إلى أن الاقتصاد السعودي استطاع رفع قدرته الإنتاجية تجاوزت 12 مليون برميل يومياً، وهي من الدول القليلة في العالم التي تمثل صمام أمان للسوق النفطية العالمية. وأشار إلى أن السعودية أكدت مرراً التزامها تغطية العجر في الأسواق العالمية، إذ إنه «ليس من مصلحة الاقتصاد السعودي ارتفاع النفط بشكل مبالغ فيه، إذ إن ذلك سيضر الاقتصاد العالمي، وسيؤدي إلى تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي وزيادة كلفة الإنتاج، وهو ما سينعكس على زيادة أسعار السلع المستوردة». من جهته، قال الخبير النفطي عضو مجلس الشورى خالد بن منصور العقيل، إن ارتفاع أسعار النفط وتخطي عتبة ال120 دولاراً للبرميل بسبب تطورات الأحداث السياسية في المنطقة يهدد الانتعاش الاقتصادي العالمي الهش، الذي ما زال يحاول الخروج من نافذة الركود الاقتصادي.وأضاف: «تجاوز سعر برميل النفط مستوى 120 دولاراً سيجر الاقتصاد العالمي نحو كساد اقتصادي»، مشيراً إلى أن أسعار النفط تحكمها عوامل عدة، منها السياسية والاقتصادية والتطورات في مصادر الطاقة وإمدادات النفط والغاز والفحم على الساحة العالمية. واعتبر العقيل أن «من يجتهد في التنبؤ باتجاهات أسعار النفط أشبه بمن يمارس (التنجيم)، فإن صدقت توقعاته زعم المعرفة»، مبيناً أنه في ظل الأحداث السياسية في المنطقة والاضطرابات في سورية التي تزكيها روح التمدد الإيراني في المنطقة هي أمور مقلقة سياسياً واقتصادياً وإقليمياً ودولياً، لأنها توفر مناخ صراع وخوف على أمن الإمدادات النفطية المتاحة من منطقة الخليج العربي إلى الأسواق العالمية، وهو ما يسهم في ارتفاع أسعار النفط. وتابع: «على الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني الذي انتخبه الإيرانيون بشعار (الاعتدال وتنمية الاقتصاد الإيراني) أن يبرهن على صدقية أقواله بأفعال تخمد فتيل الصراع والحرب التي أشعلتها سياسة سلفه أحمدي نجاد حتى تستقر سوق النفط العالمية من خلال تعزيز أمن الإمدادات النفطية المتاحة». ووصف سياسة السعودية في هذا المجال بأنها واضحة المعالم وقائمة على التوازن بين مصالحها النفطية والمالية واستقرار أسواق الطاقة العالمية والمحافظة على إمدادات نفطية كافية لمقابلة الطلب على النفط، كما تحرص المملكة على وجود طاقة إنتاجية فائضة لتلبية النقص في إمدادات النفط المطلوبة عالمياً في حالات الضرورة. وأكد الخبير الاقتصادي رئيس مركز جواثا الاستشاري إحسان علي بوحليقة أن سياسة المملكة هي الحفاظ على استقرار سوق النفط من خلال تحقيق التوازن في السعر والإمدادات باعتبار أن أي إرباك سيضر بالاقتصاد العالمي، مؤكداً أهمية تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي في المنطقة العربية، باعتبار أن تأثير ذلك في مناخ الاستثمار بالمنطقة يتجاوز أية مكاسب مباشرة. وأشار بوحليقة في حديثه إلى «الحياة» إلى أن النفط سلعة استراتيجية ذات تأثير اقتصادي وسياسي في المستويين الإقليمي والدولي، ومن المهم أن يكون هناك استقرار في أسعار النفط وأن تكون الأسعار مناسبة للمنتجين والمشترين بما يدعم نمو الاقتصاد العالمي، مؤكداً أن ارتفاع أسعار النفط سيرفع فاتورة واردات المملكة، لأن زيادة سعر النفط سيرفع أسعار المنتجات. وعن أسعار النفط مستقبلاً، قال إن الأسعار رهن بتوجه الأوضاع، إذ يبدو أن المتغيرات الجيوسياسية لها تأثير كبير في سعر النفط، مؤكداً أن المملكة تلتزم بسقف إنتاجها وفقاً للاتفاق ضمن منظمة «أوبك» وبما ينسجم مع السياسة السعودية النفطية المستقرة، وهي الحفاظ على استقرار السوق النفطية، ولذا فإن أي تغيير في مستويات إنتاج المملكة من النفط يخضع لاعتبارات تتعلق بالسوق النفطية العالمية من حيث العرض والطلب، لإيجاد توازن يحمي أسعار النفط من الانهيار في حال وجود فوائض كبيرة من النفط.