يبدو أن غطرسة المستعمر وثقافة بلطجة «الكاو بوي» لا تزال تهيمن على عقلية المشرعين الأمريكيين الذين يعتقدون بأنهم سيحكمون العالم من خلال هذه التصرفات التي أكسبتهم عداء الشعوب وكبدتهم خسائر مادية ومعنوية وأدخلتهم في أزمات سياسية ومآزق أمنية وصدامات مع تكتلات اقتصادية لا تعترف بسياسة لي الذراع للحصول على المصالح وتحقيق المكاسب الذاتية. ولعل آخر هذه التقليعات الأمريكية موافقة مجلس الشيوخ بشكل مبدئي على السماح لوزارة العدل الأميركية بمقاضاة منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بذريعة التلاعب بالأسعار، وذلك كجزء يتم مناقشته في قانون أميركي جديد يرمي إلى تقليل الاعتماد الأميركي على النفط العربي بشكل عام ونفط الخليج بصورة خاصة ويعتبر هذا هو أول تعديل في قانون الطاقة يستهدف دولا ذات سيادة من قبل الكونغرس الأميركي الذي يقوم بالتشريع داخل الولاياتالمتحدة متجاهلين الأسباب الحقيقية وراء صعود أسعار النفط والتي تعد أمريكا احد العوامل الرئيسية فيها من خلال دعم إسرائيل التي عملت على تقويض الأمن بمنطقة الشرق الأوسط إضافة إلى فشلها في إعادة الأمن والاستقرار إلى العراق وفرض القيود على الاستثمارات النفطية. ويأتي هذا التعديل في القانون الأمريكي ضمن سلسلة من التعديلات والقوانين الأميركية ضد دول خارجية منها الصين والاتحاد الأوروبي وحاليا منظمة الأوبك والتي تعد كيانا مهما في تماسكها لاستقرار الأسعار والحفاظ على التوازن بين العرض والطلب وضمان تدفق النفط إلى الأسواق العالمية دون عوائق تخلق أزمة عالمية في إمدادات الطاقة. و تخطئ الولاياتالمتحدةالأمريكية إذا اعتقدت أن في تفكك الأوبك مصلحة تصب في مسار انسياب النفط بكميات هائلة إلى الأسواق العالمية وانهيار الأسعار إلى مستويات متدنية تظن بأنها تفضي إلى مصالحها الأحادية ، فوجود الأوبك عنصر مهم في توفير إمدادات الطاقة ولو انحلت المنظمة فانه من المرجح أن تبرز كيانات صغيرة ستعمل على التحكم بكمية الإنتاج و العمل على الحد من الإنتاج المفرط الذي تنتهجه المنظمة حاليا مما سيخلق شحاً في إمدادات الطاقة وحتى لو لم تتشكل هذه الكيانات وانحدرت الأسعار إلى معدلات منخفضة فإن الإنتاج سيتوقف من دول كثيرة ويظل التحكم من قبل دول معينة وتعاود الأسعار إلى الارتفاع بصورة لن تتمكن الدول المستهلكة من كبحها. إن الدول المستهلكة ومنها الولاياتالمتحدةالأمريكية صاحبة المشروع تدرك أن ارتفاع الأسعار يعود إلى نقص إمدادات المواد البترولية المكررة وليس النفط الخام وأن الأوبك حالياً عاجزة عن كبح الأسعار رغم أنها تضخ كميات كبيرة من النفط وتفرط بكثير من مقدراتها وثرواتها بأسعار تعتبر زهيدة مقارنة مع السلع العالمية الأخرى وإذا ما تم اتخاذ أي إجراء من شأنه الإضرار بالأوبك فان المتضرر الأول هي الدول المستهلكة وعلى رأسها أمريكا اكبر مستهلك للنفط.