قضت المحكمة الادارية استعجاليا بإيقاف تنفيذ امرين لرئاسة الحكومة التونسية لتعيين رئيس للمحكمة العقارية ومتفقدا عاما لوزارة العدل دون اللجوء للهيئة الوقتية للقضاء العدلي. وأفاد القاضي محمد العفيف الجعيدي أن قرار المحكمة القاضي بإيقاف تنفيذ الأمرين الحكوميين يكشف بوضوح عن معاينة القضاء الاداري لعيوب شكلية في أوامر السلطة التنفيذية ترجح عدم مشروعية قراراتها وتلزم الاحكام القضائية التي صدرت السلطة التنفيذية بالتراجع عن تفعيل اوامرها وإرجاع الحالة للوضعية التي سبقتها بما يعني عودة المتفقد العام ورئيس المحكمة العقارية لموقعيهما السابقين بصفة قانونية لا لبس فيها...وبيّن الجعيدي أنّ المحكمة الادارية رفضت مجاراة وزير العدل في محاولته ايجاد حاجة لتأويل فصول القانون عدد 13 لسنة 2013 المتعلق ببعث الهيئة الوقتية للقضاء العدلي بغاية ايجاد صلاحيات للسلطة التنفيذية للتدخل في التعيينات القضائية وأكدت المحكمة من خلال أحكامها أن نص القانون لا يقبل التأويل اعتبارا لوضوح صياغته في اسناد صلاحية الاشراف على القضاة في مسارهم المهني للهيئة دون سواها. وكان بالتالي قضاء المحكمة الادارية انتصارا للقضاء التونسي في مواجهته لمحاولات احياء قوانين الحقبة الاستبدادية بغاية استدامة تبعيته للسلطة التنفيذية...ورأى القاضي الجعيدي أنّ قرار المحكمة الادارية ورد في توقيت مميز على اعتبار تزامنهما مع حملة شرسة تعرض لها القضاء التونسي من قبل رموز السلطة الحاكمة والذين حاولوا ان يبرزوا للرأي العام القضاة الذين يطالبون بإلغاء اوامر التعيين كما لو كانوا يرفضون تطبيق القوانين السارية لاعتبارات سياسية ويسعون الى تعطيل عمل وزير العدل من خلال منعه من ممارسة صلاحياته. فبين قرارا المحكمة الادارية بشكل لا لبس فيه أن القضاة كانوا في تحركاتهم الاحتجاجية يوالون القانون ويدافعون عن مؤسسات الدولة ضد محاولات الالتفاف عليها وتوظيفها.ويأتي قرار المحكمة الإدارية على إثر الصراع المتواصل بين السلطتين القضائية والتنفيذية والذي أدى الى قيام القضاة في أكثر من مرة الى الإضراب عن العمل بسبب تدخل السلطة التنفيذية في الشأن القضائي بالعزل والتعيين ونقل القضاة دون الرجوع الى الهيئة الوقتية للقضاء العدلي في مسعى من السلطة الى فرض هيمنتها على القضاء تارة بالترهيب وطورا بالترغيب - حسب جمعية القضاة - .