في كل دول العالم التي أعرفها -عدا المملكة ودول مجلس التعاون- تكون رواتب العاملين في القطاع الخاص أكثر من رواتب العاملين في الحكومة وقد تصل النسبة إلى الضعف وأكثر.. وذلك هو المنطق والعدل لعدة أسباب: 1- إن العمل في القطاع الخاص شاق، أصعب من العمل الحكومي بأضعاف، لا مجال فيه للتسيب أو البطالة المقنعة أو التلاعب بالدوام، بعكس القطاع العام في كل دول العالم مع التفاوت حيث تبلغ البطالة المقنعة والتسيب وضعف الإنتاج وكثرة الغياب في الدول النامية أرقاماً قياسية، وتقدر الدراسة أن متوسط الإنتاجية للموظف الحكومي لا يزيد على ساعتين! بل إن كثيراً من موظفي الحكومة يعرقلون العمل ويزحلقون المعاملات ويسخرون من المخلصين في العمل وهم آمنون من (الكرت الأصفر) أما (الأحمر) فهو شبه مستحيل، كما أن الترقيات قد تعتمد على العلاقات الشخصية أكثر من الكفاءة وجودة الإنتاج.. في القطاع الخاص لا يوجد هذا الكلام ولا مجال للتسيب والمجاملة، فهو قائم على الربح والخسارة، ونستثني هنا بعض (الشركات المساهمة) التي لا تزال تدار بثقافة العمل الحكومي. 2- موظف القطاع الخاص عرضة للفصل إذا لم ينضبط وينتج أما زميله موظف القاطع العام فينام قرير العين آمناً من الفصل وربما من الخصم، وإن كانت علاقته بمديره شخصية وجيدة فيبشر بالخير على حساب من هم أكفأ منه. 3- موظف القطاع الخاص ملزم بخدمة العملاء بكل تفانٍ وصبر وبشاشة مهما كانت الأحوال.. أما زميله فقد يرى نفسه سيداً على المراجعين يفعل ما يشاء! أسباب كثيرة تجعل العمل في القطاع الخاص أكثر إرهاقاً وعرضة للمخاطر.. ومع ذلك نجد أن المرتبات في القطاعين تتجه عكس المنطق والواقع، فرواتب موظفي الحكومة -في مجملهم- أكثر من رواتب أمثالهم في القطاع العام ومزاياهم أفضل.. وهذا خلل هيكي من أسباب البطالة والهروب من القطاع الخاص الذي يدعي أن السعوديين لا يصبرون على العمل وهو ادعاء غير منصف لأن هذا القطاع يستعين بعمالة وافدة ترضى برواتب متدنية لأنها في نظر الوافدين تماثل راتب الوزير في بلدانهم.. وبما أن القطاع الخاص لدينا يعتمد على الإنفاق الحكومي والدعم اللامحدود في الطاقة والموارد والقروض ويجني أرباحه الهائلة (من المجتمع السعودي) فإنه يجب عليه وجوباً أن يوظف الشباب السعودي -رجالاً ونساءً- برواتب عالية توازي المهام الشاقة وتتناسب مع الأرباح الكبيرة التي يجنيها القطاع من المجتمع وأن لا تقل نسبة السعودة عن خمسين في المئة مع دفع رواتب مغرية تحفز السعوديين على البقاء والإنتاج والانتماء للمؤسسة التي يعملون فيها.. لابد من إصلاح هذا الخلل الخطير.