عندما تعجز الألسن عن وصف الشعور وتتوه الكلمات وسط المشاعر. وعندما يعتصر الواحد منا الحنين والشوق إلى من فقده ويستذكر السنين والشهور والأيام والدقائق واللحظات التي قضاها ولن ينساها مع من كان له الانيس والجليس والمعلم والمربي وصاحب الفضل والعطاء, مع ابي الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز القضيبي. فهو رجل لم يره احد لا يعرفه الا أحبه ولم يجالسه بعيد عنه الا تمنى عدم مفارقته. فكيف بمن ولد على بياض قلبه ونقاء سريرته وصدق نيته, فالخلق الطيب ولين الجانب وانبساط الوجه والكرم والوصل والطيبة وحب الناس كلها عنوان لشخصه وكلها معان سامية تجسدت فيه رحمة الله واسكنه فسيح جناته. وهذه هي الدنيا ونهايتها الفراق وهذه سنة الله في خلقه (كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ) لقد ودعت الدنيا يا ابي بصمت وهدوء بعد أن غمرتنا منذ طفولتنا بحبك ورعايتك. نعم الأب ونعم المربي وما زلنا نذكر تفاصيل ملامحك.. ونستذكر ابتسامتك .. ونعيش أسلوب تعاملك بكل تفاصيله.. وصوتك واظهار محبتك لنا ولأحفادك واسباطك.. ومازلنا نبحث عن الدفء بين أحضانك وربما سنبقى مقيدين الى هذا الشوق حتى نلقاك.. وها نحن نبحث عن الامان في عينيك التي تراقبنا وتوجهنا وترشدنا. أبي.. لقد علمتنا أن الإنسان بلا دين كالتائه في الحياة.. وكيف تكون علاقتنا بخالقنا.. لقد كنت يا أبي في الأسرة أباً مجتهداً متواصلاً مع جميع الأفراد. صغيراً أو كبيراً.. كنت صاحب دين وخلق وملتزما مصحفك لا تهجره وان تغيرت ملامح صفاحته.. في جيبنك نور سجدتك لله.. وتقواه في نظرتك.. وخشيته في اسلوب حياتك.. كنت اصدق مثال لنا وخير قدوة في دنيانا.. يا الله كم نشتاق اليك يا ابي انا واخواني واخواتي.. وكم نتمنى أن ترجع بنا عجلة الزمن إلى تلك السنين لنبقى كما كنا في خير حياة وتحت ظلك الوارف يا ابي. لك الحمد ولك الشكر يارب على ما أعطيت وما أخذت.. فلله ما أخذ وله ما ابقى. أبي.. لقد غرست فينا ماغرست ومازال غرسك قائماً.. ومشعلك لا ينطفىء.. رحلت يا أبي وكأنك لم ترحل.. أشعر أني التقيك كل دقيقة وأصغي إليك بكل حواسي.. أشعر أني أستشيرك في كل تفاصيل حياتي. رحماك يا ربي بأبي فكما رضيت عنه فوق الارض ارحمه تحت الارض واغفر له يوم العرض وادخله برحمتك الجنة ومن أي الابواب شاء فهو من أهل القرآن والصلاة والصيام وممن يخشاك في الغيب والشهادة وانت به ارحم الراحمين واجمعنا به في جنة النعيم مع الانبياء والصالحين والصدقين والشهداء وحسن اولئك رفيقا.