أدخلت الرياح السريعة والمتربة التي شهدتها أجواء المملكة مؤخراً والتي وصلت سرعتها إلى 50 كم /ساعة الفرح والسرور في نفوس المزارعين، حيث أدت تلك (البوارح الشمالية الغربية) التي استمرت لفترة طويلة (مخالفة ما اعتاد الفلاحون عليه في السنوات الماضية) إلى الإسهام في نضج الكثير من المحاصيل الزراعية، وزيادة إنتاجها، وحسب ما ذكره ل «الرياض» المهندس الزراعي حجي العاشور فإن تلك البوارح هذا العام أدت إلى تغلغل الرياح الحارة بين عذوق الرطب ما أدى إلى نضج بواكير الرطب كالغرّ في وقت مبكر جداً، وكذلك الحال ينطبق على الارز الذي تمت زراعته في المشتل قبل نحو 35 يوماً، وأصبح الآن جاهزاً لنقله إلى المشتل (أو كما يسمى لدى الفلاحين بالنقص) وهذه المدة تعتبر قصيرة حيث إنه في مناطق زراعة الأرز لا بد أن يبقى في المشتل لمدة لا تقل عن شهرين! ويعد الأرز بوجه عام من محاصيل الحبوب المهمة حيث يعتبر الغذاء الرئيسي لحوالي نصف سكان العالم، ويعتبر الأرز الحساوي من المحاصيل الصيفية المهمة التي تزرع في الاحساء منذ القدم، وتكون زراعته على طريقة الضواحي التي تكون محاطة بالنخل فيقوم بهذه الطريقة بري الأرز وكذلك النخيل المحيطة بضاحية الأرز فهو بذلك يكون أقل من غيره استهلاكاً للماء، وكان الإنتاج وفيراً في كثير من قرى الأحساء في حينما كانت المياه آنذاك من الوفرة بحيث شجعت الفلاحين على زراعته لكنه في الوقت الحاضر تناقصت المساحات المزروعة بالأرز الحساوي وأصنافه. البشرى هو بدايته «الرياض» التقت في أحد حقول زراعة الأرز بالمزارع عباس علي السلمان «والذي أمضى في زراعة الرز مدة تزيد عن ثلاثين عاماً، فتحدث عن بدء زراعة الأرز فقال بعد نزول الرطب أو كما يسمى لدى الفلاحين (البُشرى) فنأخذ البذور ونزرعها وبعد 40 يوماً تتحول تلك البذور الى شتلات نقوم بنقلها إلى الأرض المخصصة للزراعة، وهي المرحلة التي نقوم بها خلال هذا الأسبوع. ويضيف عباس بقوله : لابد قبل القيام بزراعة الأرز بمدة طويلة نستصلح الأرض عبر حرثها وتنظيفها جيداً من بقايا النباتات ثم رشها بالمبيدات الحشرية وتمشيطها، وأخيراً وضع السماد فتكون الأرض بذلك معدة لزرع الشتلات، وبعد زراعة الشتلات يتم غمرها بصورة كاملة بالماء حيث تسقى الأرض بالماء كل ثلاثة أيام تقريباً لكنه عندما يكبر الرز يحتاج إلى مزيد من الماء بحيث يتم سقيه بصورة يومية لكي يبقى مغموراً بالماء دائماً. وقال عباس بأن البوارح هذا العام نعمة من العزيز الحكيم كونها تؤدي إلى استواء الشتلات بحجم كبير وهذا مما يقلل مدة زرعه ومن ثم التقليل من كمية الماء! وأبان أنهم في كل عام في مثل هذا الوقت كانوا يعانون من شدة الرطوبة التي لا تخدم الرز ولكن هذا العام الوضع قصير. نزرعه رغم الخسارة 7 آلاف ريال ندفعها لفاتورة كهرباء المزرعة كل ثلاثة أشهر بسبب الأرز؟!! بهذه الكلمات اختصر عباس معاناته المادية مع الزراعة بشكل عام وزراعة الأرز على وجه الخصوص وأضاف قائلا : رغم أن زراعة العيش (الرز) الحساوي يكلفني 7 آلاف ريال لفاتورة الكهرباء كل ثلاثة أشهر، ناهيك عن أجار الأيدي العاملة وتوقف المعونة التي كنا نستلمها من وزارة الزراعة لزراعته، إلا أنني أزرعه كوني تعودت منذ أكثر من 30 سنة على زراعته، ولكي لا تتلف الأرض كونها تبقى هكذا بلا زراعة (على حد قوله)!! و يضيف عباس بمرارة فيقول : كنا في الماضي نبيع الموسمية من الرز (100 كغم) ب 2500 ريال وهذا كان مبلغاً يعوض ما نبذله من جهد على زراعته وريه، أما اليوم فتباع الموسمية بمبلغ 600 - 800 ريال فقط!! وحول رؤيته للرز الحساوي يرى عباس أن الرز من منتجات الاحساء الهامة والتي لا غنى للنساء النفساء اللاتي تعودن أن يكون الرز الحساوي وجبة رئيسية عقب الولادة للتقوية! وهنا لابد من الإشارة الى وزارة المياه عندما تسلم الدكتور غازي القصيبي مهامها سابقاً كانت قد حذرت من المحاصيل التي تستنزف كميات كبيرة من المياه كالقمح والشعير ومن بينها كذلك الرز الحساوي!! وزارة الزراعة اتخذت خطوات في ذات الطريق، حيث ووفقاً لما ذكره عدد من الفلاحين ل «الرياض» فقد كانوا يتسلمون معونة الرز (عبارة عن مبلغ رمزي لا يتعدى 300 ريال) ورغم صغر المبلغ إلا أنها قطعتها حفاظاً على ما يبدو على الماء، وبين تحذيرات وزارة المياه وقطع معونة وزارة الزراعة ظل الأحسائيون يزرعون (العيش الحساوي)!!