«جورجي» تلقى ضربة على رأسه وفقد جزءاً من أذنه. واليد اليمنى ل«بني» تحطمت في فخ. وجرى بتر ساق «تامي» التي اخترقها الرصاص، فيما قتلت « غولدن آرو» فنفق وليدها جوعاً. تخوض قرود البابون في شبه جزيرة الكاب في جنوب أفريقيا حرباً شعواء مع جيرانها البشر الذين سئموا من تعرض مطابخهم لغزوات القرود الشاردة التي تمتلك قدرة خارقة على اقتحام المنازل. وتقول جيني تريثوان رئيسة «منظمة شؤون البابون»أن الناس أما يحبون هذه الحيوانات أو يكرهونها، والقسم الكاره هو الأكثر صخباً. وفيما تتحدث جيني، يقفز «وليام» القرد الذكر الشرس البالغ من العمر تسع سنوات فوق سور أحد المنازل ويرقص على سطح دون أن يبالي بنباح الكلاب. وفي النهاية يتمكن أحد «مراقبي» البابون بصفارته وعصاه من إرغام وليام على النزول واللحاق بقطيعه في الغابة حيث تنام القرود أو تمرح بين الأشجار. وتقول تريثوان التي أطلقت اسماً بشرياً على كل قرد بابون في المنطقة، أن «وليام» مشاكس للغاية. وتشرف تريثوان على تسعة مراقبين مهمتهم إبعاد القرود عن قرية كوميتجي والمناطق المأهولة الأخرى القريبة من الحد الجنوبي الأقصى لجنوب أفريقيا وذلك من أجل الحد من احتمال وقوع نزاعات مع البشر. وتشير تريثوان إلى أن مشروعها ساعد على الحد من عدد القرود المقتولة. فقد تم قتل 21 قرد بابون في العام 1999، مقابل ثمانية قرود فقط في السنة الماضية. إلا أن الهجوم وصل إلى صدارة الصحف في شهر مايو الماضي. وتعرب تريثوان عن سخطها لوقوع ضحايا بين القرود. بعد أن أطلق أحد السكان الساخطين النار على بابون وقتله في إحدى ضواحي كيب تاون الفخمة. وعثر على بابون آخر - غولدن آرو - مقتولة في قرية ساحلية بعد إن تلقت تريثوان تهديدات بالهاتف من شخص مجهول. ومات وليد القردة البالغ من العمر خمسة أيام جوعاً رغم محاولات شقيقه «كويزي»للاعتناء به. والخلاف بشأن القرود يسببه السياح الذين يأتون حاملين الآت التصوير إلى هذا الجزء الذي تكثر فيه المناظر الطبيعية الرائعة من البلد ويتجاهلون يافطات التحذير بعدم إطعام القرود تحت طائلة فرض الغرامات المالية. وقد تعودت القرود على المخاطر وأصبحت عدوانية أكثر في بحثها عن المزيد من الطعام. ويقول دايف غاينور، خبير القرود، إن قرد البابون يحصل من نصف رغيف يلقى به إليه على التغذية بمقدار ما يحصل عليه من التغذية من الرعي لمدة أربع ساعات في الغابة. ويضيف غاينور: « عندما يكتشف البابون قيمة الطعام البشري فإنه سيبحث عن هذا الطعام حتماً» . الأمر أشبه بمحل حلويات أبوابه مشرعة بصورة دائمة. ولا أحد يعرف عدد القرود البابون في جنوب أفريقيا، إلا أن الخبراء يقولون أن عدد القرود الموجودة تحت الحماية تتراجع بسبب زحف الإنسان على أماكن عيشها. وهناك ما يتراوح بين 250 و 270 بابون موزعة على 20 إلى 30 قطيعاً حول مدينة كيب تاون. وفي حين أن الإنسان غالباً ما يلجأ إلى العنف ضد البابون إلا أنه ليست هناك حوادث اعتداء بابون على الإنسان مسجلة. ولكن حتى المدافعين عن القرود يعترفون بأنها يمكنها أن تكون مرعبة. وقد قتل حراس الحديقة الوطنية قرداً ذكراً ضخماً في كيب يونيت في السنة الماضية بعد ان أصبح شديد العدوانية في سرقة الأطعمة من السيارات. وتقول تريثوان ان القرود إذا نزلت إلى المنازل للبحث عن الطعام تصبح مدمرة تخرب وتحطم كل شيء. وكثيرون من الناس الذين يشترون منازل في المنطقة لا يتلقون تحذيراً من البائعين أنهم سينقلون إلى مناطق بابون « ساخنة». وتنصح تريثوان مثل هؤلاء القادمين الجدد بإبقاء قاذورات المنازل في أماكن آمنة وإغلاق النوافذ والأبواب وتركيب حواجز منع السرقة أو الأسلاك المكهربة وقطع الأشجار المثمرة وإبقاء خراطيم مياه قوية جاهزة على الدوام.