لا يمكن الاستغناء عنهم في هذا الزمن حيث أصبح وجودهم ضرورة ملحة تمليها الظروف، يقومون بأدوار عديدة ومختلفة ولكنهم مع ذلك في الغالب لا يجدون الرواتب المجزية ولا التأمين الطبي، تحتفظ ذاكرتهم بالعديد من المواقف والذكريات مع السكان، وتجد لديهم أسرار المستأجرين، ومواعيد دخولهم وخروجهم، وأدق التفاصيل، ويقولون إنهم يواجهون مشقات عملهم بالصبر ويرددون «ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل»، إنهم حراس العمائر سدنة البيوت وأمناء أسرارها. «المدينة» تجولت في بعض الأحياء والتقت المخضرمين من هؤلاء الحراس، لنتعرف على حياتهم وطبيعة عملهم.. بعد انتهاء العم أبو صالح (60 عاما) من عمله اليومي والذي اعتاد عليه منذ ثلاثة وعشرين عاما هي مدة عمله حارسا على عمارة سكنية جنوبي جدة، حيث يقوم بتنظيف مدخل العمارة ومتابعة خزان الماء، جلس برهة على إحدى الدرجات أطلق من خلالها تنهيدة مسترجعا الذكريات، إذ يقول: بعد هذا العمر الطويل في الحراسة خرجت بالعداوة من بعض السكان وجملة من الأمراض، ويبدو أنني تورطت في هذا العمل، ولو أنني استقبلت من أمري ما استدبرت لما عملت فيه. ازعاج السكان وأضاف: عند حدوث أي فوضى في العمارة أقوم بزجر الأطفال، لكن للأسف هناك إحدى بنات مالك العمارة تملكت قلب والدها وحبه الشديد لها ولأبنائها حيث قام بتخصيص شقة خاصة لها الأمر الذي يدفع أبناءها للعب والعبث والقيام بالفوضى وإزعاج باقي السكان، ولا يستطيع أحد أن يأمرهم أو ينهاهم عن شيء فلديهم قوة تحميهم، مشيرا إلى أنه إذا حدثت أي فوضى بمدخل العمارة اليوم يقوم بسحب نفسه والذهاب إلى غرفته، فلم يعد يطيق الجدال. راتب 1000ريال ويكشف أبو صالح عن معاناته، حيث سحب منه مالك العمارة تدريجيا بساط المميزات التي كان يتمتع بها، ويقول: عملت أيام شبابي في بيع وشراء الملابس، وبنصيحة أحد الأصدقاء عملت حارسا هنا مقابل 2500 ريال شهريا، إضافة إلى غرفة وتحمل قيمة فواتير الكهرباء والهاتف، ولكن ما لبث المالك أن سحب مني تلك المميزات حيث خفض راتبي إلى 1000 ريال فقط إضافة إلى تحملي قيمة الفواتير، وتجديد إقامتي، وتكاليف العلاج حيث لا يوجد لدي تأمين طبي. أبرز المهام أما محمد سعيد سالم (60عاما) فقد أمضى أكثر من شطر عمره حارسا وأمينا على عدد من العمائر السكنية بجدة، ولخص عصارة تلك السنين بقوله: أهم شيء في عمل الحراس هو إغلاق الباب بحلول منتصف الليل والانتباه من دخول الغرباء وسؤالهم عن وجهتهم، إضافة إلى جمع قيمة صهاريج المياه من الشقق وتخليص الإيجارات، ورمي نفايات السكان في الحاوية المجاورة للعمارة.