أثار الملتقى الثاني لتنظيم الأوقاف والذي بدأت فعالياته أمس بالرياض جدلا واسعا بين الحضور حول أجرة الناظر التي يأخذها مقابل نظارته، والتي وصفت بأنها قليلة ويطالب الناظر بزيادتها، أو باهظة وتسعى المحكمة لتقليصها ورد الفائض على مستحقي الوقف. وقال الشيخ حمد بن محمد الرزين القاضي بالمحكمة العامة بالرياض في ورقته التي قدمها في الملتقى الذي تنظمه لجنة الأوقاف بغرفة تجارة وصناعة الرياض إن القضاء له دور رئيسي في تعيين الناظر وتثبيتها وفق رغبته، وأن يجعل للوقف ناظرا بعد مماته أو حين عجزه. وبين الرزين أن القاضي لا يلزم الناظر بأجرة معينه، لكن من حق الواقف والموقف على القاضي أن يرشده إلى ما يراه عادلاً وخادما للوقف، فالأجرة الضئيلة تؤدي إلى ضياع الوقف، والأجرة الباهظة فيها شيء من الجور على المستحقين. وأوضح الرزين أن للمحكمة دورا بارزا فيما إذا قلّ ريع الوقف أو انقطع بالكلية، أو حدث على الوقف أمر طارئ كاختزال بعض أراضيه أو كلها للصالح العام وكان لا بد من إزالته؛ فهنا يكون الإذن باستبدال الوقف الذي ضعف ريعه أو انقطع بإذن من المحكمة، وتحفظ قيمته في حساب خاص يشرف عليه بيت المال لحين شراء البدل. وأضاف الرزين أن أقيام العقارات المختزلة للصالح العام تحفظ في نفس الحساب لحين شراء البدل، وبالإمكان الإذن بإشراك الأموال القليلة المتحصلة من عدة أوقاف في وقف واحد، إذا كان كل مبلغ لا يكفي لشراء بدل، وبالإمكان الإذن للناظر باستثمار المال والمضاربة فيه في عمليات آمنة تأذن بها المحكمة، في جملة أحوال يؤخذ منها أن نظر المحكمة للوقف وأمواله نظرة رعاية واهتمام بالغين. من جهته، أكد الدكتور إبراهيم البيومي غانم أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة زايد في الإمارات في ورقة أخرى أن إقرار الشخصية الاعتبارية المستقلة للوقف تسهل مهمات الجهة المنوط بها الولاية عليه أيضاً محاسبياً ومالياً، كما تسهم في تحديد الصلاحيات والمسئوليات المتعلقة بتلك الجهة، وبما تقوم به من معاملات وعلاقات مع الغير. من جانب آخر، كشف عادل بن محمد الشريف المدير التنفيذي للهيئة العالمية للوقف عضو مجموعة البنك الإسلامي للتنمية أن معظم ممتلكات الأوقاف عبارة عن أراضي غير مستثمرة أو غير مطورة، أو مبان تجارية أو سكنية في العواصم أو المدن الرئيسية أو المواقع الرئيسية الأخرى، ويعود تاريخ بعضها إلى مئات السنين وتم تصنيفها آثاراً إسلامية، كما أن بعض الممتلكات سيئة الصيانة أو لا تدر عائداً مجزياً. وأضاف الشريف أهمية الوقف في المجتمع دفعت البنك الإسلامي للتنمية منذ تأسيسه إلى العناية بتفعيل دور مؤسسة الوقف في الدول الأعضاء وفي المجتمعات الإسلامية في الدول غير الأعضاء، مشيرا إلى أن البنك منذ نشأته اهتم ب"الوقف"، وأنشأ وقف البنك الإسلامي للتنمية الذي توجه عوائده في تمويل عمليات المعونة الخاصة في قطاعي الصحة والتعليم للمجتمعات الإسلامية في الدول غير الأعضاء، وفي برامج المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب التي تركز في جانب منها على إعداد البحوث والدراسات وعقد الندوات في مجال الوقف، والمساهمة في تطوير الأجهزة المشرفة على شؤون الأوقاف وتدريب العاملين فيها، إضافة إلى برامج المنح الدراسية التي يضطلع بها البنك، وبرامج التعاون الفني وتقديم المساعدات الفنية للدول الأعضاء، وفي المساهمة في عمليات الإغاثة عند حدوث الكوارث الطبيعية. ومن جانب آخر، استعرض بدر محمد الراجحي رئيس مجلس نظار أوقاف الشيخ محمد بن عبدالعزيز الراجحي مسيرة أوقاف الشيخ محمد، والتي بدأت متواضعة إلى أن حققت في عام 2010م أرباحا صافية بلغت 350%، فضلا عن تحقيق أرباحٍ في مجال الاستثمارات العقارية بنسبة 33%، وتحقيق أرباحٍ في مجال استثمار الأوراق المالية بنسبة 68%، وتحقيق نموٍ في أرباح مجال الاستثمار السياحي بنسبة 130%. كما تُعدُ مزارع أوقاف الشيخ محمد بن عبدالعزيز الراجحي من أكبر المزارع على مستوى العالم من حيث عدد النخيل، إذ بلغ عددها أكثر من 250 ألف نخلةٍ تُنتج أجود أنواع التمور. ويختتم الملتقى فعالياته اليوم بعقد ثلاث جلسات علمية، يقدم من خلالها تسع أوراق لاستعراض التجارب والخبرات في مجال الأوقاف.