تقف موظفات الاستقبال في المستشفيات والمستوصفات الخاصة حائرات تجاه التعامل مع نظرة المجتمع السلبية، حيث لا تزال تلك النظرات تحمل معها الكثير من التساؤلات، وربما التجاوزات؛ بحثاً عن إجابة ليس للبعض حق في إثارتها بنظرة فضول، او استعطاف، أو حتى إحباط، ولا حتى بطرح سؤال مخجل ومؤسف:"وش حادك على هذا الشغل؟". ويبدو أن ثقة الموظفات السعوديات في أنفسهن كبيرة، وفي إمكاناتهن أكبر، وهو ما تترجمه النجاحات المتواصلة التي تحققت على أيديهن إدارياً وفنياً؛ مما يعزز من حضور المرأة الفاعل في مجتمعها رغم النظرات القاصرة من البعض، حيث ترى البعض منهن أنّ عملهن في هذه الوظيفة واجب إنساني ولا يقبل أي نظرات سلبية لهن، إلى جانب تحمل مسؤولية أسرتها ورعاية شؤونهم الحياتية. بعض موظفات الاستقبال يتخوفن من الإفصاح عن وظيفتهن إخفاء مكان العمل ذكرت "لولو خالد" أنّها تحتفظ بمسماها الوظيفي ومكان عملها؛ خشيةً من النظره الاجتماعية السلبية لها، مؤكّدةً على أنّها تعمل في هذه الوظيفة بحثاً عن إشغال نفسها بما يفيدها، وابتعاداً عن الفراغ بعد انتهاء دراستها، خصوصاً وأنّها من عائله ميسورة الحال، كاشفةً أنّها تخشى من نظرة المجتمع لذويها على أنّهم لا يستطيعون توفير احتياجاتها الخاصة؛ مما جعلها تعمل في هذه الوظيفه المرفوضة اجتماعياً!، مشيرةً إلى أنّ أهلها متقبلون الوظيفة، ومؤمنون بمجهود ابنتهم، لكنهم في الوقت نفسه حريصون على إخفاء موقع ومسمى عملها عن أقاربهم؛ خوفاً من انتقاداتهم الحادة التي قد تجبرهم على إيقاف ابنتهم عن هذا العمل. موظفات الاستقبال نجحن في مهمتهن الإدارية والإنسانية رغم التحديات زوج المستقبل وقالت "روان سعد" -موظفة الاستقبال- "من الخطأ إلصاق هذه السلبيات بعملنا، فهو مثل أي عمل في مضمونه، لكن لا أعلم ما هو السر في اختلاف النظرة، عندما ينتهي المسمى بالتاء المربوطة"، مبيّنةً أنّ البعض يعتبر عمل الموظفات أمراً معيباً ومخزياً؛ مما دفع البعض منهن لإخفاء وظائفهن تماشياً مع العادات والتقاليد، وحفاظاً على مشاعر أسرهن!، مشيرةً إلى أنّها تعمل حتى تعين والدتها وأخيها على أمور الحياة، وعلى الرغم من ذلك، إلاّ أنّ أمها تفضل أن لا تخبر زوجها المستقبلي عن عملها؛ لاّنّ هذه المعلومة كفيلة بأن تجعله ينفر ويترك فكرة الزواج منها. وانتقدت نظرة المجتمع لهذه الوظيفة، واستغربت ربط البعض ترك العمل برضا الأهل، مبيّنة أن لن تترك عملها من أجل اعتراض أي من أفراد مجتمعها؛ لأنّها تحتاج راتبها، على الرغم من أنّها تعاني من ضعفه؛ مما جعلها تسمع لاعتراضات من قبيل: "تقبلين بهذه الوظيفة المهينة من أجل ثلاثة آلاف ريال؟، اتركيها وابحثي عن غيرها بعائد أفضل"، مشيرة إلى المثل القائل: "اللي يده في الماء مو مثل اللي يده في النار" بنات الحمايل! وذكرت "سارة" -موظفة استقبال- أنّه رغم موافقة أهلها وزوجها على العمل كموظفة استقبال، إلاّ أنّ بقية مجتمعها وأقاربها وجيرانها يظهرون الدهشة من تقبلها العمل فيها، مضيفةً: "توالت نظرات الاندهاش لمجرد النطق بمسماي الوظيفي، وكثرت التساؤلات بمدى تقبلي للوظيفة، وكأنّها عمل محرم، بل إنّ بعضهم تطوع بتحريمها، وأخريات تطوعن بالتقليل من شأنها، وأنّها لا يليق ببنات الحمايل"، موضحةً أنّ ذلك لم ولن يؤثر في استمرارها بالعمل. وأكّدت "شيخه الشيباني" -موظفة استقبال- على أنّ المجتمع متناقض في نظرته تجاه هذه الوظيفة، فهو يقبل عمل الأنثى بمراكز الاتصال؛ لبعدها عن الاحتكاك بالمراجعين، ويرفض قطعياً عملها كموظفة استقبال، مضيفة: "باعتقادي أنّ موظفه الاستقبال لا ترتكب أمراً خاطئاً بأي شكل كان على المستوى الأخلاقي، بل هي تؤدي واجباً إنسانياً في خدمة المرضى وإرشادهم بقدر استطاعتها"، معتبرةً أنّ النظره الدونية للعاملات في هذه الوظيفة تهبط من عزيمتهم، وتقلل من شأن ما يقدمونه، حيث تصل أحياناً للشتم، واللعن من بعض المراجعين. وأوضحت "أمل محمد" انّ المراجع قد لا يفهم طبيعة عمل موظفات الاستقبال، ويحملهم مسؤولية تغيير المواعيد، أو عدم رضاه عن الدكتور المتابع لحالته، مبيّنةً أنّ العمل في هذه الوظيفة ليس جميعه سلبيا، فهناك تأثيرات إيجابية على الموظفات، حيث يكتسبن أساليب التعامل مع الأشخاص، ويتعلمن التأني قبل إصدار الأحكام. معدل الرواتب وبيّن "حسن الخضير" -أخصائي موارد بشرية- أنّ هناك إقبالا من قبل المؤسسات والشركات في جميع المجالات على توظيف العنصر النسائي لشغل هذه الوظيفة، لافتاً إلى أنّ هناك تضارباً في ما توده المؤسسات وما يريده المجتمع، حيث أنّ بعض الأماكن قد تكون شبه مختلطة أو مختلطة بالكامل، إضافةً إلى أنّ المكتب قد يكون في واجهة المبنى، وما يترتب على هذا من مضايقات من المراجعين، الذين قد يحملون الموظف المسؤولية التي قد تتخطى مهام عمله. وكشف أنّ معدل الرواتب العام لموظف أو موظفة الاستقبال على وجه العموم لا يتجاوز الأربعة آلاف ريال، وليس هناك فرق بين الجنس أو المستوى التعليمي في ذلك، منوهاً بأنّ للشركات والمؤسسات الاختيار في تعويض النقص الذي يشعر به الموظف، من خلال تقديم آلية معينة من الحوافز الشهرية تضاف للراتب الأساسي، بحسب مزايا كل موظف كنوع من أنواع التحفيز.