تدفعه الوحدة، وربما التهميش إلى أن يصبح حكواتياً، وثرثاراً أحياناً، تشير غرفته الصغيرة المنزوية عند مدخل العمارة بالتهميش، لكنه حارس العمارة، والمسؤول عنها، مما يجعله رغم كل ذلك يعتقد أن لديه سلطة على الأقل في محيط مدخل البناية التي يتولى حراستها. وإن كان الحارس يرتبط بصداقات مع غالبي سكان العمائر، إلا أنه كذلك مصدر أخبار سكان العمارة، فمن خلال الحارس يتم التعرف على الساكن الجديد، وكذلك أسرار بعض السكان الآخرين. وإلى وقت ليس بالبعيد، كان حارس العمارة هو ذلك الرجل القاطن في غرفة منزوية بالقرب من مدخل العمارة، إلا أن البنايات الجديدة قد خلت من الحراس في السنوات الأخيرة. وهذا الرجل وإن كان لا يعيره الكثيرون اهتماماً كافياً إلا أنه يرى نفسه مسؤولاً عن الداخل والخارج من تلك البناية، وأن لديه جزءاً من السلطة وإن كانت هشة. لكن حارس العمارة وإن كان صعيدياً يعتمر عمة، أو نوبياً، أو شرق آسيوي يتنازل عن سلطته تلك أمام حفنة من الدراهم يدرها عليه سكان العمارة حين يحمل اسطوانة غاز للدور الثالث، أو حين يقوم بغسيل سيارات السكان. وبالرغم من محدودية قدرات حراس العمائر وصلاحياتهم، إلا أن الملاك يكلفونهم كذلك بتحصيل الإيجارات من ساكني تلك البنايات، مما يمنحهم سلطة أخرى، ويجعل بعض ساكني العمارة المتأخرين في دفع الإيجارات يبالغون في مجاملة ذلك الحارس والثناء عليه. ويبلغ متوسط رواتب حراس العمائر في المملكة 1500ريال، ولا يعتمد الحراس على هذا الراتب، فهم يتقاضون مبالغ أخرى من السكان نظير حمل أكياس النفايات من أمام أبواب الشقق إلى الحاوية في الشارع وكذلك غسيل السيارات، وبعض الخدمات الأخرى. ويعزف ملاك العمائر الجديدة عن توظيف حراس في عمائرهم توفيراً فيما يبدو للرواتب التي قد تدفع لهم، كما أن سياسة تعيين مكاتب عقارية متخصصة في إدارة الأملاك قد أدى إلى استغناء ملاك العمائر السكنية عن الحراس. ولا تزال هناك بعض العمائر القديمة التي لا زال بها حراس في شارع الخزان، والوزير، والملز، وهم حراس يعملون في تلك البنايات منذ أكثر من 20 عاماً. وقد حل الحراس الآسيويون مكان المصريين والنوبيين في بعض العمائر في السنوات الأخيرة بحكم أن رواتبهم أقل. الجدير بالذكر أن فيصل الغزاوي أحد محامي الرئيس العراقي السابق صدام حسين كان يشغل وظيفة حارس عمارة بالعاصمة الأردنية عمان إبان محاكمة الرئيس العراقي بعيد الغزو الأمريكي للعراق.