يا خشيف الريم، يا بنت المطر يا عنود البيض، ملبوسك حرير يا شعاع الشمس، يا نور القمر يا الذي بالزين ما مثلك يصير الشاعر عبدالعزيز بن غنيم يشبه المعشوقة ربما في إحدى صفاتها ب(بنت المطر) وبنت المطر لها حضورها الجميل في موروثنا الشعبي في الجزيرة العربية ولعل تسميتها بهذا الاسم جاء من كونها لا تشاهد إلا مع نزول المطر خاصة في الصحراء وإلا فما هي إلا دويبة صغيرة تتميز بلونها الأحمر الذي يلفت النظر ولذا فمن الأمثال الشعبية الدارجة (أحمر من بنت المطر) ويرى في لونها المميز بعض النقط السوداء ورأسها أسود كذلك، وربما استخدم بعض الفتيات قديماً لونها الأحمر في تجميل خدودهن. وكان الأطفال يظنون أن بنت المطر تنزل من السماء في حين أن ظهورها من الناحية العلمية ليس بالشيء الغريب وقد يكون المطر سبباً في خروجها أو انتقالها من مكمنها هي وغيرها من المخلوقات الأخرى، ولكن ربما يعيا على التفسير ويتعارض مع المنطق حين تمطر السماء أشياء أخرى غير المطر تتجاوز ظنون الأطفال في بنت المطر إلى عالم العجائب والغرائب الواردة في بعض المصادر التاريخية ومن ذلك ما أورده محمد أمين السكري(ت1933م) في كتابه (سمير الليالي) من الحوادث الجوية الغريبة التي ربما تدخل في باب (صدق أو لا تصدق) فمثلاً يعرف كل الناس أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة إلا أن السكري ذكر أنه في سنة 112ه غيّمت السماء في إحدى الليالي في (دمشق) وأمطرت مطراً شديداً وجد فيه دراهم ودنانير!! ومن الأمور الجميلة التي ذكرها أيضاً ما حدث في سنة 382ه في مدينة (ترمذ) حيث نزل مع المطر عقد من اللؤلؤ!! ولم يقتصر المطر على هذه الأمور وإنما شمل المأكولات والطيور أيضاً حيث أشار إلى أنه في سنة 445 ه نزل في (جدة) مطر عظيم نزل معه كثير من الحنطة والشعير!! وفي سنة475ه نزل مع المطر في مصر كثير من السمسم! وفي سنة 517ه نزل في (البصرة) مع المطر حديد مبرود ودجاج! وفي سنة 623 ه سقط في مصر مع المطر باذنجان! وفي سنة 713 ه نزل في (الأندلس) مع المطر شيء من الطيور!! وكما تمطر السماء أشياء جميلة فقد ذكر السكري أنها تمطر أشياء أخرى مريعة ففي سنة 188ه هطلت الأمطار في (بغداد) 8 أيام سقط فيها رأس مقطوع حملوه إلى الخليفة العباسي هارون الرشيد، وفي سنة 254 ه سقطت في مصر من خلال الغيوم والمطر حيات وعقارب! وفي سنة 379ه سقطت في (بلخ) أمطار غزيرة وخلال ذلك سقط رمح من السماء فعجب الناس من ذلك! وفي سنة 561 ه نزل مع المطر في (دمشق) كلاب صغار! وفي سنة 572 ه نزل في (صنعاء) مع المطر دم ووجد ذئاب صغار!! وفي سنة 695ه نزل في (الاسكندرية) مع المطر سلاحف!! وفي سنة 754ه نزل في (حلب) مع المطر جراد وحيات وعقارب، وأخيراً فقد أمطرت السماء في هولندا أيام لويس الرابع عشر دماً فأصبح الناس وقد خضبت المدينة بالدم واستحالت البحيرات حمراء اللون ففزعوا وعزموا على الخروج منها إلا أن بعض العلماء سكن روعهم بأن ذلك يحدث من تخلل البراغيث في الماء فسكنوا!!أما الشاعر الشعبي فإنه استعار صورة المطر المريع ليقول: عدى الدسيّم راس ضلعٍ رقا فيه في ديرةٍ عسى القنابل مطرها نسأل الله أن يغيث البلاد والعباد بالمطر الصيّب النافع الذي يبتهج به البشر كما تبتهج به (بنت المطر)!