تبدو الأحداث موحشة اذا هاجمتنا عواصف الأقدار والموت أوحشها، فالدنيا تبدو لطيفةً ودودةً وما تلبث حتى تهب عواصفها المخيفة فتعضنا بنابها عندما يركض الموت إلينا بسرعة فيتخطفنا ولا ندري من ينتهي اليه الدور فهي أقدار الله الحكيم الذي قدر الأقدار ويؤلمنا أن من أتاه ملك الموت هو إنسان بمعنى كلمة انسان فتكون الفاجعة المدمية للقلوب بموت عزيز وكبير نفس وكبير قدر من اجتهد وسارع في الخيرات هو أحد معلمي ومربي أبناء قريتنا الصغيرة (علقة) بمحافظة الزلفي وامام حينا وخليفة خطيب الجمعة والعيدين فيها الشيخ المربي الفاضل عبدالعزيز عبدالله مرعب العمار الذي خدم التربية والتعليم أكثر من ثلاثين عاماً الذي انتقل الى رحمة الله تعالى بإذنه تعالى بالأمس القريب فكان لرحيله وقع صعق الكهرباء على كل أهالي القرية ومن عرفه من الأصدقاء فله منا الدعاء ولأهله منا العزاء فرحيله قد سفك الدموع دماءً فلم يعد بوسعنا الا البكاء. رباه علمني كيف أصبر ألهمني كيف أشكرك عند المصيبة واربط على قلبي فأنا أشعر أني ضعيف عند فراق عزيز وتسح عيوني مطراً منهمراً. ولقد عهدته منذ مايزيد عن عشرين عاماً قابعاً في إحدى زوايا مسجدنا منكباً على قراءة القرآن قبيل إمامته للجماعة ناصحا لله ورسوله ولولي الأمر ولعامة الناس مخلصاً في عمله عندما كان يدرسنا مواد الدين ولا أزال أتذكر بعض المواقف المشرفة المشرقة في حياته العامرة والى وقت قريب عندما كنت أزور قريتي العزيزة (علقة) أذهب له في مسجده لأجده جالساً في نفس الزاوية يقرأ القرآن ويصلي بالناس ولقد كانت مواقفه الخيرة مشهودة وأياديه البيضاء ممدودة واشتهر بتواضعه الجم وابتسامته المعهودة فكانت الابتسامة والوقار لا ينفكان عنه زاهدا ورعاً ولا نزكي على الله أحداً امتلأ الجامع الكبير في القرية مما دل على محبة الناس الجارفة له قبل شهر فقط في العيد كان لقائي به الأخير ورغم اشتداد المرض لكن الابتسامة تأبى مفارقته صابراً محتسباً وأنا يالهي أحاول أن أهش بعصاي أحزان امتدت منذ وفاته وحتى اليوم الهي وحدك من يستطيع طمأنة قلبي الجريح الدامي ووقف نزيف الأحزان والآهات يا من أمرك بين الكاف والنون رحمك الله يا أبا سعود وجعل مثواك الفردوس الأعلى مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.