عادت الأنشطة التجارية للأسر المنتجة في التواجد مرةً أخرى على الساحة الاقتصادية في المملكة خلال السنوات الأخيرة بعدما اختفت لفترة ليست باليسيرة نتيجة ظهور النفط وارتفاع معدل رفاهية الأسر مما أبعدها عن هذا النشاط، وتأتي هذه العودة من خلال مبادراتها التي تميزت بالجودة والسعي الحثيث من قبلها لتوسيع حجم أعمالها من أجل حصد المزيد من النجاحات ودرّ الربحية المجزية التي ساعدتها في تحسين مستوياتها المعيشية إلى حد كبير وتغطية متطلباتها المالية. بيد أنّ هذه الجهود والمحاولات لازالت تحتاج بشكل ملحوظ إلى الرعاية والدعم بكافة أشكاله من قبل العديد من الجهات المعنية في هذا المجال، والتي تقدم دورها نحو هذه الأسر على استحياءٍ وخجل، فالمردود الاقتصادي للمملكة من هذه الأسرة كبير إن استثمر دورها بالشكل الصحيح، وستمثل قاعدة اقتصادية صلبة لها من خلال تنوع أنشطتها ونموها المستمر إن وجدت الدعم والعناية اللازمين. الدعم والرعاية يحفزان الأسر المنتجة ويفعلان الثقافة الإنتاجية وتتمثل هذه الاحتياجات للأسر المنتجة في تظافر الجهود من عدة جهات حكومية للبدء في توجيه الدورات والبرامج التي تساعدها في تعلم فنون التسويق الحديثة لمنتجاتها والتعامل الجيد مع العوائق والعقبات التي تقف أمام أنشطتها المختلفة، بالإضافة إلى ضرورة تحديث الأنظمة والقوانين التي تعنى بها؛ لتحفيزها وفتح أبواب المنافسة أمامها بكل حرّية، ووجود استراتيجية ذات أهداف محددة وواضحة وذات أُطُر زمنية محددة كمقياس لتقدمها ونجاحها. من جانبهم يؤكد الاقتصاديون أهمية الدور الذي تمثله الأسر المنتجة عبر خدمتها لقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة بشكل كبير؛ ومساعدتها في حلّ مشكلة البطالة عبر إيجاد فرص العمل الجديدة وتنشيط الحركة الاقتصادية من خلال حرصها على التوسع والنمو وتحقيق الأرباح المجزية، مشيرين في الوقت ذاته إلى أن هذه المشاريع التي تقوم عليها الأسر المنتجة بحاجة ماسة إلى تطوير الأنظمة والقوانين الخاصة بها. وأبدوا تأييدهم التام لتحويل الأسر إلى منتجة ونشر هذه الثقافة، كون هذا التحول يوفر لها العيش الكريم عبر دخلٍ مستقرٍ ومجز، وأن ما نعانيه في المملكة بالوقت الراهن هو انتفاء ثقافة الإنتاجية فتجد غالبية أفراد المجتمع يقومون بشراء مستلزماتهم ولا يفكرون على الإطلاق في إنتاج سلعةٍ معينةٍ تلبي الطلب المحلي. د. صلاح الشلهوب وذكروا أن التحدي الأكبر الذي يواجه الأسر المنتجة هو عدم وجود أنظمة وقوانين ترتب هذا القطاع المهم والحيوي لا سيما الأسر المنتجة في مجال الغذاء. وطالبوا بوجود استراتيجية خاصة بها ذات أهداف محددة؛ لتنميتها في مختلف مناطق المملكة، وإجراء مسوحات ميدانية لتوفير قاعدة بيانات تتفاعل مع جميع المستجدات التي تطرأ على هذه الشريحة، بالإضافة إلى حاضنات الأعمال لمثل هذه المبادرات؛ من أجل مساعدتها على النمو والنهوض، وإلا سيتم القضاء على هذه الأسر. ونوهوا بالتجارب الناجحة في المملكة كالأسر المنتجة في القصيم والتي أثبتت وجودها وتقدمها بفاعلية بفضل الله -جل وعلا- ثم بالدعم والرعاية الذي توفره لها «جمعية حرفة النسائية» التي تقوم على تشغيل الأسر المنتجة والإشراف عليها عبر تقديم المشورة والإرشاد لها. من جهته أوضح الدكتور صلاح الشلهوب أن الأسر المنتجة في المملكة ستقوم -إن دُعمت- بخدمة قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة بشكل كبير؛ كونها القاعدة الصلبة للاقتصاد بالإضافة إلى مساهمتها في إيجاد فرص عمل جديدة، كما أن طموحها المتواصل في التوسع والنمو يسهم في وجود حركة اقتصادية نشطة وبالتالي فرص وظيفية جديدة. ودعا الشلهوب إلى تطوير الأنظمة والقوانين الخاصة بها؛ لرعايتها بالشكل الصحيح الذي يحقق الفائدة المرجوة منها فهي الآن تخضع للدعم المفتوح والغير مرتب، وإيجاد استراتيجية واضحة المعالم ومحددة الأهداف في مختلف مناطق المملكة. وبين أن مجال أنشطة الأسر المنتجة قد توسع بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، واستطاعت عبر ذلك أن تحقق عوائد ربحية مجزية وعقد شراكات جديدة مع أسر منتجة أخرى في ذات النشاط، إلا أنها لا زالت في حاجة ماسة إلى رفع معدل التوعية لديها وحصولها على دورات وبرامج مناسبة فيما يخص أنشطتها وكيفية تنمية مشاريعها وطُرق التعامل مع العوائق والعقبات التي تقف أمامها، بالإضافة إلى إتقان فنون التسويق الحديثة، وإجراء مسوحات ميدانية؛ لتوفير قاعدة بيانات تحدد احتياجات هذه الأسر واستنساخ فكرة حاضنات الأعمال؛ لاحتضان مبادرات هذه الأسر. وحول أهمية تحول الأسر إلى منتجة قال الخبير الاقتصادي فضل البوعينين إن تحولها إلى منتجة يعد من الأدوات التي توفر لها العيش الكريم من خلال ضمانها دخلاً مستقراً يكفل لها العوائد الربحية المجزية، وتحويل الأسر إلى منتجة -بصرف النظر عن الحاجة المادية لها- يدعم أفراد هذه الأسر على وجه الخصوص وبالتالي دعم اقتصاد المنطقة ونشر الثقافة الإنتاجية في أوساط المجتمع، فأكثر ما يعانيه المجتمع المحلي هو عدم وجود الثقافة الإنتاجية، لذلك يتوجه جلّ الأفراد إلى شراء احتياجاتهم دون التفكير في إنتاج سلعة معينة. وحدد البوعينين أهم التحديات والعقبات التي تواجه الأسر المنتجة في الأنظمة والقوانين التي لا ترقى إلى آمالها وتطلعاتها لا سيما الأسر المنتجة في مجال الأغذية، وإن استمرارية الوضع على ما هو عليه الآن سيهدد مصير هذه الأسر خلال قادم الأيام. وأشار إلى أن هنالك بعض التجارب الناجحة والمميزة كالأسر المنتجة في القصيم، حيث تعدّ من التجارب الناجحة على مستوى المملكة بفضل الله -عز وجل- ثم بالدعم والرعاية الذي تجده هذه الأسر من «جمعية حرفة النسائية» التي تقوم على تشغيلها والإشراف عليها وتقديم المشورة والإرشاد لها. وأضاف البوعينين بأن الجدوى الاقتصادية لهذه الأسر بالغة الأثر؛ كونها أفضل الوسائل في معالجة البطالة من خلال تحويل أفراد المجتمع إلى منتجين وفاعلين، وبالتالي ضمان الفرص الوظيفية لا سيما للمرأة من داخل حدود منزلها، وبذلك ستكون في غنى تام عن طلب الوظيفة. فضل البوعينين